في مخيم الزعتري؛ بدأ "خالد" في البحث عن وسيلة يستطيع من خلالها أن يكون ذا نفع للمحيطين به وهو الشرطي المتقاعد الذي بذل معظم حياته في خدمة مجتمعه.
وعمل "خالد"في أول أيامه في المخيم كبائع "بسطة" إلا أن وظيفته السابقة كشرطي منعته من الاستمرار في مثل هذا المهنة. ووجد خالد فرصته في عمل آخر حين تقرّر تقسيم المخيم إلى شوارع يحوي كل منها 200عائلة بالإضافة إلى تعيين مسؤول عن كل واحد منها تحت اسم "رئيس شارع" تتلخص وظيفته في الاهتمام بشوون اللاجئين السوريين وتسجيل القادمين الجدد لتأمين المعونات اللازمة لهم إضافة إلى حل المشكلات التي قد تحدث بينهم وهو العمل الذي استطاع خالد القيام به بكفاءة ومهارة نابعتين من خبرته الوظيفية السابقة في قطاع الأمن في سوريا.
وسيرًا على نهج "الحرية" الذي يطالب به السوريون المناهضون لنظام الأسد، فقد قرر اللاجئون السوريون تطبيق النظام الديموقراطي داخل المخيم الأمر الذي تمثّل في ترشيح مجموعة ممن يجدون في أنفسهم القدرة على الاضطلاع بمهام رئيس الشارع التطوعية ليختار قاطنوه رئيسه القادم.
وقد وقع الاختيار على خالد كرئيس بعد إجراء هذه الانتخابات المصغرة؛ ذلك أنه قد استطاع أن يكسب ود مجموعة كبيرة من العائلات ليبدأ بذلك مشوره الجديد الذي يستلزم الكثير من الجهد والتعب. فوفقًا لخالد؛ فإن توزيع المعونات على اللاجئين ليس بالعملية السهلة ذلك أن حجمها قد يكون غير كافٍ أحيانا.
وضرب خالد مثالا على ذلك حين قال بأنه قد تم تسليمه معونات تكفي لـ 100 عائلة فقط في حين أنه يرأس شارعًا يضم نحو 200 من العائلات لتنهال عليه الاعتراضات والشتائم أيضا برغم أنه مجرد وسيط لا حول له ولا قوة.
مسؤولية أخرى تضاف إلى مسؤوليات خالد كرئيس شارع ألا وهي حل النزاعات والخلافات بين أفراده والتي يؤكد خالد بأنها الأقل مقارنة بشوارع المخيم الأخرى. ويمتلك خالد ملفا خاصًا يسجل فيه أسماء جميع العائلات التي تسكن الشارع كما ويدون فيه أسماء القادمين الجدد أو أولئك الذين غادروه إما إلى الخارج أو إلى القبر.
قد يكون الشرطي المتقاعد خالد قد اعتاد على حل المشاكل في بلده في ظل نظامها الديكتاتوري مقابل راتب شهري؛ إلا أن الوضع في المخيم قد جعل من خالد قائما على حل مشاكل مواطنيه دون مقابل ودون فرض أي إملاءات لا يشعر بالرضا عنها في تحولٍ قد ينبئ عن تحول جذري في سوريا ما بعد الأسد.
نورا خليل العزوني
ميساء الخضير