البوابة – وسام نصرالله
نفذ إعلاميون وشخصيات حزبية وسياسية ونيابية أردنية ظهر الأحد إعتصاما أمام مقر نقابة الصحفيين الأردنيين للتنديد بإعتداء قوات الأمن على مجموعة من الإعلاميين خلال تغطيتهم لإعتصام "15 تموز" الجمعة الماضي في ساحة النخيل بوسط العاصمة عمان.
وهدد نقيب الصحفيين الأردنيين طارق المومني في كلمة له أمام حشد كبير من المعتصمين بإجراءات تصعيدية إذا لم يتم محاسبة المسؤولين عن ذلك الإعتداء ومعاقبتهم، والذي اسفر عن إصابة 16 صحفيا وتحطيم كاميرات عدد من المصورين.
ويرى المومني أن ماحدث من إعتداء على الإعلامين كان بمثابة كمين مدبر، وان إستهدافهم من قبل رجال الأمن كان واضحا للعيان، مشيرا إلى أن الاتفاق الذي جرى بينه وبين مدير الأمن العام عشية الاعتصام تضمن توفير الحماية للصحافيين أثناء تغطيتهم لواجبهم من خلال ارتدائهم الستر الخاصة لم يمنع من الإعتداء على الإعلاميين.
وأعلن نقيب الصحفيين ان النقابة بصدد تسجيل دعاوى قضائية بحق مديرية الامن العام مطالباً الزملاء الذين تعرضوا للشتم أو الضرب بالمسارعة لتسجيل شكواهم.
وأكد على أن النقابة لن تتهاون أو تصمت حيال الحادثة كما انها لن تسمح بتسويفها بأي شكل من الأشكال.
وقال إن توقيف 4 من رجال الأمن العام بمثابة درء الرماد في العيون إذ يجب محاسبة العشرات ممن اعتدوا على الصحفيين.
وطالب المومني بتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة لمحاسبة افراد الامن العام الذين قاموا بالاعتداء على الصحفيين على يكون المستشار القانوني ومحامو النقابة ضمنها.
الحكومة تبرر
من جهته إعتبر الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية عبدالله أبو رمان بأن الحكومة لديها الجرأة الكافية للاعتراف بانها مخطئة اذا ما تبين ذلك من خلال لجنة التحقيق التي شكلت للتحقيق بالاحداث التي حصلت في اعتصام ساحة النخيل.
و قال ابو رمان ان اللجنة سوف تضم شخصيات قضائية وتتمتع بمهنية عالية ،وسيفتح المجال لها للعمل بحرية مطلقة، واعتبر ان ما حصل من اعتداءات ان كان على الصحفيين ام على المعتصمين فهي اعمال فردية وليس مخطط لها وسوف يتم التعامل معا بكل حزم.
سترات واقية للرصاص
من جانبها أكدت الناطق الرسمي باسم نقابة الصحفيين إخلاص القاضي أن الخطاب الحكومي حول الحريات والإصلاح يواجه خللا حقيقيا في المعطيات مابين التصريحات المعلنة لوسائل الإعلام ومايحدث على ارض الواقع من قمع للحريات وإعتداء يمارس على المواطنين والصحفيين في المسيرات والإعتصامات.
وقالت القاضي إن أكبر دليل على ذلك التناقض هو ماحدث من إعتداء على الزملاء الإعلاميين في ساحة النخيل يوم الجمعة والذين إلتزموا بإرتداء سترات خاصة تكشف طبيعة عملهم لتوفير الحماية اللازمة لهم من قبل الأجهزة الأمنية، بينما الذي حصل فعليا هو العكس تماما عندما تم إستهداف الإعلاميين وضربهم بالرغم من كل الترتيبات المسبقة لتوفير تلك الحماية.
وأضافت " إن أحداث ساحة النخيل والإعتداء على الصحفيين يبدو أنه كان مبرمجا، فما معنى أن توزع الستر الخاصة على الصحفيين لتمييزهم عن الآخرين، ثم يتم الإعتداء عليهم بوحشية، مشيرة إلى أن ماحدث كان شركا وفخا نصب لهؤلاء الصحفيين".
وطالبت القاضي بنبرة تحمل التهكم والسخرية مما حدث بأن توفر الأجهزة الأمنية للصحفيين في المرة المقبلة سترات واقية من الرصاص لمواجهة الخطر المحدق بهم.
وشددت الناطق الرسمي للنقابة على دور النقابة في الدفاع عن الصحفيين سواء كانوا ممن المنتسبين لها أم لا، مشيرة إلى أن النقابة تحمل على عاتقها مسؤولية ومهمة حماية حرية الرأي والتعبير للجميع.
وتتساءل القاضي أنه كيف يمكن للحكومة أن تتحدث عن الإصلاح في ظل القمع الذي يواجه الصحفيين ويتهدد حياتهم؟ وهل هناك هيبة وحصانة للصحفي الأردني تمكنه من القيام بعمله وواجباته على أكمل وجه، أم أنه بنظر الحكومة شخص غير قادر على القيام بمهامه؟!.
وحذرت القاضي من مغبة الإنقضاض على الإصلاحات الديمقراطية بالرغم من تباطؤها، وان يتم إلغاء دور السلطة الرابعة (الإعلام) في رصد وتوثيق التجاوزات على العملية الديمقراطية والحريات، وبالتالي الوقوع -لاسمح الله- على حد تعبيرها، بالاخطاء التي ترتكبها القوى الأمنية المجاورة للأردن، وبالتالي حدوث مالايحمد عقباه.
منظمات حقوقية
كما دانت 10 منظمات حقوقيّة أردنية استخدام رجال الأمن القوة ضد المعتصمين سلمياً في ساحة النخيل في عمان يوم الجمعة الماضي والذي أوقع عشرات المصابين بين الصحفيين والمدنيين ورجال الأمن العام.
وطالبت المنظمات الحقوقية في بيان بإجراء تحقيق محايد ومستقل وشفاف، بمشاركة القضاء والمجتمع المدني، حول ملابسات الحادث ونشر نتائجه للرأي العام الأردني، واتخاذ الاجراءات الكفيلة التي تمنع تكرار هذا الاعتداء على المعتصمين والاعلاميين.
وأوضح المدير التنفيذي للمركز نضال منصور ”بأن مركز حماية وحرية الصحفيين عبر برنامج سند لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام وكذلك وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين –ميلاد- سيقوم بعدد من الإجراءات ومنها: البدء بحملة تقصي حقائق عبر الإستماع لشهادات الإعلاميين الذين تم الإعتداء عليهم، وجمع الأدلة وتوثيق التقارير الطبية من خلال خبراء قانونيين وحقوقيين. واعتماد واتباع منهجية المعايير الدولية خلال توثيق الإنتهاكات وجمع الأدلة. وتقديم شكاوى عاجلة للجهات القضائية على أن يتبعها تحريك للإجراءات الجزائية.
وقال منصور أن المركز سيلجأ لاستنفاذ طرق الطعن الوطنية الممكنة، وإذا تبيّن عدم فعاليتها مثل أن يباشر التحقيق عبر لجنة غير مستقلة، فإنه سيلجأ للآليات الدولية ومنها المقرر الخاص لحرية الرأي والتعبير والمقرر الخاص للتعذيب والمعاملة السيئة.”
وطالب منصور الحكومة باتخاذ إجراءات فورية دون إبطاء تتمثل بـ: البدء بتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة. وكف يد الأشخاص الذين يشتبه بمسؤوليتهم عن هذه الإنتهاكات عن العمل فوراً. وملاحقة ومحاكمة من يشتبه بارتكابهم لهذه الإنتهاكات والاعتداءات بالإضافة إلى من أصدر أوامر الإعتداء أو سكت عن هذه الأفعال المجرّمة.وكذلك الكشف العلني عن نتائج التحقيق والمحاكمات وضمان عدم تكرار هذه الأفعال والاعتذار العلني عنها، وتعويض الصحفيين ضحايا الإنتهاكات إضافة للملاحقات الجزائية للجناة.”
جبهة العمل
كما ادان حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين في الأردن الاسلوب القمعي الذي تعاملت به الأجهزة الأمنية مع المعتصمين والاعلاميين خلال الاعتصام الذي نفذته قوى شبابية ظهر الجمعة الماضية في ساحة النخيل وسط العاصمة عمان.
وأشارت الجبهة في بيان أصدرته صباح الأحد أن هذا السلوك يؤكد غياب الإرادة الجادة لتحقيق الحد الأدنى من المطالب الاصلاحية وأن تكرار هذا الاسلوب في التعاطي مع المظاهرات يعزز القناعة بعدم أهلية هذه الحكومة لإدارة البلد والخروج من الأزمة التي يعيشها الوطن كما يؤكد فشل استخدام الأسلوب العرفي والإدارة الأمنية في حل مشاكل الوطن.
ايقاف 4 رجال امن
وكان مدير الأمن العام الفريق الركن حسين هزاع المجالي تشكيل لجنة برئاسة مساعده للشرطة القضائية العميد محمد الزواهرة وعضوية المستشار العدلي وعدد من الضباط للتحقيق في ملابسات ما وقع في منطقة رأس العين والاعتداءات التي مست عددا من الصحفيين أثناء تأدية واجبهم وفق ما ذكر بيان صادر عن مديرية الأمن العام.
وقالت مديرية الأمن العام أن التحقيق والذي بدأ منذ مساء السبت استند إلى المواد الفلمية المصورة المتوفرة لدى اللجنة المعنية بالتحقيق وذلك لمعرفة حقيقة ما جرى حيث تم توقيف أربعة من أفراد الشرطة حتى اللحظة ممن يشتبه بتورطهم في الواقعة , وأكد البيان أن نتائج التحقيق سيتم الإعلان عنها خلال 72 ساعة وسيصار لإحالة من يثبت إدانته للمحاكمة وفق قانون الأمن العام.