كشف المعهد الإسرائيلي للأمن العام في دراسة حديثة عن أن الشرق الأوسط بات مهيئًا في ظل ما يعتريه من ثورات وبؤرة مشتعلة للوقوع تحت سيطرة مرتزقة العالم، خاصة مع اعتماد عدد من الزعماء وبالتحديد العقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية عليهم في مواجهة الانتفاضة الشعبية هناك، وإمكانية استعانة بعض الجهات أو الهيئات سواء الدولية أو حتى المحلية بهم في بعض الدول العربية سواء الثائرة أو حتى المستقرة خلال المرحلة المقبلة خاصة مع توتر الأوضاع في الشرق الأوسط ونشاط سماسرة الارتزاق العسكري وعرضهم لخدماتهم بأقل الأسعار على كبار المسئولين أو الزعماء.
وكشفت الدراسة التي عرضها موقع صحيفة يديعوت أحرونوت علي النت إلى أن كبرى الشركات الأمنية الدولية المعنية بتوريد المرتزقة إلى مختلف البقاع الملتهبة في العالم تقوم بتكثيف نشاطها الآن في عدد من الدول العربية خاصة ليبيا في ظل الوعود السخية والرعاية المتميزة التي تقدمها السلطات الليبية لهؤلاء المرتزقة، وزعم القذافي أنهم أبناء عمومته ولن ينسي أفضالهم عليه ووقوفهم بجانبه حتي النهاية.
أشارت الدراسة إلى أن تحول ليبيا إلى جهة "مفضلة" لمرتزقة العالم يعود إلى عدة أسباب أهمها السخاء المالي أو الاقتصادي الذي يتعامل به القذافي معهم، حيث يصل راتب الفرد منهم في اليوم الواحد إلى ما يقرب من 2000 دولار للمحترف، وهو راتب لا يقل عما يحصل عليه المرتزقة في أي دولة أخرى بالعالم سواء في إفريقيا أو أسيا أو حتى أمريكا الجنوبية.
بالإضافة إلى أن زعيم ليبيا ذاته معمر القذافي يرى أن هؤلاء المرتزقة أشخاص أبرياء يستحقون منحهم الأمان ليتصرفوا في الدولة كما يشأوون مقابل تخليصه من الثوار، وهي خطوة لم يقم بها أي زعيم على أرضه من قبل.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك الكثير من زعماء العالم الذين استعانوا بالمرتزقة في إطار العمليات العسكرية التي يقومون بها، إلا أن هذه الاستعانة كانت تتم بصورة سرية وغير معروفة، غير أن ما قام به القذافي خالف كل الأعراف وبات سابقة لم يشهدها العالم من قبل حيث منح هؤلاء المرتزقة حرية الحركة ووصفهم بأبنائه المخلصين الذين يرغبون في الدفاع عنه.
وتزعم الدراسة بأن كبرى الشركات الأمنية الخاصة بتوريد المرتزقة على علاقة طيبة جدا مع العقيد القذافي وبعض كبار المسئولين المقربين منه، الأمر الذي سيحول ليبيا إلى مغنم ومنجم ذهب للمرتزقة.
وتشير إلى أن القذافي بدأ في الاعتماد عمليا على هؤلاء المرتزقة في حمايته شخصيا وحماية المنشآت النفطية التي مازالت تحت سيطرته، وهو ما فجر بعض من الخلافات بينه وبين عدد من المقربين إليه، خاصة وأن البعض يرى أن الاعتماد على هؤلاء المرتزقة يجب أن يكون في أضيق الحدود وليس في "عمليات عسكرية قذرة" حتي لا يثير ذلك غضب الجماهير ووحدات الجيش التي مازالت موالية للنظام إلا أن القذافي رفض تماما هذا الأمر وأصر على أن يتم الاستعانة بهؤلاء المرتزقة سواء من أجل حمايته الشخصية أو قتل شعبه، الأمر الذي سيكون له الكثير من المخاطر على المستوى الأمني ويدفع بليبيا إلى حافة الهاوية.
وتتطرق الدراسة بعد ذلك إلى نقطة في غاية الأهمية وهي إمكانية تأثر الدول المجاورة إلى ليبيا بهؤلاء المرتزقة خاصة مع محاولة البعض منهم الهرب إلى مصر و تونس عقب نجاح الشعب الليبي في السيطرة على الكثير من المناطق وطرد هؤلاء المرتزقة منها.
وتوضح الدراسة أن الجيش المصري يقوم الآن بالقبض على الكثير من هؤلاء المرتزقة القادمين من تشاد ونيجيريا وتونس ويحتفظ بهم عند نقطة السلوم الحدودية.
ويشير التقرير إلي وجود قلق مصري وتونسي من هذا النشاط المريب للمرتزقة، خاصة مع انتشار البعض منهم في العراق والآن يأتي الدور على ليبيا فضلا عما تردد من أنباء عن تزايد أعدادهم في جنوب السودان التي توافد عليها عدد كبير منهم لحماية المنشآت النفطية لحين تشكيل جيش الجنوب السوداني الجديد.
وتنتهي الدراسة بالتأكيد على خطورة هذه الفئة المسلحة وإمكانية إشعالها للصراع الحاصل الآن في المنطقة، الأمر الذي يفرض على جميع الدول بما فيها إسرائيل الحذر وبشدة من خطورتهم.
جدير بالذكر أن بعض من المستوطنات الإسرائيلية استعانت منذ عدة سنوات بمرتزقة من الجمهوريات السوفيتية من أجل حمايتها من الفلسطينيين، الأمر الذي أثار غضب الكثير من الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل، وهو ما دفع بالكنيست إلى سن قانون يحظر تماما استقدام أي مرتزق أو حارس شخصي أجنبي إلا بالاتفاق مع هيئة الأركان العسكرية ومصادقة رئيس الهيئة "نفسه" على هذا.