سوريا: حركة عقارية شبه معدومة

تاريخ النشر: 23 يناير 2012 - 10:54 GMT
هناك الكثير من الأمور التي زادت من معاناة السوق من أبرزها بطء الشركات العقارية والمطورين عن مواكبة متطلبات السوق العقارية والتوقف عن البدء في المشروعات التي أعلنت عنها بسبب ضعف التمويل والرغبة في معرفة توجهات السوق وارتفاع أسعار الأراضي ومحدودية دخل الفرد
هناك الكثير من الأمور التي زادت من معاناة السوق من أبرزها بطء الشركات العقارية والمطورين عن مواكبة متطلبات السوق العقارية والتوقف عن البدء في المشروعات التي أعلنت عنها بسبب ضعف التمويل والرغبة في معرفة توجهات السوق وارتفاع أسعار الأراضي ومحدودية دخل الفرد

لم تكن حركة التبادلات التجارية العقارية في حالة صحية جيدة مع الأسابيع الأولى من العام الجديد، وازدادت مخاوف المتابعين والعقاريين أن يطول مسلسل الجمود طيلة أشهر هذا العام مستذكرين الأوضاع السيئة التي سادت خلال العام الماضي من جمود وقلة بيع وشراء وتجميد لرؤوس أموال وزبائن فقدوا الأمل بأن الحكومة ستساعدهم في لجم نيران الأسعار الملتهبة.

ضعف ملحوظ في إنشاء الوحدات السكنية ولاسيما من جانب القطاع الحكومي والجمعيات السكنية وسط ترقب للإجراءات والتوجهات الحكومية الأخيرة القاضية ببناء خمسين ألف وحدة سكنية غير معروفة فترات جداولها الزمنية والاقتصادية. وقد أرجع مختصون في الشأن العقاري حالة الترقب التي تعيشها السوق العقارية المحلية منذ مدة إلى سيطرة حالة الجمود وقلة التبادلات التجارية وغلاء الأسعار مشيرين إلى أن ضعف التداول العقاري واضح وجلي وقد أسهم في تأثر أعمال الكثير من مكاتب الوساطة العقارية.

ووصفت خطوة الحكومة بالتوجه نحو تنفيذ خمسين ألف شقة سكنية أنها ليست بمكانها وغير كافية ولم تغير من صورة الواقع الصعب للعقارات، بينما علق بعض العقاريين آمالاً مستقبلية أن هذه المشروعات في حال تنفيذها مستقبلاً قد تخفف من غلاء الأسعار..! ‏ ‏

مؤشرات سلبية

 وقبل الخوض في تفاصيل خطوة الحكومة والآراء حولها نرصد أولاً لواقع حركة العقارات وعمليات البيع. فحسب ما قال بعض العقاريين: إن السوق العقارية في بعض المدن والضواحي تعيش حالياً كساداً شديداً بسبب توقف الزبائن عن الشراء انتظاراً لمعرفة توجهات الأسواق وما تسفر عنه الأحداث التي فعلت فعلتها بهذا القطاع سريع التأثر.

وهناك الكثير من الأمور التي زادت من معاناة السوق من أبرزها بطء الشركات العقارية والمطورين عن مواكبة متطلبات السوق العقارية والتوقف عن البدء في المشروعات التي أعلنت عنها بسبب ضعف التمويل والرغبة في معرفة توجهات السوق وارتفاع أسعار الأراضي ومحدودية دخل الفرد. وأكد العقاري خالد أن مؤشرات السوق المحلية مع مطلع العام الجاري جاءت سلبية نتيجة بقاء الوضع على حاله من الغلاء وقلة العمليات التجارية حيث إن بعض المكاتب لم تستطع بيع ولا شقة مثلاً خلال شهر كامل على عكس ما كان يحصل في كل عام.

وتشكو الزبائن من قلة السيولة والتي ترافقت مع توقف قنوات الإقراض التمويلية كالمصارف إلى وقف أنشطتها الإقراضية، الأمر الذي قلل الفرص التجارية أكثر وأكثر. ولفت إلى وجود إحجام في منح القروض العقارية من قبل المصارف وحتى الشركات العقارية أوقفت أنشطتها التجارية التي اعتمدتها قبل الأحداث مثل البيع حسب الدفعات والأقساط الشهرية مضيفاً.. «ثمة تخوف من قبل شركات التطوير العقاري دفعها للتوقف عن مباشرة المشاريع الجديدة أيضاً وتوقف أو تردد رأس المال الأجنبي في الدخول للاستثمار في القطاع العقاري. وأشار إلى أن كل تلك العوامل أبطأت النمو المتوقع في قطاع البناء والإسكان واستمرار الفجوة بين الطلب المتوقع والعرض.

عام الخروج

وطالب عقاري آخر بأن يكون هذا العام هو عام خروج للعقار حتى تقوم الحكومة والأجهزة المعنية على تنظيم السوق والعمل على أن يكون العقار صناعة فاعلة وشريكاً ممكناً للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، وبين أن خروج للعقار على أرض الواقع سيجمع شتات القطاع وينظم السوق العقارية ويحقق متطلبات وتطلعات المطورين والمستثمرين العقاريين كما أنه سيضطلع بدور كبير فيما يتعلق بتوطين وتنظيم صناعة العقار ومراجعة الأنظمة المؤثرة في هذه الصناعة واختزال الجهد ورفع العبء عن كاهل المواطنين الذين أتعبتهم حالات الاحتكار والسمسرة التي لا مبرر لأرباحها الفاحشة جداً.

مطارح آمنة

بدوره قال علي فواز: إنه على الرغم من الجمود الثقيل والكساد والترقب والحذر الذي تمر به السوق العقارية إلا أنها تعد إحدى أهم الفرص الاستثمارية المتميزة، وكلنا شاهد كيف أقدم الكثيرون ممن يملكون المدخرات بوضعها في العقار كون العقار مطرحاً استثمارياً آمناً لا يتسبب لهم بفقدان قيمة رؤوس أموالهم في فرصة للظهور من جديد كإحدى الفرص المهمة من حيث ترتيب الأولوية لدى الكثير من المستثمرين حيث تستعد السوق العقارية في أفضل القنوات الاستثمارية بين الأسواق التجارية مع صدور محفزات عقارية مثل حل مشكلة الأراضي ووجود مرجعية للعقار مؤطرة.

وشدد على أن القطاع العقاري يحتاج إلى مراجعة صحيحة وشاملة لحل كل الأمور المتعلقة به وتنظيمها، واستبعد أن تكون المعطيات الحالية والمقومات الموجودة في القطاع العقاري قادرة على حل الأزمة الإسكانية وتحقيق حلم المواطن في تملك مسكن يؤوي أسرته معللاً ذلك بمواجهة السوق لمعوقات تحول دون تسهيل تملك المواطن مسكناً معداً للتحديات التنظيمية والتشريعية وحتى الإدارية والتراخيصية التي تواجه القطاع العقاري المحلي عنصراً مهماً في تقليص الدور التمويلي للمصارف والجهات المتخصصة في التمويل العقاري. انعكاس سلبي للأزمة ‏ قلل بعض المتابعين بخطوة الحكومة لتشييد خمسين ألف وحدة سكنية في المحافظات غير محددة البرامج بعد لأن الاحتياج أكثر من ذلك كثيراً.

وقال الأستاذ في كلية الاقتصاد – جامعة دمشق أكرم الحوراني في تصريح لـ «تشرين»: لم تكن في حسابات الحكومة أن تخطط وتطرح مشروع الاكتتاب عن تنفيذ خمسين ألف وحدة سكنية في محاولة منها لتأمين السكن اللازم والضروري لذوي الدخل المحدود من أبناء شعبنا الذي عانى طويلاً من أزمة السكن والتي كانت مسيطراً عليها من قبل تجار العقارات الذين حققوا نمواً ملحوظاً خلال فترة الحكومة السابقة. وبالفعل فقد توجهت معظم الاستثمارات نحو القطاع العقاري والمضاربة والتي جاءت تلك المضاربات في غير مصلحة ذوي الدخل المحدود وهم شريحة واسعة فعانوا ما عانوا من خلال تشديد الرقابة وعمليات قمع المخالفين في إشادة الأبنية في مناطق المخالفات العشوائية الأمر الذي حفز عمليات الفساد وبمستويات كبيرة بقطاع البلديات. هذه الأموال يقول الحوراني كان لها انعكاس جزئي للازمة التي تمر بها سورية الآن.

من هنا جاء قرار الحكومة في محاولة لمعالجة هذا الواقع إلا أن ما يخشى منه أن تكون خلفية هدف الحكومة من هذا المشروع سحب كتلة نقدية من مدخرات ذوي الدخل لرفد خزينة الدولة بالسيولة التي تحتاجها.. وهناك جانب آخر وهو إن اضطرار الحكومة لتمويل بالعجز في الموازنة العامة بالدولة سيؤدي إلى حالة تضخمية للحد من أثارها.. تعتقد الحكومة أنها ستسحب تدريجياً وتستعيد هذا التمويل في العجز وتالياً تستطيع الحد من التضخم الذي كان ينجم من سياسة التمويل بالعجز لكن إلى أي حد تصدق هذه المقولة أو لنقل الفرصة!؟.

ليست ناجعة ‏

شخصياً يقول الأستاذ الحوراني: لا أعتقد أنها ناجعة أو ناجحة لسبب رئيسي أنه بسبب الأزمة الراهنة قلّت حاجة وطلب قرابة 0 8% من طالبي السكن ومن ذوي الدخل المحدود لأنهم اختاروا طريق اللجوء إلى التشييد السريع في مناطق السكن العشوائي وعلى تخوم المدن. حيث يقدر عدد الأبنية المشيدة خلال 2011 بنحو (200) ألف بناية وهذا يعني إن الاكتتاب على هذا المشروع والمقدر بخمسين ألف وحدة سيكون ضعيفاً ومن له السيولة من ذوي الدخل المحدود أو مدخرات قد تصرف بها وأوجد لها مكاناً منذ فترة. ومرة ثانية لا أعتقد أن هدف الحكومة سيتحقق خلال الأزمة، ولا حتى بمستقبل هذه الأموال أو الجهة التي سيناط بها قبول الأموال وتنفيذ المشروع وفي كل الأحوال الاستثمار العقاري وربطه بخطة الدولة للتمويل العقاري ستكون جائزة ترضية لطالبي العقار. فالأجدى أن تتوجه الاستثمارات بهذه المرحلة نحو المشروعات التي تؤمن فرص عمل دائمة..

صحيح أن التشييد العقاري سيكون له طلب على العمالة لكن الطلب على هذا المنتج سيكون ضعيفاً لذلك توسع الاستثمار في الإنتاج المادي والسلعي مثل الزراعة والصناعة يمكن أن يكون أكثر إنتاجية. وأشار الحوراني أنه يوجد في سورية إذا ما قمنا بإجراء حصر للشقق السكنية الفارغة في مراكز المدن وتخوم المدن التابعة للمستثمرين من القطاع الخاص والذين نسميهم بالمضاربين في حكومتنا السابقة لنجد أننا أمام مئات الآلاف من الشقق الفارغة، وإذا ما استمر ضعف الطلب عليها فإن أسعارها لابد فإنها ستهبط وتتراجع لا محالة فإلى متى ستبقى فارغة وخاوية وهي استثمارات مجمدة؟! وليس من المنطقي أن تضاف لها عقارات أخرى فمن المنطقي أن تتخذ الحكومة قراراً جريئاً للاستفادة منها على النحو المناسب عبر محفزات أو طرق استثمارية أكثر مرونة عن طريق تفعيل التمويل العقاري لتمكين طالبي السكن من توظيف هذه العقارات والاستفادة قدر الإمكان من الشقق الفارغة.

تطوير وتنويع

أما أبو ناصر عقاري فقال: إن أنظار العقاريين وبعض المستثمرين تتركز على الأداء العام للاقتصاد خلال العام الجاري في ظل التطورات والأحداث المتعاقبة التي أثرت وستؤثر على صعيد بطء حركة القطاع العقاري بفعل الأزمة وما نتج عنها من نقص السيولة لدى الزبائن وقلة الإقراض من جانب البنوك وقال: إن تجدد السوق يحتاج الكثير من الجهد من قبل المطورين ومؤسسة الإسكان والجمعيات وشركات العقار من خلال طرح الأفكار الجديدة والجزئية التي يتم طرحها من قبل بعض كبار العقاريين في البلاد وذلك عن طريق قنوات الاستثمار أو عن طريق طرح مختلف المشروعات في أرجاء البلاد. الأمر الذي حدد حركة الاستثمار في السوق العقارية في البلاد وأشار إلى ضرورة الاهتمام بإنشاء وتطوير مشروعات عقارية سكنية تستهدف الشرائح المتوسطة ومحدودة الدخل والكف عن تطوير المشروعات التي لا يقدر على شرائها سوى فئة محدودة من المشترين والمستثمرين الميسورين.

الأسعار تضاعفت خمس مرات ‏

من جانبه أكد الأستاذ في جامعة دمشق وحيد محاميد، أن سورية في حاجة إلى بناء 570 ألف وحدة سكنية بحلول عام 2015 إذ إن عدد المحتاجين إلى سكن في البلاد يصل إلى نحو 1.5 مليون شخص في حين لا تتجاوز الزيادة في عدد المساكن 10 في المئة من الحاجة سـنوياً. وجاء المرسوم الذي عدل بموجبه 50 مادة في قانون التعاون السكني الصادر في عام 2007 في خطوة تهدف إلى تطوير بيئة العمل في قطاع الإسكان ومنحه مرونة ومزايا وإعفاءات ليكون قادراً مـستقبلاً علـى تلـبية احتياجات المواطنين تزامناً مع إعلان «هيئة التطوير العقاري» السورية تخصيص 10 مناطق للتطوير في البلاد جاهزة للاستثمار، مؤكداً أن هذه المناطق ستؤمن 118 ألف مسكن، تكلفتها نحو 8 بلايين دولار. وكانت الهيئة وافقت على تأسيس 24 شركة تطوير عقارية، من بينها ثلاث شركات عامة، وتشير أرقام «المؤسسة العامة للإسكان» المكلفة ببناء مساكن للعاملين الحكوميين بـ «صيغة التمليك»، إلى أن عدد المساكن قيد الإنجاز في جميع المحافظات السورية بلغ 41 ألف مسكن، بتكلفة 45 بليون ليرة. وتحولت سورية إلى إحدى الدول المصنّفة بغلاء العقارات بعد أن تضاعفت الأسعار أكثر من 5 مرات خلال السنوات الأخيرة.

وأمام كل هذه المعطيات هناك من يقول: إن السوق لابد أن يتجه إلى التراجع لعدة أسباب من أهمها: قلة السيولة لدى المواطنين و عددالزبائن الراغبين في شراء العقار وكذلك رغبة أصحاب العقارات الفارغة التي احتكروا بيعها طمعاً بأسعار باهظة جداً إلا أن الواقع الآن بات صعباً والكل يحتاج السيولة ولاسيما جراء العقوبات المفروضة والأحداث التي أثرت وبشكل حاد على السوق العقاري.

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن