يبدو أن الأزمة المستمرة بين واشنطن وتل ابيب من جهة وبين طهران من جهة أخرى تمر الآن بمرحلة من التصعيد الكبير والمتبادل أيضا. فعلى الجانب الأول قال رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي: "إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة فيما يتعلّق بطموحات إيران النووية".
وقال ديمبسي في مقابلة مع شبكة (سي أن أن) أجرت معه خلال زيارته أفغانستان ونشرت مقتطفات منها أمس الأربعاء: "إننا نراجع مجموعة خيارات، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة". وذكرت الشبكة أن ديمبسي يقود الاستعدادت العسكرية خلف الكواليس في حال أمر الرئيس بشنّ هجوم يستهدف المواقع النووية الإيرانية. وأضاف ديمبسي "أنا راضٍ لأن الخيارات التي نطورها تتقدم وستكون قابلة للتنفيذ في حال الضرورة". وقال: "إن قلقه الأكبر هو أن تسيء إيران في حسابها التصميم الأميركي"؛ وأضاف "أي سوء حسابات سيعني أننا سنُجذب إلى الصراع وسيكون ذلك مأساة بالنسبة للمنطقة والعالم". ونقلت الشبكة عنه قوله: إن الولايات المتحدة تتشارك معلومات استخبارية مع إسرائيل، وقال: "نحاول ترسيخ بعض الثقة لدى الإسرائيليين بأننا نعترف بقلقهم وننسق معهم لمعالجتها". وحذر ديمبسي من خطر سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط في حال استمرت إيران في طموحاتها النووية لأن ذلك سيكون "كارثياً على الجميع".
في نفس السياق ذكرت صحيفة إسرائيلية أمس الأربعاء: "أن إسرائيل بعثت برسائل إلى دول في الخليج تطالب فيها بزيادة إنتاج النفط من أجل منع رفع أسعاره في حال فرض حظر على إيران، فيما احتجت إسرائيل أمام الإدارة الأميركية على تصريحات مسؤولين أميركيين ضد هجوم محتمل على إيران".
وقالت صحيفة (معاريف) الاسرائيلية : "إن إسرائيل طلبت من دول في الخليج زيادة إنتاج النفط فيها، وإن الهدف من تمرير الرسائل إلى هذه الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل هو الدفع باتجاه فرض حظر على صناعة النفط الإيرانية وبنكها المركزي من دون التسبب بارتفاع أسعار النفط في العالم".
ووفقا للصحيفة فإن الولايات المتحدة تسعى أيضاً لإقناع دول في الخليج ومن بينها السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة بزيادة إنتاج النفط، وتجري أيضاً محاولات لإقناع ليبيا والعراق بزيادة إنتاج النفط. إلى ذلك، نقلت (معاريف) عن مسؤولين سياسيين في الحكومة الإسرائيلية قولهم: "إنه خلال الأسابيع الأخيرة نقلت إسرائيل احتجاجات إلى البيت الأبيض حول تصريحات مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية الذين عبروا فيها عن رفضهم لهجوم محتمل ضد إيران". وأضاف المسؤولون الإسرائيليون أن لقاء وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن في نهاية الأسبوع الماضي هو الذي حسم الموقف الأميركي وأدى إلى حدوث تغيير في الموقف الأميركي ضد إيران. وقال باراك خلال زيارة لقاعدة عسكرية إسرائيلية أمس الأول: "إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل بحزم في كل ما يتعلق بأمنها أكثر من أي وقت فات، والآن ما زال الوقت للدبلوماسية" في إشارة إلى الموضوع النووي الإيراني.
على الجانب الآخر رفضت إيران طلباً أميركياً بإعادة الأميركي من أصل إيراني أمير ميرزا حكمتي، المعتقل في طهران بتهمة التجسس لصالح واشنطن، وقالت: "إنه سيحاكم في إيران". ونسبت وكالة (مهر) الإيرانية للأنباء، أمس الأربعاء، إلى المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني كاظم جلالي، قوله: "إن الجاسوس الأميركي الذي ألقي القبض عليه مؤخراً، ستتم محاكمته في إيران". وقال جلالي تعليقاً على طلب الإدارة الأميركية بإعادته إليها: "إن هذه التصريحات هي نوع من الصلافة على الصعيد السياسي، فالجاسوس الأميركي مجرم ويجب محاكمته في إيران بناء على الجرم الذي ارتكبه"، معتبراً أن الطلب "يمثل سخرية مريرة". وأضاف أن "المسؤولين الأميركيين، وبكل صلافة يرسلون جاسوساً وطائرة تجسّس الى إيران، ثم يقولون بكل صلف أعيدوا طائرتنا وجاسوسنا". وتساءل جلالي: "كيف يمكن للأميركيين أن يختطفوا الرعايا الإيرانيين ويعتقلونهم لأعوام في السجون، إلا أنه في المقابل يطلب الرئيس الأميركي إعادة الجاسوس الأميركي الذي قبضت عليه قواتنا الأمنية". وكانت وزارة الخارجية الأميركية طلبت من طهران إعادة الأميركي من أصل إيراني الذي اعتقلته السلطات الأمنية الإيرانية مؤخراً بتهمة التجسّس لصالح أميركا.
وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند: أن الإدارة الأميركية تريد الوصول إلى أمير ميرزا حكمتي عبر السفارة السويسرية، الراعية للمصالح الأميركية في إيران. وكانت وزارة الأمن الإيرانية أعلنت السبت الماضي: عن القبض على "جاسوس" أميركي من أصل إيراني، يعمل لصالح الـ(سي آي ايه).
فيما أكد والد الأميركي من أصل إيراني أمير ميرزاي حكمتي، المعتقل في إيران بتهمة التجسس لمصلحة الولايات المتحدة: أن ابنه بريء وأنه أجبر على الكذب والاعتراف بالتهم الموجهة إليه. ونقلت شبكة (آي بي سي نيوز) الأميركية عن علي حكمتي من ميتشيغن قوله في مقابلة أجرتها معه: إن ابنه أجبر على الكذب. وأضاف حكمتي: "ابني ليس جاسوساً فهو بريء ومواطن جيد ورجل جيد". وتابع أن كل ما هو موجه إليه "هي مجرد مزاعم لا أساس لها من الصحة ومجموعة من الأكاذيب". وذكر حكمتي، وهو بروفيسور جامعي، أن ابنه انضم إلى سلاح البحرية الأميركي في العام 2001 وعمل كمترجم للغة العربية، وبعد الخدمة العسكرية ذهب للعمل في شركة مقاولات أمنية خاصة. وأشار إلى أنه ليس على اتصال مباشر بابنه منذ اعتقاله في سبتمبر الفائت.
وكانت وكالة أنباء (فارس) الإيرانية شبه الرسمية نشرت شريط فيديو لاعترافات رجل عرف عن نفسه باسم أمير ميرزاي حكمتي قال فيها: "إنه التحق للعمل بفرقة مشاة البحرية (مارينز) وكان يعمل مع ضباط عراقيين". وأوضح حكمتي: "إنه ولد بولاية أريزونا الأميركية وأجرى تدريباً استخباراتياً يمتد إلى 10 أعوام وعمل بقسم المعلومات في الجيش الأميركي منذ شهر أغسطس 2001 وخضع لدورات عسكرية مختلفة حيث عمل في المرحلة الأولى على جمع المعلومات الاستخباراتية". وكانت وزارة الأمن الإيرانية أعلنت أنها قبضت على "جاسوس" يعمل لحساب وكالة الاستخبارات المركزیة الأميركية على الأراضي الايرانية.