انتقادات كثيرة طالت فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد الموسم الماضي بسبب خروج الفريق خالي الوفاض في واحد من أسوأ مواسمه، خاصة أن الجماهير تعودت على الألقاب كل موسم.
والانتقاد هذه المرة كان على سياسة النادي التي كانت تعتمد على شراء النجوم ودخلت في المواسم الأخيرة في مرحلة جديدة وهي تطبيق سياسة التقشف.
هذا الأمر فسره رئيس النادي بإعادة بناء ملعب ريال مدريد الذي بدأ مع يناير الماضي ويمتد لغاية 2021، لكن الفريق الذي كان يملك أفضل النجوم في أوروبا تخلى الموسم الماضي عن نجمه كريستيانو رونالدو دون التعاقد مع بديل مناسب له ولو أن الدولي البرتغالي ساهم بشكل كبير في ألقاب دوري الأبطال الثلاثة الأخيرة التي حققها ريال مدريد.
وفي أول رد من بيريز، تمكن النادي هذا الصيف من الحصول على خدمات إيدين هازارد نجم تشيلسي، وفي الوقت الحالي يواصل فلورنتينو بيريز تطبيق استراتيجيته التي اعتمد عليها في آخر عدة مواسم والمتمثلة في التعاقد مع المواهب الشابة لرسم مستقبل الفريق.
كوبو "ميسي اليابان"
سجل الياباني صاحب الـ 18 عاماً حضوراً رائعاً خلال النسخة الأخيرة من بطولة كوبا أميركا خاصة أمام تشيلي بعد أن أذهل العالم بقدرته العالية على المراوغة لينضم لقائمة الموهوبين الواعدين بريال مدريد، حيث باتت القائمة طويلة مع تألق فينيسيوس جونيور ورودريغو جوس وفيدريكو فالفيردي وبراهيم دياز وفيرلان ميندي وألفارو أودريوزولا ومارتن أوديغارد، وجميعم يمثلون أسماء واعدة تبشر بمستقبل كبير بالمدى القريب.
كالافات... كشاف المواهب
كما نجح ريال مدريد في ضم جوهرة شابة جديدة اكتشفها مسؤول البحث عن المواهب في النادي جوردي كالافات، المتمثل في فيرناندو ديغادو غيريرو القادم من رايو ماخاداوندا.
هذا اللاعب صاحب الـ 17 عاماً الذي بلغت قيمته 3 ملايين يورو سيلعب مع فريق كاستيا تحت قيادة أسطورة النادي راوول غونزاليز المدير الفني الحالي.
هذه الأسماء تمثل تنوعاً كبيراً بالمراكز ما بين الأظهرة والارتكاز والهجوم، هذا كله بعد استبعاد أسماء ماركوس يورينتي وماركو آسينسيو التي من المتوقع رحيلها هذا الصيف، وقرب انضمام داني سيبايوس لارسنال أو ميلان.
يمكن القول أن ريال مدريد قادر على بناء شبه فريق بالكامل من اللاعبين الذين لم يتجاوزوا سن الـ 23.
مشكلة معظم هؤلاء اللاعبين أن سنهم ما زال يقل عن 20 عاماً مثل فينيسيوس ودياز ورودريغو وكوبو وهؤلاء يحتاجون لعناية خاصة للغاية ومع قدوم هازارد وإمكانية التعاقد مع نجم جديد في خط الهجوم بعد استقطاب لوكا يوفيتش، يبدو من الواضح أن معظم هؤلاء اللاعبين لن يحصلوا على فرصة كافية مع الفريق الأول ووجودهم في الفريق الرديف لوقت طويل لن يساعدهم على التطور كونهم بحاجة للعب بمستوى عالٍ من أجل التطور وهذا يتطلب إعارتهم، لكن المشكلة حالياً أن معظم الأندية الكبيرة لا تقبل الحصول على لاعب شاب حتى تقدمه لفريق كبير آخر على طبق من ذهب فيما بعد.
إعارة اللاعبين الشبان
يتمثل الحل بإرسال هؤلاء اللاعبين على سبيل الإعارة لأندية متوسطة أو ما دون ذلك في الدوري الإسباني حتى يحصلوا على فرصة اللعب بشكل دائم، على غرار ما حصل مع يورينتي.
بعد عامين تتم إعارتهم لريال مدريد كي يكونوا جاهزين لخدمة الفريق الأول والمنطق يقول أن ثلاثة على الأقل من أوديغارد الذي فضل خوض تجربة جديدة في ريال سوسييداد لمدة موسمين على سبيل الإعارة، وفينيسيوس ورودريغو وكوبو ودياز يجب أن يخرجوا على سبيل الإعارة.
في المقابل، يلتقي معظم اللاعبين الجدد تقريباً بالمناطق الأمامية في حين لا يبدو أن الإدارة تحضر خطة جديدة لتحسين حال قلبي الدفاع بعد الأخطاء الكثيرة التي وقع بها سيرخيو راموس ورافاييل فاران تحديداً الموسم الماضي، فإيدير ميليتاو وفاييخو بحاجة للكثير من الوقت والعمل كي يثبتا ذاتهما، والمشكلة الكبرى تكمن في أن بيريز عاد للعهد القديم الذي يركز من خلاله بشكل كبير على ضم عدد كبير من النجوم ذوي النزعة الهجومية على حساب الدفاع.
بناء فريق جديد
يمكن لريال مدريد أن يبني فريقاً خارقاً يقوده لتحقيق عهد طويل من النجاحات، لكن العامين المقبلين سيكونان بغاية الخطورة على الجيل الجديد والعمل على تطويرهم وإعطائهم الفرص من الضروري أن يحدث حالياً كي لا يتحولوا لمجرد أسماء واعدة فقدت بريقها مبكراً جراء قلة المشاركات.
استراتيجية طويلة المدى
بدأ بيريز هذه الإستراتيجية عام 2014 حتى يقلل من حجم النفقات بما أن الألقاب حاضرة، وحصل ريال مدريد على نسخ متتالية من دوري الأبطال رغم أن إنفاقاته كانت قليلة جداً لو تم مقارنتها بغريمه برشلونة، وتمثلت الاستراتيجية الجديدة بالتوقيع مع المواهب الشابة، وذلك سعياً من الإدارة للظفر بخدماتها قبل أن تنفجر وتتحول أسعارها إلى مبالغ باهظة.
لكن هذه الاستراتيجية تنطوي على بعض المغامرة أحياناً، فبعض الصفقات فشلت ولم يستفد الملكي منها، لكن في المقابل ثمة صفقات أخرى حققت نجاحات كبيرة، ففي 2014 أعلن ريال مدريد حسم صفقة الشاب ماركو أسينسيو (19 عاماً حينها) من مايوركا مقابل حوالي 4 ملايين يورو فقط.
بعد التعاقد مع آسينسيو أعاره ريال لموسم واحد لنفس النادي (مايوركا)، ثم إلى إسبانيول، قبل أن يبدأ الدفاع عن ألوان الميرينغي صيف عام 2016.
تألق آسينسيو بشكل لافت في نادي العاصمة الإسبانية، وساهم في تتويجه بتسعة ألقاب، رغم التهميش الذي كان عاناه الموسم الماضي، لكن الآمال ما زالت معقودة عليه بعد عودة زين الدين زيدان لتدريب الفريق، بما أن لاعب الفريق السابق يعرف جيداً كيفية توظيفه.
أوديغارد يختار سوسييداد
اختار النرويجي أن يبدأ مرحلة الحصول على مركز أساسي في تشكيلة ريال مدريد من خلال خوض تجربة رفقة سوسييداد الذي سيمضي معه موسمين على سبيل الإعارة.
وقد ضم ريال مدريد الموهبة النرويجية مطلع عام 2015 حينما كان يبلغ السادسة عشرة من عمره قادماً من سترومسغودست.
ونجحت إدارة ريال مدريد في ضم أوديغارد بعد منافسة شرسة مع أندية عدة سعت إلى خطب وده أبرزها برشلونة وبايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند وآرسنال وليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد.
تجربة أوديغارد لم تكن كآسينسيو، إذ لم يحقق النجاح المأمول، بعدما ظل لموسمين مع الفريق الرديف لريال مدريد، وخاض مباراة واحدة فقط مع الفريق الأول، فتمت إعارته بعد ذلك لهيرينفين ثم فيتيسه آرنهايم.
لوكاس سيلفا ومشاكل القلب
لم يتحقق حلم اللاعب البرازيلي مثلما أراده حيث وبعد فترة وجيزة من تعاقد ريال مدريد معه من كروزيرو، خاض سيلفا بالفعل بعض المباريات مع الفريق الأول، لكن تبين معاناته من مشاكل في القلب، فتمت إعارته إلى مرسيليا ثم إلى ناديه الأصلي كروزيرو.
كما ضم ريال مدريد الشاب خيسوس فاييخو من ريال سرقسطة، وأبقاه مع ناديه على سبيل الإعارة لموسم واحد ثم أعاره إلى آينتراخت فرانكفورت، قبل أن يستعيده.
كذلك حرص ريال على ضم لاعب الوسط الموهوب داني سيبايوس من ريال بيتيس بعد منافسة قوية مع غريمه برشلونة، وبعد موسم أول مخيب للآمال، بدأ يتألق في الموسم الثاني وأثبت جدارته بارتداء قميص الملكي ليشد الرحال هذا الصيف إما لآرسنال أو لميلان لمدة موسم واحد على سبيل الإعارة.
فينيسيوس جونيور الموهبة التي تحتاج للتطوير
أشاد العديد من المتتبعين بأداء البرازيلي الشاب حيث اعتبره البعض النجم القادم للفريق الملكي، لكن سرعان ما تغيرت الآراء في تقييمه رغم امتلاكه الأساسيات التي ترشحه للنجومية لكن مشكلته الوحيدة في عدم تأقلمه بسرعة مع أجواء ريال، بالإضافة لغياب مدرب يمكنه أن يطور قدراته، وهذا ما جعل الكثيرين ينتقدون جولين لوبيتيغي في بداية إشرافه على ريال مدريد.
لكن عودة زيدان دفعت الكثيرين للتحدث عن قدرته في تطوير مستوى فينيسيوس وجعله اللاعب الحاسم في تشكيلة ريال مثلما حدث مع آسينسيو قبل موسمين.
زيدان يتمسك بدياز
توقع الكثيرون رحيل براهيم دياز عن ريال مدريد على سبيل الإعارة مثلما سيحدث لزميله سيبايوس، لكن زيدان فضل الإبقاء عليه بعد أن ثبت اللاعب الشاب أقدامه بين الكبار وجذب الانتباه خلال التدريبات الأولى.
ويرى زيدان أن دياز لاعب يمكنه أن يقدم الكثير، ويعتقد أن لديه مكاناً ضمن الفريق خلال الموسم الجديد، لكن ينبغي على اللاعب الشاب أن يثبت ذلك في المباريات الودية القادمة.