اثار رحيل مارلين مونرو الشرق نجمة السينما المصرية والعربية في الخسمينات ومطلع الستينات من القرن الماضي هند رستم، الجدل حول ادوارها في السينما ما بين الانوثة والاغراء وما بين كونها ساهمت في تشكيل تراث السينما المصري في الافلام ال 80 التي اسهمت في بطولتها.
والفنانة الراحلة صاحبة الاسم الفني هند رستم والدها حسين مراد، ولدت في حي محرم بك في الاسكندرية عام 1929 بعد ان شاركت في تقديم ما يقارب 80 فيلما في تاريخ السينما المصرية.
تتحدر الراحلة من اصول تركيه، وقد انتقلت للعيش مع والدتها بعد طلاقها من والدها كما انتقلت ووالدتها الى القاهرة بعد طلاق امها للمرة الثانية.
وهي كانت تشارك في الحفلات المدرسية بالرقص والغناء والتمثيل وقد اهتمت جدا بالسينما في الوقت الذي تراجعت فيه دراسيا.
جذبت هند رستم الانظار إليها خلال ترددها على الامكنة التي تصور فيها الافلام حيث قدمها للمرة الاولى المخرح محمد عبد الجواد في دور صغير في فيلم "ازهار واشواك". استمرت بتقديم هذه الادوار الصغيرة في 18 فيلما الا ان الفرصة اتيحت لها عندما اشتركت من ضمن فريق الكومبارس في فيلم "عزل البنات" حيث ظهرت وهي تركب الخيل الى جانب ليلى مراد في مشهد اغنية "اتمخطري يا خيل"، هذا المشهد الذي نقلها الى الادوار الثانية في السينما المصرية.
وعملت مع المخرج حسن رضا الذي تزوجته بعد ان اسند لها دور البطولة الثانية في فيلم "العقل زينة" الذي فشل فشلا ذريعا. فابتعدت بعدها لفترة عن الوسط الفني بعد ان انجبت ابنتها الوحيدة.
وعادت لتقديم الادور الصغيرة بعد طلاقها من حسن رضا الى ان حصلت على دور البطولة في افلام "بن حميدو" و"لا انام". وقد نقلها المخرج يوسف شاهين الى موقع النجومية عندما شاركته في فيلم "باب الحديد" اول فيلم عربي ينافس على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين، بعد ان كانت شاركت بدور صغير في اول افلامه "بابا امين".
بعد بلوغها النجومية، بدأت الصحافة المصرية تطلق عليها القاب مثل مارلين مونرو الشرق وملكة الاغراء. وانطلقت لتصبح من اقوى المنافسات لنجمات وقفت وراءهم يوما في ادوار صغيرة مثل فاتن حمامة وكاميليا وليلى ومراد وغيرهن.
وهذه الالقاب التي منحت للفنانة الراحلة كانت هي نفسها رفضتها في احدى مقابلاتها الصحفية عندما اكدت ان "مفيد فوزي اطلق هذا اللقب علي وانا اغضب كلما سمعت احدا يردده. لكنني استفدت منه في حينه. عندما قرأته انتبهت لادواري وأصبحت أكثر دقة في اختيار ادواري".
وقالت في لقاء اخر انها "لم تقدم سوى خمسة افلام من بين 80 فيلما، يمكن أن تكون قد قامت فيها بدور اغراء رغم انها لا توافق على ذلك".
ومن جهته وافق الناقد طارق الشناوي على الرؤية التي تقدمها الفنانة الراحلة مشيرا الى ان اعتبار "هند رستم نجمة اغراء نظرة ضيقة. فالصحيح ان نقول ان هند رستم تساوي الانوثة والفارق شاسع".
وتابع "ما هو الاغراء بمعناه المباشر في فيلم مثل +انت حبيبي+ عندما كان فريد الأطرش يغني في القطار +يا مجبل يوم وليلة+ وهى ترقص بالجلباب البلدي.. فتخطف العين كذلك في دور +هنومة+ في رائعة يوسف شاهين +باب الحديد+. ليس غواية او اغراء بجردل الكازوزة ولكنها الأنوثة".
ورأى الشناوي ان "الصراع بين رهان الرقة الذي سيطر على نجمات التمثيل فى ذلك الزمان فاتن حمامة وماجدة ومريم فخر الدين وشادية، كان يقابله من الجانب الاخر وبأسلوب منفرد أنوثة هند رستم التي لم تقدم افلام اغراء".
الا ان ما رآه الناقد السينمائي طارق الشناوي الذي قدم رؤية مغايرة عما هو سائد في الساحة النقدية والجماهيرية والفنية المصرية في الافلام التي قدمتها هند رستم للسينما المصرية، يخالفه المخرج المصري الاهم الان في الساحة الفنية المصرية داود عبد السيد.
فهو رأى ان "الفنانة الراحلة لها مكانها في تاريخ السينما المصرية من خلال الافلام التي قدمتها. الا اني ارى انها ممثلة عادية ولم اعتبر ما قدمته في الاغراء ينطبق عليها مفهوم الاغراء الفني، لان الاغراء كفن شيء اخر يختلف عما رايناه في الافلام التي قدمت فيها مثل هذه الادوار".
والحقيقة ان نجمة سينمائية بمستوى هند رستم استطاعت ان تقدم ادوار في تلك الفترة متنوعة تتضمن قدرا كبيرا من الجرأة سواء في ادائها او موضوعها الذى تطرحه مقارنة بقريناتها من النجمات السينمائيات في حينه، اذا استثنينا الفنانة نادية لطفي التي خاضت المجال ايضا بقوة وبجراءة مغايرة عن نجمات ذلك الزمن.
تركت هند رستم وراءها عدد من الافلام التي اختيرت لتكون من بين اهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، من بينها "باب الحديد" و"رد قلبي" و"بين السماء والأرض" و"صراع في النيل".
ومن اجمل افلامها ايضا "اشاعة حب" مع الراحلين يوسف بك وهبة وسعاد حسني وعبد المنعم ابراهيم وعمر الشريف و"شفيقة القبطية" و"الراهبة" وغيرها.
واعتزلت الحياة الفنية بعد زواجها بعدة سنوات من الطبيب محمد فياض، فقررت ان تعتزل الفن وان تقف الى جانب زوجها حيث رأت انه من الصعب ان تبقى وقتا طويلا خارج المنزل في الاستوديوهات بما لا يتفق مع عمل زوجها كطبيب.. وقد امضت معه 50 عاما من حياتها.
أما اخر فيلم قدمته على شاشة السينما في العام 1979 فكان "حياتي عذاب".