عكست أسواق الإمارات صورة متقدمة في استهلاك الأجهزة الإلكترونية، مقارنة بعمليات نقل واستيراد هذه المنتجات في وقت سابق، حيث تشير إلى أن سلوكيات المستهلكين المحليين شهدت تغيراً لافتاً في الأعوام الماضية، كونها أصبحت أكثر انتقائية من حيث تقبلها للتكنولوجيا، إضافة إلى ارتفاع مستويات التعليم، وبالتالي زيادة معدلات الثقافة التقنية، بالتوازي مع نمو نسبة الإنفاق الحكومي المستمر على مشاريع البنية التحتية التي تسهّل عمليات نقل واستيراد أحدث التقنيات.
ورأى عدنان الفلاح، رئيس شركة «أس آي تي» لتسويق المنتجات التكنولوجية، أن أسواق الإمارات تشهد تطوراً كبيراً ونمواً في نمط استهلاك التقنيات الحديثة، في حين كانت في وقت سابق منصة تصديرية إلى جهات أخرى، لافتاً إلى أن معظم الموردين الأجانب للحلول التكنولوجية مازالوا يواجهون إشكالية غياب الوسائل المساعدة المحلية لتسويق منتجاتهم، وبالتالي فإن ثمة فرصاً كبيرة في هذا المجال أمام وسطاء توريد المنتجات في الإمارات.
وأضاف في تصريح لـ«الرؤية الاقتصادية»، «إن شركته تستحوذ على نسبة تتراوح ما بين 5 و8 بالمئة من حجم سوق توريد المنتجات التكنولوجية ذات الاستخدام الشخصي في الإمارات، وهي الوكيل المحلي المورّد لأجهزة (أتش تي سي) للهواتف النقالة، فيما حققت زيادة في المبيعات قدرت بـ40 بالمئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية».
وتمثل الجودة الخيار النموذجي بالنسبة لمنتجي وموردي الأجهزة الإلكترونية، إضافة إلى تنافسية الأسعار ومدى تلاقيها مع القدرة الشرائية لمستهلك متوسط الدخل، فيما رأى الفلاح أن ثمة عنصراً جديداً تجب إضافته إلى تلك المنظومة في ظل المنافسة الشرسة على كعكة توريد المنتجات في الإمارات، وهو عنصر خدمات ما بعد البيع، فكلما كانت الشركة تمتلك فروعاً لخدمة المستهلكين كانت فرص نموها وانتشارها أسرع.
وقال «نراهن على هذا العنصر بشكل كبير في الفترة المقبلة، حيث نزيد من عدد الفنيين ومراكز الصيانة الجديدة، ونراعي توسعها جغرافياً بصورة تلبي عملية السرعة في رد الفعل، كما نعتمد على وسائط جديدة في التسويق مثل الإنترنت الذي يعتبر مورداً جديداً لترويج السلع والبضائع في البلاد العربية».
سوق التوريد
وأوضح رئيس شركة «أس آي تي» أن سوق الإمارات قوي في قطاع توريد الأجهزة الإلكترونية عموماً، وأن المنافسة فيه شرسة جداً مقارنة مع أسواق خليجية مجاورة، يليه في المرتبة الثانية السوق السعودي من حيث تسويق منتجات إلكترونية متقدمة، لكنه ذهب إلى أبعد من مجرد عمليات التسويق لتلك المنتجات: مشيراً إلى الارتفاع النسبي في أسعار قطع الغيار، وتكلفة الصيانة، والذي يظل هاجساً في عقول المستهلكين قبل إجراء عملية شراء سلعة أو منتج، وهو يمثل أبرز التحديات التي قد تواجه أي منتج أو مورد.
وأضاف «من أجل ذلك، وضعنا ضمن خطط التوسع، لدينا، زيادة عدد فرق الصيانة في كل من الإمارات والسعودية وقطر والكويت والبحرين، وخصصنا مراكز تحتوي على مهندسين متخصصين، فالرهان على مهندسي الصيانة يظل محورياً في استقطاب شرائح جديدة من المستهلكين، ولذلك نعمل على تعيين رئيس للمبيعات في سوق الإمارات تحديداً، وسنرفع نسبة مهندسي الصيانة كذلك».
وحول معوقات التوزيع، قال الفلاح «إن الشركات لا تواجه معوقات داخلية في عمليات التوزيع للأجهزة، بينما يمكن أن تكون هناك مشاكل خارجية، فالمنتج قد لا يستطيع تسويق منتجاته في الخارج، فيبحث لها عن وسيلة لتسويقها في الإمارات ومنطقة الخليج، حيث تحتوي هذه المنطقة على حزمة من المحفزات سواء للمنتجين أو الموزعين، ما يدفعهم بالطبع إلى محاولة اقتناص هذه الفرص، فضلاً عن أن المنتج الأجنبي يعلم تماماً ميل المستهلك المحلي إلى المنتجات الأجنبية. إضافة إلى ذلك، فإن ثمة شركات منتجة تريد التخلص من بضائع لديها بأقصى سرعة، وهو ما يتمثل في العروض التي نراها بين حين وآخر، فيما تعتمد في ذلك على طرق جديدة في توريد وتوزيع منتجاتها، أبرزها (أون لاين) على شبكة الإنترنت، التي تتسم بالسرعة في التعامل واتخاذ القرار الشرائي من قبل المستهلك، ففي السابق كانت تصل المدة بين اختيار المنتج وشرائه وتسلمه من قبل المستهلك 4 أيام، بينما الآن لا تتجاوز يوماً واحداً، وربما نصف يوم».
ثقة المستهلكين
وأشار إلى أن المستهلك، في الإمارات، دائماً ما يبحث عما يبعث الثقة في نفسه تجاه سلعة أو منتج ما، فيما يتسابق الموردون للاعتماد على ما يرفع من ثقة هذا المستهلك، مثل إنشاء فروع محلية للصيانة وخدمات ما بعد البيع، وتوفير قطع غيار للأجهزة بأسعار تنافسية، والاستعانة بكوادر فنية متخصصة واحترافية وغير ذلك، لكن المنتجات التي تسوقها شركة «أس آي تي»، والتي تتركز في أجهزة «أتش تي سي» الذكية تختلف في خصائصها عن المنتجات التقليدية التي تروّج للمستهلكين متوسطي الدخل، حيث تعتمد هذه المنتجات على شريحة ذات دخل مرتفع من المستهلكين، نظراً لما تحتويه من خصائص تقنية ترفع من أسعارها، مثل التقنية عالية الوضوح «أتش دي» وسرعة «البروسيسور» والإضافات الأخرى، مثل جودة الصوت والموسيقا بصورة غير نمطية من شأنها أن ترفع أسعار هذه المنتجات، وتخرجها من دائرة المستهلك متوسط الدخل.
ويتساوى الحال لدى مسوقي التقنيات الموجهة إلى شرائح ذات قدرة شرائية عالية أو متدنية، عندما يواجهون «المنتجات المقلدة»، فهذه الأخيرة تلتهم بشكل كبير حصة لا بأس بها من كعكة تسويق المنتجات التكنولوجية في الأسواق المحلية، وتهدد عمليات النمو بالنسبة للمنتجات الأصلية.
الهواتف المقلدة
واعتبر الفلاح أن قرار السلطات في الإمارات (هيئة تنظيم الاتصالات) قطع الخدمة عن الهواتف المقلدة اعتباراً من مطلع العام الجاري يسهم بشكل كبير في حماية المستهلكين من الوقوع كضحايا لأجهزة قد تلحق بهم أضراراً مباشرة، كما يفسح المجال أمام المنتجات الأصلية لاستعادة حصتها في الأسواق بصورة عادلة، ويسهم في رفع قدرات المستهلكين في المقارنة بين مزايا وأضرار المنتجات الأصلية والمقلدة بعد تسليط الضوء عليها من قبل السلطات الرسمية.
يشار إلى أن «هيئة تنظيم الاتصالات»، أعلنت في وقت سابق أنها ستبدأ اعتباراً من الأول من يناير 2012 قطع الخدمة عن جميع أجهزة الهواتف المتحركة المقلدة التي تحمل أرقاماً تعريفية تسلسلية (IMEI) غير صالحة، والتي تعمل على شبكات الاتصالات في الدولة، ويشمل القرار الحكومي جميع الخدمات بما فيها المكالمات الصوتية والرسائل النصية والصوتية القصيرة وخدمات الإنترنت، فيما أطلقت «الهيئة» في وقت سابق كذلك، بالتعاون مع «اتصالات» حملة لزيادة وعي المستهلكين، وتشجيعهم على عدم استخدام الهواتف المقلدة، في خطوة هدفها حماية مصالح المستخدمين.
واعتمدت «هيئة تنظيم الاتصالات» في ذلك على الرقم التسلسلي الذي يحمله كل هاتف متحرك، حيث يحمل كل جهاز رقماً يختلف عن غيره يتكون من 15 رقماً، وهو الرقم التسلسلي، أو ما يعرف بـ«سيريال نمبر».
وبلغ حجم الاستثمارات في قطاع الاتصالات والمعلومات في الإمارات نحو 60 مليار درهم بنهاية العام 2010، في حين مازالت هناك فرص كبيرة تلوح في أفق القطاع أمام الاستثمارات الحكومية والخاصة، حسب ما ذكرت «هيئة تنظيم الاتصالات» في وقت سابق.