يتلقى نحوم الفن المصريين دعوات لزيارة العراق، فيظنون أنهم يدعمون هذا البلد الذي يعاني ويلات الحروب والنعرات الطائفية وصولًا للدواعش، ما يضعهم بحسن نيتهم وحافزهم الوطني أو القومي العربي، في مرمى نيران التشيع، ليتحولوا بين ليلة وضحاها لمطرودين من السنة، ويُتهمون بدعم الشيعة وتأييد مواقفهم وآرائهم.
ومن المعروف أن عددًا من الفنانين المصريين شاركوا العراق في مناسبات خاصة، واكتشفوا أنها إحياء لمراسم شيعية عراقية بالصدفة، وإن لم تكن مراسم رسمية، فتواجدهم في حد ذاته اتهام بالتشيع، ففي كلا الحالتين هم في مرمى النيران.
وكان آخر هؤلاء الضحايا الفنانة المصرية إلهام شاهين، حيث سبقها لهذه الاتهامات 7 فنانين أثيرت حولهم شائعات انتمائهم للمذهب الشيعي، وتلقوا هجومًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضهم التزم الصمت وآخرون دافعوا عن أنفسهم.
وترصد "البوابة"، في التقرير التالي، كواليس زيارات الفنانين المصريين للعراق، وتستطلع آراء النقاد، حول هذه الزيارات فهل هي تساعد الشيعة على اختراق النسيج الوطني وشقّ صف العراقيين، أما أنها سذاجة سياسية لجهلهم بثقافة الشعب العراقي ومناسباته القومية؟.
إلهام شاهين وضريح الإمام موسى
ارتدائها للحجاب في شوارع العراق، أثار حولها الجدل، بسبب هذه الزيارة المفاجئة، حيث اتهمت بدعم الشيعة والتشيع بهذا الظهور، بعدما تواجدت الفنانة المصرية إلهام شاهين، داخل ضريح الإمام موسى الكاظم في العراق.
ونشرت الفنانة المصرية، صورًا لها أثناء تواجدها أمام الضريح معربًة عن مدى حسن استقبال شعب العاصمة بغداد لها.
وجاءت زيارة إلهام شاهين، على خلفية دعوة وُجهت إليها من وزير الثقافة العراقي لتكريمها، على مسرح بابل ضمن فعاليات مهرجان بابل للثقافة والفنون بدولة العراق.
وعادت النجمة إلهام شاهين من العراق، ومعها أثير الجدل حول سبب ارتدائها الحجاب، واتهامها بالتشيع.
وردّت إلهام، على ذلك فقالت إن زيارتها استغرقت يومًا واحدًا، وأنها حزنت كثيرًا بعد مشاهدة تأثير الحرب على الآثار العراقية التي هُدمت.
وأضافت الفنانة المصرية، أنها رفعت العلم العراقي، وهو ما أسعد العراقيين، لافتًة إلى أنها بعد مشاركتها في المهرجان توجهت إلى بغداد وذهبت إلى ضريح أحد أحفاد سيدنا علي بن أبي طالب، وارتدت الحجاب احترامًا للضريح.
فاروق الفيشاوي والغدير
تلقى الفنان المصري فاروق الفيشاوي، دعوة لحضور مهرجان "الغدير"، إذ تم إبلاغه بأن هذا المهرجان هدفه التواصل والتقارب العربي، وجاءت الدعوة من شخص يُدعى هادي العامري، وهو أحد قيادات الحرس الثورىي الإيراني والمخابرات الإيرانية.
وكان الفنان المصري، لا يعلم أن مهرجان "الغدير"، عيد شيعي يُحتفل به يوم 18 من ذي الحجة كل عام هجري، وأعقب زيارته وظهوره بالغدير سيلًا من الانتقادات في الصحف والمواقع الإخبارية والفنية، ومواقع التواصل الاجتماعي.
وخرجت بعض الائتلافات التي تؤكد أن المخابرات الإيرانية تستقطب الفنانين بدعوى تكريمهم فى مهرجانات.
ومن هنا تورط فاروق الفيشاوي، في هذه الزيارة التي كان من أهدافها الإعلان عن أنه من المؤيدين لأفعال وممارسات الشيعة وأنه دعم المد الشيعى فى المنطقة العربية.
حنان شوقي وزيارة تكريت
أُثير الكثير من الجدل حول الفنانة المصرية حنان شوقي، بعد ظهورها في إحدى الاحتفالات بالعراق، وكانت ترتدي وقتها أزياء مشابهة للزي الشيعي، وتم اتهامها بتأييدها للشيعة في العراق.
ودافعت "حنان"، عن موقفها، ونفت انتماءها للشيعة، لافتًة إلى أنها رأت مواطنين سنة وشيعة ومسيحيين دون أن يكون هناك أي عنوان طائفي، وأنها تعاملت مع بشر يخافون على وطنهم، ويهاجمون داعش، ومن هنا أرادت إظهار تأييدها لهم لمواجهة الإرهاب.
أحمد بدير وفتوح أحمد
يبدو أن مهرجان الغدير تسبب في مشاكل كثيرة للفنانين الذين زاروا العراق، وهو ما يوضح أنهم لم يتعلموا من أخطاء بعضهم البعض إضافة لعدم وجود ثقافة بمهرجانات البلاد العربية، فبعد أن وقع فاروق الفيشاوي، في "فخْ"، المشاركة بمهرجان الغدير، تبعه الفنانين المصريين أحمد بدير، وفتوح أحمد، لنفس المهرجان.
وأشيع انتماء كلا الفنانين للمذهب الشيعي، بعد أن نشرت صفحة رسمية لإحدى القنوات الإخبارية العراقية، وهي "قناة العالم"، عبر حسابها على "فيسبوك"، صورًا لهما أثناء تواجدهما في مهرجان "الغدير" الذي أقيم في مدينة النجف الأشرف جنوب العاصمة العراقية بغداد.
وخلال المهرجان استغل الشيعة الحضور الكثيف للإعلام والفنانين المصريين من أجل الترويج للفكر الشيعي.
ونفى أحمد بدير، وقتها هذه الشائعات، فيما لم يرد فتوح أحمد، واكتفى بالصمت أمام من وجه إليه هذه الاتهامات.
محمود الجندي
قام الفنان المصري محمود الجندي، بزيارة مدينة تكريت العراقية للمشاركة في إحياء الذكرى السنوية لمذبحة سبايكر، وهو ما أثار شائعات انضمامه للشيعة، واكتفى محمود الجندي، بالصمت ولم يرد على هذه الاتهامات.
أحمد ماهر ووفاء الحكيم
ذهب الفنان المصري أحمد ماهر، إلى العراق للمشاركة في الحشد العراقي، وهو ما نتج عنه اتهامات بانتمائه للشيعة.
وردّ أحمد ماهر، على الشائعات في مقابلة تلفزيونية بأنه ذهب إلى العراق دعمًا للشعب العراقي وليس لدعم طائفة الشيعة، لافتًا إلى أن دعوة السفر كانت من الحكومة العراقية، للمشاركة في إحياء ذكرى مقتل جنود عراقيين على يد داعش.
على ذات المنوال جاءت شائعة اتهام الفنانة المصرية وفاء الحكيم، بالانتماء للمذهب الشيعي بعد ظهورها مع حنان شوقي وأحمد ماهر، في احتفالات أقيمت بالعراق.
وكان ردْ وفاء الحكيم، على تلك الشائعات، أن الدعوة وجهت لها من الحكومة العراقية لدعم الثقافة والفن في مواجهة الإرهاب، موضحًة أنها رأت مشاركة عربية ودولية، وأقيمت الفعاليات الفنية والثقافية في العاصمة بغداد.
وأشارت إلى أنهم ذهبوا إلى مدينة تكريت بصحبة الجيش العراقي والحشد الشعبي، كممثلين لكافة طوائف وفصائل الشعب العراقي، وليس الشيعة فقط.
وتعليقًا على هذه الزيارات التي تسبب اتهامات للفنانين بالتشيع، قال الناقد الفني والسينمائي، نادي عدلي، إن غالبية الفنانين الذين أقدموا على زيارة العراق، وشاركوا مع قوات الحشد الشعبي، ليس لديهم وعي سياسي، وغير مدركين لطبيعة الحياة التي نعيشها في عالمنا العربي حاليًا.
وأضاف الناقد المصري، في تصريحات لـ"البوابة"، أنه ورغم عدم الوعي، وحسن النية، إلا أنه هذه الزيارات سيتم تفسيرها في عدم سياقها الطبيعي، وسيتم اتهامهم بأنهم يرتكبون جُرمًا في حق الوطن، وهو ما حدث فعلًا، وهنا لابد من التوضيح بأن المصريين ليس لديهم مشكلة مع الشيعة، ولكن المشكلة مع الفكر والترويج له.
فيما شددّت الناقدة الفنية، ماجدة موريس، في تصريحها لـ"البوابة"، على أنها ليست ضد اعتناق أي شخص لأي دين أو مذهب، لكنها اعترضت على استغلال ما يعاني منه العراق، في المرحلة الحالية لتأجيج الأوضاع أكثر.
وتابعت الناقدة المصرية، قائلًة إن الفنان لا يملك الوعي السياسي اللازم في هذه الأمور وهو غير مطالب بأن يكون سياسيًا لأنه في النهاية مُبدع يهمه في المقام الأول الفن، وليس دوره سياسيًا، ولكن لابد أن يكون لديهم بعض العلم عن المهرجانات الفنية التي يتم تطويعها في السياسة لأن هذه ستحسب في حقهم على أنها سذاجة سياسية تؤدي لخلق الفتن.
وأوضحت الناقدة المصرية خيرية البشلاوي، في تصريحها لـ"البوابة"، أن رصيد الفنانين لدى الشعب المصري كبير، وما يقال إنهم يدعون لنشر الفكر التثقيفي واختراق الشيعة للمجتمع العراقي، ليس صحيحًا لأنهم لو يعلموا الأمر لما قاموا بهذه الزيارات، وكل ما ألوم عليهم فيه هو عدم وعيهم ثقافيًا والتعلم من أخطاء غيرهم، فكون مهرجان واحد يقع في المشاركة فيه عدد من الفنانين أمر مؤسف.
للمزيد من أخبار الفن: