كثيرون لا يتخيلون أبعاد التنافسية الرياضية وأهميتها في عالم "أصحاب الهمم". وربما يعتبرون مستواها أقل، وشروطها أكثر تساهلاً، بالمقارنة مع المسابقات الخاصة بالرياضيين الذين لا يواجهون تحديات الإعاقة، ويخضعون للقوانين الدولية المعروفة لدى جمهور الألعاب المختلفة.
أظهر الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية- أبو ظبي 2019، صوراً نادرة من التنافسية العالية، ظهرت بوضوح في تفاصيل المسابقات على أرضية الملاعب.
رياضيون مصابون بمتلازمة "داون" ظهروا بتركيز عالٍ، من أجل حصد النقاط والفوز، وبقدرات ومهارات، تتخطى فكرة الإعاقة إلى الاندماج مع حماسة الجماهير، والتجاوب معها بشغف وفرح.
كما ظهرت دموع فرح العائلات في المدرجات، وزهو اللاعبين على منصات التتويج.
إنه أولمبياد المشاعر. فالمولدافية ألاخندرا (71 عاماً) التي ترأس وفد بلادها، ترى أن الحدث إنساني بالدرجة الأولى، ويتعلق بشريحة، تسعى إلى الاندماج الاجتماعي من خلال الإبداع الرياضي.
وهذه والدة السباح الإماراتي عبد الله الشامسي تبكي فرحاً، عند بلوغه نقطة النهاية في سباق 50 متراً، وتتويجه بالميدالية الذهبية.
المشاعر الوطنية أيضاً، واعتزاز الشعوب بأبطالها وبطلاتها وأعلامها، تداخلت مع المشهد العام في أبو ظبي في عام التسامح، وفي تفاصيل كثيرة، رصدتها الكاميرات على المدرجات وفي الملاعب،
وشاهد المتابعون كيف احتفل جنوب السودان ببطلة شمال السودان الذهبية أروى صلاح بمسابقة رفعات القوة، وكيف التقى الوفدان بألوان قمصان مختلفة، وبمشاعر وطنية واحدة.
في هذا السياق، كانت لافتة جداً مقارنة تيموثي شرايفر، رئيس الأولمبياد الدولي الخاص، بين سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، وأمّه يونيس شرايفر التي كانت وراء فكرة الأولمبياد في خمسينيات القرن العشرين، باعتبارهما أيقونتين للعمل الإنساني والخيري، وساهمت جهودها في دعم «أصحاب الهمم»، وتمكينهم من أدوار فاعلة وقيادية في المجتمعات، ووصفهما في حوار خاص نشرته صحيفة "الاتحاد" الإماراتية أمس بأنهما "شقيقتان في خدمة البشرية".
ما حققته الإمارات، بجمع «أصحاب الهمم» من 200 دولة في أبو ظبي، أتاح مزيداً من التعايش مع تقاليد شعوبها وثقافاتها، والتعرف على الوسائل التأهيلية في التعامل مع الإعاقات، وتجارب الدعم النفسي والجسدي، وآخر الحلول للاستفادة من المواهب في المراحل السنية المختلفة، إضافة لبرامج استكشاف المهارات، والدمج، والأهم مواصلة تكريس هذه المكانة على خريطة الفعاليات الرياضية الدولية الكبرى.
الرياضة رسالة تسامح وسلام، ولن ينسى كثيرون مشهد انطلاق أبو ظبي 2019، عندما توحدت المشاعر في حضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهو يُلقي كلمة الافتتاح، وحوله أصحاب الهمم، يرددون كلماته بصوت واحد، وسط تشجيع سموه، وسعادته، ولن ينسى المتابعون وفود الدول المشاركة وجماهيرها الاحتراف الإماراتي في التنظيم، وطيب المعشر في الضيافة.
