قطر تقود اقتصاديات الخليج خلال السنوات الخمس المقبلة

تاريخ النشر: 16 أكتوبر 2011 - 02:03 GMT
أدى تحسن التوقعات الاقتصادية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام، والتقدم الذي أحرزته دبي في إعادة هيكلة ديونها وإصدار السندات من قبل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا، إلى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في اقتصاد الخليج
أدى تحسن التوقعات الاقتصادية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام، والتقدم الذي أحرزته دبي في إعادة هيكلة ديونها وإصدار السندات من قبل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا، إلى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في اقتصاد الخليج

مع استضافة قطر كأس العالم العام 2022 من المتوقع أن تشهد قطاعات البناء والتصنيع والسياحة نموا هائلا منذ الآن. يتوقع بنك الدوحة جروب "DBG" أن يحقق الاقتصاد القطري نموا قدره 9.6% في المتوسط خلال السنوات الخمس المقبلة، بفضل التوسع في تنويع القطاعات الاقتصادية، حيث سيقل نمو الناتج المحلي الإجمالي الذي سيحققه قطاع الصناعات الهيدروكربونية إلى 4.4% في حين سيرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي من قطاعات الصناعات غير الهيدروكربونية إلى أكثر من 1.9% خلال الفترة من العام 2012 إلى 2016.

وتناقلت وسائل الإعلام مؤخرا تأكيدات على أن قطر ستلعب دورا رائدا في التنمية الاقتصادية خلال السنوات المقبلة، لتصبح نموذجا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مينا"، التي تأثر العديد من دولها بالتوترات السياسية الجارية فيها منذ بداية هذا العام وحتى الآن.

وأكد سيث رامان الرئيس التنفيذي لبنك "DBG"، خلال القمة السنوية للمصارف العربية، والتي احتضنت فعالياتها روما، بمشاركة اتحاد المصارف العربية مع اتحاد البنوك الإيطالية، أن الاقتصاد القطري سيحقق فائضا قدره 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2016، كما أن ميزان الحساب الجاري سيظل مرتفعا عند 15% من هذا الناتج خلال تلك الفترة.

وحضر هذه القمة التي كانت بعنوان: "مستقبل مينا: التأثير على الاقتصاد العالمي"، محافظو البنوك المركزية بمنطقة الخليج والعديد من خبراء البنوك والاقتصاد العرب والأجانب ورجال الأعمال، الذين حاولوا وضع استراتيجية للتنمية القومية لدول المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة، وتعزيز الرؤية القومية التي وضعتها قطر لاقتصادها حتى العام 2030.

وإذا كانت التوقعات الاقتصادية تؤكد استمرار نمو الاقتصاد القطري هذا العام، إلا أنه عندما تتراجع أسعار البترول إلى 74 دولارا للبرميل، فإن الناتج المحلي الإجمالي لقطر سينكمش بحوالي 2% مع حلول العام 2016، ولكن مع الجهود التي تبذلها حكومة قطر لتنويع اقتصادها، فإن التأثير المالي السلبي لهذا التراجع سيكون محدودا.

ويرى سيث رامان، أن قطاع الخدمات في قطر سيسجل أعلى نمو في الفترة المقبلة، حيث سيساهم بحوالي 40% من إجمالي الناتج المحلي القطري بحلول العام 2016، مقارنة بحوالي 36% حاليا، وإن كانت قطاعات النقل والمواصلات والخدمات المالية ستحقق نموا قويا أيضا.

كأس العالم

ومع استضافة قطر كأس العالم العام 2022، فإنه من المتوقع أن تشهد قطاعات البناء والتصنيع والسياحة، نموا هائلا من الآن، وطوال السنوات المقبلة مع التحالف الاستراتيجي، الذي بدأته الشركات القطرية مع الشركات الأوروبية والعالمية لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية والتنموية اللازمة لنجاح هذه المسابقة التي يحضرها سائحون من معظم دول العالم المتقدمة والنامية.

وتقول حكومة قطر: إن الاستثمارات المحلية بدءا من هذا العام وحتى العام 2016، بلغت جملتها 820 بليون ريال قطري، منها 389 بليون ريال قطري من القطاع الخاص والقطاع غير البترولي، كما أن استثمارات الشركات القطرية فقط، ستبلغ 130 بليون ريال قطري خلال تلك السنوات.

ويتوقع محللو الأسواق المالية، أن يبلغ نمو إجمالي الاستثمارات في قطر من الآن وحتى العام 2016 حوالي 25% في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي القطري، في حين أن المدخرات القومية، من المتوقع أن تظل ثابتة عند حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي حتى العام 2014، ولكنها ستبدأ في التراجع في السنوات التالية مع اتجاه المستهلكين إلى زيادة الإنفاق. وتحظى قطر خلال السنة المالية الحالية، بفائض قدره 22 بليون ريال قطري، وتركز معظمه على التعليم والصحة ومشروعات البنية الأساسية، والتي ستجذب العديد من المستثمرين الأوروبيين خلال السنوات المقبلة.

وعقدت قطر مؤخرا استثمارات ثنائية مع دول أوروبا، منها 3 بلايين يورو مع أسبانيا في أغسطس الفائت، واستحوذت قطر على 10% من شركة بورش للسيارات في العام 2009، كما استحوذت في ديسمبر من العام نفسه على 17% من شركة فلوكس فاجن. وأعلنت شركة قطر ايرويز للطيران في مارس الفائت، عن تمديد رحلاتها إلى ألمانيا، كما أنها وقعت في فبراير الفائت صفقة مع "سنتريك" البريطانية لشراء 4.2 مليون طن من الغاز المسيل من شركة قطر غاز سنويا.

وإذا كان الاقتصاد العالمي، من المتوقع أن ينمو بحوالي 3.4% هذا العام، برغم مخاطر الديون السيادية، لاسيما في منطقة اليورو، لكن نمو اقتصاد منطقة "مينا" من المتوقع أن ينمو بحوالي 2.4% هذا العام، برغم الاحتجاجات العنيفة التي تجتاح ليبيا وسوريا واليمن، وانكماش السياحة في مصر وتونس.

ولكن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الخليج من المتوقع أن يسجل زيادة قدرها 29% بالأسعار الحالية عن نظيره في العام الفائت، بفضل اتجاه السياحة من شمال أفريقيا وشرق آسيا إلى دول الخليج، لدرجة أن ميزان الحساب الجاري لمنطقة الخليج سيقفز إلى 124% من ناتجها المحلي الإجمالي بالأسعار الحالية خلال هذا العام. وأدى تحسن التوقعات الاقتصادية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام، والتقدم الذي أحرزته دبي في إعادة هيكلة ديونها وإصدار السندات من قبل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا، إلى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في اقتصاد الخليج.

ويؤكد بنك "HSBC"، أن مؤشر ثقة رجال الأعمال في منطقة "مينا" ارتفع بحوالي نقطتين خلال الربع الثاني من العام الجاري، وذلك مع تزايد الاستثمارات الأجنبية التي تتدفق على دول الخليج بصفة خاصة. ومؤشر ثقة البيزنس لمنطقة الخليج، بدأه بنك "HSBC" منذ فبراير العام 2007، لدراسة تأثر التوترات السياسية في المنطقة على ثقة البيزنس العالمي، وذلك من خلال مسح على حوالي 1500 - 2000 شركة عالمية.

ويؤكد تقرير "هذا المؤشر"، والصادر خلال الشهر الجاري، والذي قام بمسح 1696 شركة في السعودية والإمارات وقطر وعمان والكويت والبحرين، أن المؤشر سيسجل ارتفاعا أيضا خلال الربع المقبل، وأداء أفضل مع حلول العام المقبل.