أعلنت عدد من الدول العربية كمصر والإمارات العربية المتحدة والاردن والبحرين خطة لتطوير برامج نووية سلمية في إطار ما يسمى إستراتيجيات أمن الطاقة الرامية إلى تلبية احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء والماء.
وهل البلدان العربية مؤهلة لإدارة برامج نووية كهذه بما يحقق أهدافها بصورة مجدية وآمنة في نفس الوقت؟ الخيار النووي حلم عربي قديم رأى النور برهة ثم تلاشى بعد ما اغتالته إكراهات السياسة وتعقيدات الواقع، وهو اليوم في نظر الساعين إليه حاجة تمليها ضرورات أمن الطاقة بعدما أدرك العالم كله أن النفط طاقة نابضة، يكشف موقع "نقودي.كوم".
ظل الحلم النووي مراوغاً يقترب ثم يبتعد، لا ترغب الدول العربية في الحصول على الطاقة النووية من أجل التسلح بها بالرغم من وجود إسرائيل بجانبها بقوتها النووية المتحفزة ،ولكن الهدف الأساسي هو أن تستطيع الدول العربية توفير ما تحتاجه من الطاقة خاصة أن بعضها لا يمتلك مخزونا كبيرا من البترول وحتى هذا المخزون فهو لن يستمر للأبد ومن الممكن قريبا أو بعيداً أن ينفذ وتعيش تلك الدول أزمة طاحنة من أزمات الطاقة.
خاضت مصر تجربة البحث عن الطاقة النووية في أوائل الثمانينات وقررت أن تعتمد على أكثر من مصدر ودولة في الحصول على مصادر الطاقة النووية حتى لا تكون هناك سيطرة من جانب واحد على مقدرات الطاقة النووية في مصر ولكن تلك الخطوات توقفت سريعا ولم يعد هناك اهتمام بها إلا مؤخرا حينما تحدث الرئيس المصري السابق في السنوات الأخيرة من حكمه عن مشروع نووي يستخدم للأغراض السلمية.
ظل الحلم النووي يراود الدول العربية واحدة تلو الأخرى ما بين العراق 1980 وسوريا 2005 وحاليا الإمارات والأردن ومصر ،والسعودية، يبدو الأمر مغريا، مصدر نظيف للطاقة لا ينضب مثل المصادر الأخرى ولكن الكارثة النووية التي حلت باليابان إثر الزلزال الأخير كشفت أن الأمر ليس بالسهولة التي نعتقدها وأثارت تساؤلات مهمة عن مدى قدرة الدول العربية على تحمل مخاطر المشروع النووي والعناية به دون أن يؤدي إلى كوارث تحل بها بدلاً من مكاسب تتمنى الحصول عليها.
يبدو أن الدول العربية لا تعلم الثمن الباهظ للمشروع النووي حيث يكلف تنظيف النفايات النووية الولايات المتحدة الأمريكية مبالغ تتراوح ما بين 23 إلى 100 مليار دولار سنويا وكذلك الحال في الدول الغربية الأخرى مما دفع الشعب في السويد للمطالبة بإستفتاء قرر فيه عدم بناء مفاعلات نووية .
يبدو الأمر غير مقبول في الوطن العربي ففي الخليج لا تزال لديهم طاقات وينابيع بترول لم تستنفذ ولم تصل الحكومات ولا الإدارات في الدول العربية إلى المرحلة التي تكون فيها قادرة على إدارة مثل تلك المشاريع الخطرة ،والتي من الممكن أن تتحول إلى قنبلة موقوتة كما حدث في تشرنوبل قديما ويحدث في اليابان حالياً.
السباعي عبد الرءوف