ديوكوفيتش... مطلوب!

تاريخ النشر: 11 فبراير 2013 - 10:51 GMT
البوابة
البوابة

يبدو موقف الصربي نوفاك ديوكوفيتش في مضمار كرة المضرب مشابهاً لوضعية فريق برشلونة في ملاعب كرة القدم، فالجميع يريدون رأسه، كما أنه المرشح الأول للتتويج بلقب أية بطولة يخوض غمارها، ليس هذا فحسب، بل إنه يتطلع دوماً لتحقيق المزيد بغية وشم هذه الحقبة بطابعه الخاص.

شهد يوم الأحد قبل الماضي تتويج ديوكوفيتش بلقب بطولة استراليا المفتوحة أولى البطولات الأربع الكبرى "الغراند سلام"، للمرة الثالثة توالياً والرابعة في مسيرته إثر فوزه المدوي على البريطاني أندي موراي 6-7 (2-7)، 7-6 (6-3)، 6-3 ،6-2 في المباراة النهائية التي أقيمت بينهما على ملعب رود لايفر آرينا في ملبورن.

وبات ديوكوفيتش (25 عاماً) الذي حقق أمام موراي فوزه الحادي والعشرين في آخر 22 مباراة، أول لاعب في حقبة البطولات المفتوحة يتوج في استراليا للمرة الثالثة توالياً، والثالث في تاريخ البطولة الاسترالية خلال حقبتي الهواة والمحترفين يحقق هذا الإنجاز بعد الاستراليين جاك كروفورد (بين 1931 و1933)، وروي إيمرسون الفائز بها خمس مرات (بين 1963 و1967).

ورفع "نوله" رصيده إلى ستة ألقاب كبرى، أربعة منها في استراليا (2008 و2011 و2012 و2013)، إضافة إلى ويمبلدون الإنجليزية (2011)، وفلاشينغ ميدوز الأميركية (2011).

ويقول ديوكوفيتش: "الأهم بالنسبة لي الآن هو الاستمتاع بالفوز. لا تحظى بالكثير من الفرص في حياتك للفوز بألقاب الغراند سلام. أما كلاعب كرة مضرب، فهذا الأمر يعتبر ذروة طموحك ونجاحك".

وأكد أنه تمتع بشعور الاحتفال والنجاح بعد التتويج الأخير في استراليا "لبضعة أيام" مع المقربين له من أسرته وأصدقائه وأعضاء فريقه.

وأشار إلى أن عبق بطولة رولان غاروس ثانية البطولات الأربع الكبرى، والذي لا يمكن أن يخطئه أبداً، هو ما يملأ الجو حالياً، وقال: "لا تزال أمامنا خمسة أو ستة أشهر قبل بطولة فرنسا المفتوحة. لا شك في أني أريد قطع الطريق إلى النهاية في فرنسا".

ووصف نهائي العام الماضي الذي خسره أمام الإسباني رافاييل نادال بأنه شكل مباراة رائعة، مضيفاً أن خصمه: "سيظل دائماً المرشح الأقوى للفوز بهذه البطولة، كما أنه أفضل لاعب يمكن مواجهته على الملاعب الرملية، لكني اعتقد أني إذا حافظت على مستواي الجيد وصحتي، فقد تكون أمامي فرصة للتتويج في فرنسا".

وحصل الصربي على أكثر من 2.5 مليون دولار في استراليا، بعدما رفع القيمون على البطولة جوائزها المالية بنسبة 20 في المئة، استجابة لمطالب اللاعبين وتهديداتهم بمقاطعتها العام الماضي.

وقال: "ماذا تريد أكثر من هذه الجائزة حافزاً لتحقيق الفوز؟ مجرد النظر إلى الكأس وقراءة أسماء الفائزين بالبطولة في السنوات الخمسين أو المئة أمر رائع حقاً. تحقيق إنجاز تاريخي جديد، والفوز باللقب ثلاث مرات متتالية يعتبر نجاحاً مذهلاً".

وبات في جعبة ديوكوفيتش 35 لقباً منذ احترافه عام 2003، وأصبح في 4 تموز 2011 بعد يوم واحد على تتويجه في ويمبلدون، اللاعب الخامس والعشرين الذي يتصدر لائحة التصنيف العالمي للاعبين المحترفين.

بدأت رحلة المجد مع ديوكوفيتش عندما كان في عمر السادسة، إذ استرعى انتباه ييلينا غنسيتش التي اكتشفت بطلة العالم السابقة اليوغوسلافية مونيكا سيليش.

وقالت غنسيتش للموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة المضرب: "عندما جاءني نوفاك الصغير، احتجت إلى أسبوع فقط كي اتأكد من طاقته. في اليوم الخامس، سألته أمام والديه: نوفاك، هل ترغب في أن تمضي الأعوام السبعة أو الثمانية في تمارين يومية قاسية، أحياناً بسعادة وأحياناً غارقاً في الدموع؟ قال: نعم، أريد أن أكون عظيماً. كان في عمر السادسة فقط، لكن التصميم كان واضحاً في عينيه، وكان لديه قلب البطل وروحه. كنت متأكدة أنه سيحقق هدفه".

غالباً ما كان ديوكوفيتش يرافق غنسيتش بعد التمارين الليلية الى شقتها في بلغراد لمشاهدة مباريات أبطال وبطلات كرة المضرب.

"ربما هكذا نجح بتقليد حركات بقية اللاعبين. كان يعشق مشاهدة مباريات الأبطال على غرار الأميركي أندريه آغاسي ومواطنه بيت سامبراس والسويدي ستيفان إيدبيرغ. كان يقول لي: أرجوك ييلينا، اشرحي لي كيف يمكن لسامبراس أن يضرب الكرة الأمامية بخط مستقيم وهو يركض؟ ثم كنت أقول لهذا الصبي، أي قدم ينبغي إيقافها وأي قدم يجب نقل الوزن عليها وهكذا دواليك. وتعلمون، لم يرفع عينيه عني طوال وقت شرح التقنيات. كان الطفل متعطشاً لتعلم كرة المضرب".

وكشفت: "استخدمت الموسيقى الكلاسيكية لأعلمه تصور الكرات. كان يسمع القطعة، ثم أسأله ماذا فهم منها. مرة وبعد سماعه قطعة لافتتاحية تشايكوفسكي 1812 قال لي: قلبي يشعر بالهناء. وجلدي يشبه جلد الأوز. هل تتخيلون أن يشعر ولد بعمر السابعة هكذا وينطق بهذه الكلمات؟".

لم ينس ديوكوفيتش يوماً فضل غنسيتش، ويتذكر أيام الطفولة: "اتذكرها ترفع السقف عالياً في وقت مبكر من مسيرتي، كنّا نحلل مباريات اللاعبين الكبار كي نصل إلى عقلية الفوز. علمتني أيضاً كيف أرفع ثقتي بنفسي وأكون متفانياً لهذه الرياضة".

يقول النجم السويدي ماتس فيلاندر: "اعتقد ان عقلية المغامر تحسنت كثيراً لديه. لم يعد أحد يعرف بماذا يفكر، إذ لا يمكن التنبؤ بعد الآن بتعابير وجهه. إذا حصلت قوته الذهنية على علامة 5 أو 6 سابقاً، أعطيه الآن 10 على 10".

وعلى رغم الأضواء التي تحيط به، بقي نوفاك متفانياً في العمل، والتمارين في صالة اللياقة البدنية، والنظام الغذائي الممنهج وجلسات حضور الأفلام قبل المباريات.

ويقول البطل الكرواتي السابق غوران إيفانيسيفيتش: "لقد تحسن إرساله بالطبع. لكنه أصبح أكثر عدوانية الآن (...) برأيي، كان دفاعياً أكثر من اللازم سابقاً وكان مميزاً في ذلك. الآن تحسن هجومه كثيراً".

إنه زمن نوفاك ديوكوفيتش في عالم الكرة الصفراء، وهو يدرك تماماً أن المحافظة على القمة أصعب بكثير من الوصول اليها، ولعل الامتحان الجدي المقبل الذي ينتظره يتمثل في بطولة رولان غاروس بضعة اشهر.

نادال سيعود يوماً من الإصابة، السويسري روجيه فيديرر لم يرمِ المنديل حتى الساعة، وموراي لا يبدو جاهزاً للاستسلام.

إن عاد هؤلاء إلى القمة أو احتلوها، فإن ذلك سيكون على حساب ديوكوفيتش نفسه، والذي لا يبدو مستعداً للتنازل عن المنزلة التي بات يحتلها في نادي عمالقة كرة المضرب.