إسبانيا للقب ثالث كبير وإيطاليا لفرض وجودها برؤية متجددة

تاريخ النشر: 14 مايو 2012 - 01:07 GMT
البوابة
البوابة

نواصل استعراض التحقيقات الخاصة ببطولة أوروبا بكرة القدم (يورو 2012)، التي تقام في بولندا وأوكرانيا من 8 حزيران وحتى 1 تموز المقبلين مع المجموعة الثالثة التي تضم منتخبات إسبانيا وإيطاليا وكرواتيا وآيرلندا.

إسبانيا:

إذا تمكنت إسبانيا من رفع الكأس يوم الأحد في الأول من تموز في ملعب العاصمة الأوكرانية كييف، ستكون أول من يحقق ثلاثة ألقاب كبيرة متتالية، وستتفوق في الجدل الذي يدور بين وقت آخر حول أي المنتخبات الأفضل في تاريخ كرة القدم.

ومنذ أن تخلصت إسبانيا في فيينا عام 2008 من اللعنة التي طاردتها دوماً، سيطرت على الكرة العالمية، ليس فقط عبر الألقاب وإنما في المقام الأول من خلال نموذج لعب يضرب بجذوره في العقود السابقة.

وعبر الاعتماد على جيل من اللاعبين الذين يملكون مهارات خاصة، قرر المنتخب الذي كان يدربه في ذلك الحين لويس آراغونيس الاقتراب دوماً من الكرة وتجنب الالتحامات الجسدية والدفاع عبر الاستحواذ، وأتت الطريقة ثمارها.

وبعد التفوق في ركلات الترجيح على الحاجز التاريخي المتمثل في الدور ربع النهائي أمام إيطاليا، التي ستلتقيها أيضاً في يورو 2012، ولكن هذه المرة باستهلال مشوارها بقيادة المدرب فيسنتي دل بوسكي الذي آثر عدم القيام بتغييرات قدر المستطاع، وحصد بعدها بعامين كأس العالم في جنوب إفريقيا للمرة الأولى في تاريخه.

وانضم إيكر كاسياس وسيرجيو راموس وكارليس بويول وتشافي هيرنانديز وأندرس إنييستا وتشابي ألونسو وسيرجيو بوسكيتس وسيسك فابريغاس ودافيد فيا وفرناندو توريس صاحب هدف التتويج في فيينا، إلى كتاب الأبطال التاريخيين الوطنيين.

وبات التحدي الآن مختلفاً، وهو ما يتحدث عنه دل بوسكي بقوله: "الأمر الأصعب هو الفوز بعد الفوز. لكن هدفنا الآن هو الفوز بعد الفوز والفوز".

ولم يتمكن أحد من تحقيق ذلك من قبل، فألمانيا بقيادة فرانز بيكنباور اقتربت منه، لكن بعد لقبي يورو 1972، ومونديال ألمانيا 1974، فقد خسرت في نهائي يورو 1976، أمام تشيكوسلوفاكيا. وحتى فرنسا مع زين الدين زيدان، والتي حققت اللقبين ولكن بترتيب عكسي مونديال 1998، ويورو 2000، فشلت تماماً في مونديال 2002 حيث ودعت من الدور الأول.

رغم ذلك، لم يقدم أي من هذين المنتخبين كرة جميلة في عصره الذهبي كتلك التي تميز أداء الأسبان.

فالعثور على أوجه شبه يحتاج إلى إيغال أكبر في الزمن.

ويؤكد الملك بيليه النجم الأكبر لمنتخب برازيلي أسطوري كان بطلاً للعالم وضم إلى جواره نجوماً مثل جيرسون وتوستاو وريفيلينو وكارلوس ألبرتو وجيرزينيو: "منتخب البرازيل في السبعينيات كان يملك الأداء نفسه... لمسات الكرة، المهارة، كل شيء كان يملكه ذلك المنتخب. إسبانيا تملك شيئاً من ذلك".

وستلعب إسبانيا كل مبارياتها في الدور الأول في مدينة دانسك الواقعة شمالي بولندا. وسيكون معسكر استعداداتها على مسافة 60 كلم من المدينة، في فندق رياضي يقع في بلدة نائية تدعى جنيفينو.

الظروف مهيأة أمام إسبانيا، لكن الخوف الأكبر لدى دل بوسكي ربما لا يأتي من ألمانيا أو هولندا أو البرتغال، وإنما من الداخل، فخلال العامين الماضيين اشتد صراع العمالقة بين برشلونة وريال مدريد، الفريقين الأكثر أهمية بالنسبة للمنتخب، ليترك جراحاً في العلاقات الشخصية.

وسيكون للحفاظ على وحدة وحافز المنتخب عقب موسم آخر طويل ومنهك تأثيره في عمل المدرب وخططه، وهو ما يعني أن المنزلة الفريدة ستكون على المحك.

إيطاليا:

بعد الكارثة التي تعرضت لها إيطاليا في مونديال 2010»، تخوض يورو 2012 بمدير فني جديد ولاعبين جدد ورؤية وقيادة مختلفة.

وشهدت الفترة الماضية إعادة بناء المنتخب وبث روح الشباب والدماء الجديدة في صفوفه ليخوض البطولة دون الضغوط التي اعتاد الوقوع تحتها في مثل هذه البطولات.

ورغم ذلك، يظل المنتخب الإيطالي الآتزوري ضمن المرشحين للمنافسة على اللقب.

وكان مونديال 2010 قد شهد سقوطاً مدوياً للكتيبة الإيطالية في رحلة الدفاع عن اللقب العالمي الذي أحرزته عام 2006 فخرجت صفر اليدين من الدور الأول دون تحقيق الفوز في أي من المباريات الثلاث التي خاضتها في مجموعتها.

مما أدى إلى استقالة مدربه مارتشيلو ليبي قبل أن يرحل من جوهانسبيرغ عائداً إلى بلاده، كما أعلن قائد المنتخب فابيو كانافارو اعتزاله اللعب الدولي رغم أنه كان أحد أبرز نجوم خط الدفاع الذي ساهم بقدر رائع بالفوز في مونديال 2006.

ولكن الآتزوري المتجدد نجح على مدار العامين التاليين في تحقيق معجزة كروية صغيرة حيث أصبح ثاني المتأهلين عبر التصفيات إلى نهائيات يورو 2012 دون أن يتعرض لأي خسارة.

يومها، قال الحارس جيانلويجي بوفون: "هذا (التأهل المبكر)، ليس معتاداً بالنسبة لنا بالفعل، اعتدنا دائماً التأهل في اللحظة الأخيرة".

أما زميله في يوفنتوس جيورجيو كييليني، فقال: "لم نكن نرى على الإطلاق أننا سنحسم تأهلنا بهذه السرعة".

ويمثل جيانلويجي بوفون واحداً من عدد قليل من نجوم 2006 الذين ما زالوا ضمن الصفوف ويتوقع أن يمنح الحارس شعوراً بالأمان داخل المنتخب وخاصة لخط الدفاع.

كما يمثل أندريا بيرلو صانع ألعاب يوفنتوس ودانييلي دي روسي لاعب خط وسط روما أعمدة رئيسية، علماً بأنهما كانا أيضاً ضمن نجوم جيل 2006.

وقد استدعى تشيزاري برانديلي المهاجم أنتونيو كاسانو الذي عاد لصفوف ميلان مؤخراً، كما راهن على أنتونيو دي ناتالي نجم هجوم أودينيزي بعدما تصدر قائمة هدافي الدوري الإيطالي في المواسم الأخيرة قبل أن يسلم الراية لزلاتان إبراهيموفيتش هذا الموسم.

وينتظر ألا يعاني نجوم الآتزوري من الإجهاد بعدما فشلت الأندية الإيطالية بالتأهل الى نهائيات دوري الأبطال ويوروبا ليغ.

كرواتيا:

رغم محاولات المدرب سلافن بيليتش من أجل إثارة روح التفاؤل بشأن قدرة منتخبه على المنافسة في يورو 2012، لم تكن الأجواء والمعنويات في كرواتيا بهذا السوء قبل أي بطولة كبيرة منذ استقلالها عن يوغسلافيا السابقة في العام 1991 مثلما هي الآن.

وقال بيليتش أن المنتخب الكرواتي يمكنه "التقدم حتى نهاية الطريق"، ولكن هذه التصريحات لم تترك أي صدى وسط الشكوك المتزايدة حول مستواه التدريبي ومستوى اللاعبين الذين يختارهم والأكثر من ذلك حول نزاهة الاتحاد الكرواتي للعبة.

وأوضح بيليتش في مقابلة مع صحيفة "سبورتسكي نوفوستي" الكرواتية: "إذا ظللنا بحالة جيدة... فمن المنطق أن نتوقع اجتيازنا دور المجموعات، وبعدها، سيكون كل شيء ممكناً، وقد نتقدم إلى نهاية الطريق".

وعندما تولى بيليتش مسؤوليته عام 2006، رأى كثيرون أنه يعمل جاهداً على تغيير الأجيال في المنتخب الكرواتي حيث لجأ للاستعانة بنجوم جدد مثل لوكا مودريتش وإدواردو دا سيلفا وفيدران تشورلوكا.

ولكن كثيرين يرونه الآن مدرباً ضعيف الشخصية يعاني من الضغوط الواقعة عليه من قبل اللاعبين وكذلك من قبل المدرب القوي زدرافكو ماميتش المدير التنفيذي لنادي دينامو زغرب الكرواتي.

ولا يشغل ماميتش منصباً رسمياً في المنتخب الكرواتي لكنه أشار إلى أن بيليتش سيرحل بعد يورو 2012 ويحل مكانه المدرب ميروسلاف بلازيفيتش أو زلاتكو كرانيكار.

وسبق لكل منهما أن تولى منصب المدير الفني للمنتخب الكرواتي وبذل كل منهما جهداً كبيراً في الفترة الماضية لتمهيد الطريق مع الاتحاد الكرواتي أملاً في العودة.

وكان كل ذلك سببا في إقناع العامة بأن الاتحاد الكرواتي للعبة لا يسير طبقا لقواعد واضحة وأن المصالح الشخصية تفرض نفسها على أعمال الاتحاد.

ولطخ الجدل عن تغيير المدرب صورة الاتحاد الكرواتي بعد فترة عصيبة لهذا الاتحاد أيضا حيث شهدت الفترة الماضية القبض على عدد من الحكام ومسؤولي بعض الأندية للاشتباه في تلاعبهم بنتائج المباريات كما شهدت الفترة الماضية إيقاف ثلاثة أندية غارقة في الديون منها هايدوك سبليت ثاني أكبر الأندية في كرواتيا.

وكسر زفونومير بوبان، الذي كان أحد النجوم الذين فازوا مع كرواتيا بالمركز الثالث في مونديال فرنسا 1998 مؤخراً تعهده بالصمت، وقال: "الوضع في كرة القدم الكرواتية مخز... ليست هناك كرة قدم في الكرة الكرواتية، بل هناك الجريمة والفساد".

وكانت نتيجة هذه المشاكل واضحة وجلية أمام الجميع بعد الخسارة (1-3) أمام السويد في المباراة الودية التي أقيمت في العاصمة الكرواتية زاغرب في أول آذار الماضي.

ولم تكن الخسارة هي الشيء الوحيد المزعج في هذه المباراة وإنما كانت المدرجات الخاوية في ملعب ماكسيمير والهتافات المعادية من الجماهير القليلة الحاضرة منذ الدقيقة الأولى وحتى الأخيرة الأمر الأكثر إزعاجاً.

كما نال اللاعبون نصيبهم من الانتقادات السلبية من قبل الجماهير الحاضرة ووسائل الإعلام وكان في مقدمتهم مودريتش الذي تعرض لانتقادات حادة واتهامات بالجشع إثر صراعه العنيد مع فريقه توتنهام على المقابل المالي أكثر من كفاحه في الملعب مع المنتخب الكرواتي.

وخيمت هذه الأمور بظلالها على حقيقة مهمة وهي أن كرواتيا تمتلك منتخباً قوياً يضم عدداً من اللاعبين المحترفين في الدوريين الإنجليزي والألماني، إلى عدد من الأندية الأخرى التي تشارك في البطولات الأوروبية مثل شاختار دونيتسك الأوكراني.

ويلعب إلى جانب مودريتش في صفوف توتنهام اثنان آخران من لاعبي المنتخب الكرواتي وهما تشورلوكا ونيكو كرانتشيار. كذلك يلعب إدواردو دا سيلفا، البرازيلي الأصل حالياً في صفوف شاختار بعدما أفسدت الإصابات مسيرته في الدوري الإنجليزي، وإلى جواره المدافع داريو سرنا.

وربما يكــون ماريو ماندزوكيتش مهاجم فولفسبورغ الألماني أفضل لاعبي المنتخب الكرواتي حالياً، ومعه إيفيتشا أوليتـش نجم بايرن الذي تعافى مؤخراً من الإصـابة في الظهر وملادن بيتريتش مهاجم هامبورغ.

ويرى المتفائلون أن بيليتش أدى ما عليه في الفترة الماضية وبلغ نهائيات يورو 2012 على عكس المنتخب الصربي الذي بدأ التصفيات وهو مرشح قوي من الناحية النظرية لبلوغ النهائيات.

آيرلندا:

يرى الإيطالي جيوفاني تراباتوني مدرب آيرلندا أن منتخبه حقق أفضل إنجاز بتأهله لنهائيات بطولة أوروبا بعدما حل ثانياً في مجموعته بالتصفيات خلف نظيره الروسي، ولكنه شق طريقه إلى النهائيات بالفوز على منتخب إستونيا في الملحق الفاصل.

وحرص تراباتوني (73 عاماً) خلال الشهور القليلة الماضية على تخفيف حدة التوقعات المنتظرة من منتخبه في هذه البطولة خاصة بعدما أوقعته القرعة مع إسبانيا وإيطاليا وكرواتيا.

ورغم ذلك، أوضح تراباتوني أنه يريد أن يقدم منتخبه عروضاً حماسية وقوية في النهائيات من أجل رفع المعنويات في آيرلندا خلال هذه الفترة التي يحاول فيها هذا البلد الخروج من أزمة الكساد العميقة التي يئن منها الاقتصاد،

وقال المدرب المخضرم لصحيفة "تايمز" المحلية: "بلا شك، وضعت نفسي مكان آيرلندا التي تواجه المشاكل، قالوا أن منتخب كرة القدم بقيادة تراباتوني ارتقى بالأمة كلها، ويجب أن أقول أن ذلك كان مثيراً للمشاعر للغاية".

وكانت آخر مشاركة للمنتخب الآيرلندي في نهائيات بطولة كبيرة في مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002.

ونال تراباتوني المكافأة على تأهله إلى يورو 2012 بتمديد عقده مع المنتخب لعامين آخرين، مما يمنحه الفرصة لقيادته إلى نهائيات مونديال البرازيل 2014.

ويستهل المنتخب الآيرلندي مسيرته في يورو 2012 بلقاء نظيره الكرواتي في مدينة بوزنان البولندية في العاشر من حزيران قبل مواجهة نظيره الإسباني في دانسك بعدها بأربعة أيام.

على أن يختتم مسيرته في الدور الأول بلقاء المنتخب الإيطالي في بوزنان يوم 18 حزيران في مواجهة ذات طابع خاص بالنسبة لتراباتوني أمام منتخب بلاده.

ومن المؤكد أن أحداً لن يستهين بالمنتخب الآيرلندي الذي خسر مباراتين فقط من 24 مباراة خاضها في التصفيات بقيادة تراباتوني.

كما قد تصبح البطولة هي الفرصة الأخيرة لبعض اللاعبين المخضرمين مثل روبي كين وداميان داف وريتشارد دان وشاي غيفن حيث يرغبون في ترك بصمتهم بإحدى البطولات الكبيرة قبل إعلان الاعتزال.

وقال تراباتوني أنه يعتزم الاستمرار في الاعتماد على اللاعبين أنفسهم الذين شاركوا في التصفيات والذين يتمتعون بالولاء والإخلاص تجاه المنتخب رغم أنهم لا يتمتعون بمهارات فائقة مثل لاعبي منتخبات أخرى.

واعترف تراباتوني: "ليس لدينا لاعبون بارزون مثل المنتخب الإسباني أو لاعبون مثل (الأرجنتيني ليونيل) ميسي والبرتغالي (كريستيانو رونالدو)".

ويتفق مع تراباتوني في هذه النظرة لاعب خط الوسط كيث أندروز نجم ويست بروميتش ألبيون الإنجليزي حيث يرى أن تراباتوني يسعى للحصول على أفضل مستوى من مجموعة محدودة من اللاعبين، وقال في تصريحات لإذاعة "نيوستوك" الآيرلندية: "لا يضم منتخبنا لاعبين ممن ينشطون في الفرق التي تحتل المراكز الثلاثة أو الأربعة الأولى في الدوري الإنجليزي أو الفرق الكبيرة في أوروبا".

وأثبت المنتخب الآيرلندي جدارته سابقاً في البطولات الكبيرة حيث سبق له التغلب على نظيره الإنجليزي كما كان على مسافة ثماني دقائق فقط من إطاحة المنتخب الهولندي في يورو 1988، ولكن الأخير أكمل طريقه نحو الفوز باللقب.

كذلك اجتاز الدور الأول في مشاركاته الثلاث ببطولة كأس العالم وذلك أعوام 1990 و1994 و2002.