يستعد رئيس الحكومة اللبنانية الجديد نجيب ميقاتي لمهمة دقيقة تتمثل في اعداد البيان الوزاري لحكومته، غداة الاعلان عن تشكيل حكومة يتمتع فيها حزب الله وحلفاؤه بغالبية الوزراء.
وتتركز الانظار على الشكل الذي سيخرج به البيان الوزاري، والذي سيحدد موقف لبنان من قضية المحكمة الدولية المكلفة بقضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في العام 2005، والتي كانت وراء اسقاط حكومة سعد الحريري قبل خمسة اشهر.
وتعاملت واشنطن بحذر مع اعلان تشكيل الحكومة التي يتمتع فيها حزب الله وحلفاؤه بالاكثرية، معلنة الاثنين انها ستقيم هذا الفريق الحكومي "بناء على افعاله".
وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر "المهم في نظرنا ان تلتزم الحكومة اللبنانية الجديدة الدستور في لبنان، ان تنبذ العنف، وخصوصا محاولات الثار من مسؤولين حكوميين اخرين، وان تحترم التزاماتها الدولية بما فيها قرارات مجلس الامن الدولي والتزامها حيال المحكمة".
اما الامين العام للامم المتحدة بان كي مون فحث الحكومة الجديدة على احترام الالتزامات الدولية للبنان.
وفي باريس، اعلن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية الثلاثاء ان فرنسا تعتبر ان "استمرار الحكومة اللبنانية في تطبيق التزاماتها وتعهداتها الدولية في لبنان" وخصوصا حول المحكمة الدولية هو "امر اساسي".
وكانت قوى 14 اذار، وابرز اركانها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، رفضت المشاركة في هذه الحكومة متخوفة من ان تكون وسيلة "لوضع حزب الله يده على الجمهورية" و"لوقف التعاون اللبناني مع المحكمة" الدولية المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري.
ورأى الامين العام لقوى 14 اذار فارس سعيد لوكالة فرانس برس ان "لبنان اصبح رهينة بيد حزب الله والنظام السوري" بعد تشكيل هذه الحكومة.
وقال ان الحكومة التي اعلنت الاثنين برئاسة نجيب ميقاتي "تابعة للنظام السوري الذي يواجه ازمة، ولحزب الله الذي ينتظر بين اليوم الآخر صدور القرار الظني" في قضية اغتيال رفيق الحريري.
وأتى اعلان هذه الحكومة بعد أكثر من خمسة اشهر على سقوط حكومة سعد الحريري في 12 كانون الثاني/يناير بضغط من حزب الله وحلفائه بسبب الخلاف حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
واضاف سعيد "لقد خسر النظام السوري منذ اندلاع الاحتجاجات في 15 اذار/مارس كل صداقاته في العالم العربي وتركيا (...) وهو يريد حكومة صديقة في لبنان تعينه على مواجهة الانتفاضة السورية من جهة ومواجهة ضغوط المجتمع الدولي من جهة اخرى".
وتابع "في الوقت الذي يتجه فيه العالم العربي نحو الديموقراطية (...) يغرق لبنان مجددا بين قبضة النظام السوري وسلاح حزب الله".
وتواجه حكومة ميقاتي عددا من الاستحقاقات لا سيما موقفها من المحكمة الدولية، اضافة الى عدد من الملفات الداخلية العالقة سياسيا واقتصاديا وامنيا.
ويتوقع حزب الله ان توجه اليه المحكمة الاتهام في الجريمة ويطالب بوقف التعاون معها، في حين يتمسك بها فريق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، وحلفاؤه.
لكن ميقاتي رفض الادلاء بموقف واضح، وقال لفرانس برس "سأسعى جاهدا لاخراج هذا الموضوع بطريقة تعني ان لبنان يحترم القرارات الدولية، وفي الوقت نفسه نحن معنيون بالاستقرار".
ومن المفترض ان تنال هذه الحكومة الثقة في مجلس النواب، حيث يتمتع حزب الله وحلفاؤه باغلبية بسيطة.
وهي المرة الاولى في لبنان التي يحظى فيها حزب الله وحلفاؤه بغالبية الوزراء في الحكومة اللبنانية.
غير ان ميقاتي قال لفرانس برس ان "حصول حزب الله وحلفائه على 18 وزيرا في الحكومة لا يعني ان لبنان سيغرق في الخط المتصلب في مواجهة المجتمع الدولي".
واكد ان حزب الله وحلفاءه لن يكون بامكانهم اتخاذ قرارات من جانب واحد في الحكومة.
ويرفض ميقاتي الاتهامات الموجهة اليه بانه "مرشح حزب الله"، ويقدم نفسه على انه "رجل الوفاق والاعتدال" و"صاحب مشروع انقاذي".
واكد ميقاتي في حديث لوكالة فرانس برس بعيد تكليفه في 25 كانون الثاني/يناير ان تسمية حزب الله له في الاستشارات النيابية لترؤس الحكومة لا تلزمه في الوقت الحاضر باي موقف سياسي "سوى التمسك بحماية المقاومة".
واضافة الى العوامل الداخلية التي اخرت تشكيل الحكومة، يتحدث المراقبون عن عامل اضافي كان له تأثير على مسار عملية التشكيل، هو اندلاع الاحتجاجات في سوريا المجاورة ضد نظام الرئيس بشار الاسد.
وكانت سوريا سحبت قواتها من لبنان في نيسان/ابريل 2005 تحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي بعد حوالى ثلاثين سنة من الانتشار. ودعت احزاب حليفة لدمشق ابرزها حزب الله في حينه، في مواجهة الضغوط والدعوات الى الانسحاب السوري، الى تجمع شعبي حاشد في 8 آذار/مارس 2005، بعنوان "شكرا سوريا".
وجاءت تلك الاحداث بعيد اغتيال رفيق الحريري بسيارة مفخخة في وسط بيروت في 14 شباط/فبراير 2005 وتوجيه اصابع الاتهام آنذاك الى سوريا بالوقوف وراء هذا الاغتيال.
ومنذ ذلك الحين، انقسم لبنان السياسي بين معارض لدمشق ومؤيد لها.