فرض «كوفيد-19» شللاً شبه كامل على الأحداث والمنافسات الرياضية حول العالم منذ منتصف مارس الفائت، مما أدى إلى تداعيات مالية قاسية على الأندية واللاعبين والهيئات وأصحاب المصالح.
بعيداً عن بعض الاستثناءات، مثل كرة القدم في بيلاروسيا والسباقات في هونغ كونغ وأستراليا، فإن فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة أكثر من 355 ألف شخص، أوقف غالبية المنافسات حول العالم التي بدأت تعاود نشاطها تدريجياً في الأسابيع الاخيرة، فيما ينتظر البعض الآخر دوره.
يرى المدير التسويقي السابق في اللجنة الأولمبية الدولية الإيرلندي مايكل باين أنه على الرغم أن طريق الخروج من الأزمة سيكون مؤلماً، إلا أن الرياضة ستعود بصحة أفضل وأقوى من قبل.
وفي الوقت الذي يحذر وجهٌ بارز في مجال الإعلان منظمي الأولمبياد وكأس أوروبا لكرة القدم اللذين أرجئا من العام الحالي إلى صيف 2021 من أن إعادة تنظيمهما ستكون صعبة وحذرة، إلا أن المدير التنفيذي السابق لفورميولا ون البريطاني بيرني إيكلستون يرى أن المشجع العادي سيكون سعيداً بمجرد عودة المنافسات الرياضية.
ويقول باين الذي أمضى قرابة عقدين من الزمن في اللجنة الدولية ويُنسب إليه دور بارز في الترويج لعلامتها التجارية وجذب الرعاة إليها، أن هذه الأزمة المفاجئة كشفت مدى عدم جهوزية عالم الرياضة.
وأشار إلى أنه «أكانت اتحادات رياضية دولية، أندية كرة قدم أم فرق فورميولا ون، فإن غالبيتها كانت تعمل فوق إمكانياتها المادية. عدد قليل فقط من الهيئات أو الاتحادات كان لديه أموال مخصصة ليوم أسود. الأزمة كانت بمثابة أكبر جرس إنذار على الإطلاق».
ويشرح باين (62 عاماً) أنه لاستخلاص الدروس، يعود دوماً إلى أكبر أزمة واجهها شخصياً: فضيحة عام 1999 المتعلقة بأولمبياد سولت لايك سيتي الشتوي 2002 التي أدت إلى استقالة وإقالة مسؤولين كبار في اللجنة المحلية المنظمة واللجنة الدولية بسبب فضائح رشاوة.
ويقول: «أخبرني كبار رجال الأعمال في ذلك الوقت أن مقياس القيادة هو كيف تستفيد من أزمة حاصلة، حتى تخرج منها بطريقة أقوى في النهاية. كان الأمر مؤلماً جداً حينها، لكن في نهاية المطاف أنظر إلى الوراء وأقول أن العديد من الأمور الإيجابية نتجت عنها»، مؤكداً أن الرياضة بحاجة إلى قيادة مماثلة الآن تتخذ قرارات صعبة وغير شعبية.
«ما كان غير مقبول سياسياً سابقاً، سيصبح ممكناً الآن ربما. ستكون الرياضة أكثر ليونة وقوة».
ويؤكد باين أن على أندية كرة القدم التقليص من إنفاقها لأن الإيرادات من بيع التذاكر «ستستغرق بعض الوقت لتعود. سيتوجب على القيمين إجراء هندسة مالية كبيرة لإدارة الأعمال».
وفي حال أجازت السلطات المعنية وجود الجماهير في الأحداث الرياضية العام المقبل، لا سيما خلال الألعاب الأولمبية وكأس أوروبا، فمن المرجح أن تفرض إجراءات التباعد الاجتماعي في المنشآت والملاعب.
ويعتبر مارتن سوريل الخبير البريطاني المخضرم في مجال الإعلان ومؤسس شركة «دبليو بي بي» الرائدة أن الرياضة في سباق مع الوقت، حيث يقول: «أعتقد أن الأمر سيكون حذراً جداً (لمنظمي أولمبياد طوكيو) لأن عليهم أن ينظموا الأمور منذ الآن وإجراء التعديلات، وهو أمر معقد للغاية».
وتابع «فلنسمه تباعداً جسدياً، لأنه من هذا المنطلق ليس اجتماعياً أن تبتعد عن الأشخاص. الأمر ذاته بالنسبة ليورو 2021. هل سيكون المنظمون على حق في حال أقاموا البطولة خلف أبواب موصدة أو قلصوا عدد الجماهير في الملاعب؟»
بدوره، يرى تيرينس بيرنز الذي ساهم منذ أن ترك منصب المدير التسويقي في اللجنة الأولمبية الدولية في فوز خمس مدن بحق استضافة الألعاب الأولمبية أن فرض قيود وإجراءات على المشجعين سيحرم الأحداث الرياضية الكبرى «جزءاً من خصوصيتها ورونقها».
مع ذلك، يبدو بيرنز متفائلاً بشأن مستقبل الرعاة لكنه يتوقع أن يكونوا أكثر دقة في اختيار مشاريعهم.
ويقول: «ستكون الرياضة دائماً عنصراً رئيسياً في استراتيجية التسويق والترويج للعلامات التجارية نظراً إلى فعاليتها العاطفية.
«عطفاً على ذلك، لا أتوقع تراجع عمل الرعاة عالمياً، لكنهم سيكونون أكثر حذراً ودقة في المكان الذي ينفقون فيه أموالهم، هذا يعني أن على الرياضة أن تعمل بجهد أكبر، وفي بعض الأحيان سيتحتم عليها أن تجدد نفسها، لجذب رعاة كانت تضمنهم سابقاً».
أما إيكليستون العراب السابق لبطولة العالم لفورميولا ون فيعتبر أن أمنيات الجماهير والمشجعين لن تكون معقدة، حيث يقول: «في الوقت الراهن، ما هي الأحاديث العائلية باستثناء فيروس كورونا؟ بالكاد تبعث على الارتياح وهو أمر تريد مناقشته، لكن الناس يناقشون كيفية تأثيره عليهم أو أفضل طريقة لتجنب الإصابة».
ويردف أنه في وقت «لا يملك أي منا فكرة» عن النواحي العلمية الخاصة بفيروس «كوفيد-19» فإن «الناس يملكون آراء عن الرياضة، عن فرقهم المفضلة ومن يرغبون أن يفوز».
ويختم «ما أن تعود (الرياضة)، سيشكل ذلك دفعة معنوية للناس».
