أرسل النظام السوري تعزيزات عسكرية إضافية إلى مدينة جسر الشغور التي تشهد أعمال عنف دامية، فيما وجه ناشطون دعوة إلى التظاهر تحت اسم "ثلاثاء النهضة" مطالبين الجيش بحماية المدنيين من "عملاء" النظام.
وقال ناشط ان "ثلاث عشرة ناقلة تتجه الى مدينة جسر الشغور" التي يقوم الجيش بعمليات تمشيط فيها منذ السبت. واضاف "لقد انطلقت من حلب" الواقعة شمال شرق جسر الشغور التي "حلقت فوقها مروحيات طوال الليل".
واكدت السلطات التي تعزو الاضطرابات في البلاد الى "عصابات مسلحة"، الاثنين ان هذه "العصابات" قتلت 120 شرطيا في جسر الشغور منهم 80 في مقر قيادة الامن.
وبث التلفزيون الرسمي صورا لجنود اكد انهم قتلوا في المدينة، وحذر وزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار من ان "الدولة ستتعامل معها بحزم وقوة" و"لن يتم السكوت عن اي هجوم مسلح".
وذكرت صحيفة الوطن القريبة من السلطة ان "عملية امنية وعسكرية واسعة النطاق ستشن في قرى منطقة جسر الشغور، بعد معلومات عن وجود مئات الرجال المسلحين".
لكن اثنين من الناشطين في المنطقة اتصلت بهما وكالة فرانس برس من نيقوسيا، نفيا المعلومات عن "عصابات مسلحة"، مؤكدين ان عناصر الشرطة قتلوا خلال عصيان في مقر قيادة الامن في المدينة الواقعة في محافظة إدلب.
كذلك اكد بيان نشر على موقع فيسبوك ويحمل توقيع "سكان جسر الشغور" ان مقتل الشرطيين والجنود هو نتيجة الانشقاقات في الجيش، وانه لا وجود للعصابات المسلحة في المنطقة.
وجاء في البيان "نحن أهالي جسر الشغور نؤكد أننا لم نطلب حضور الجيش. ولا أساس للحديث عن وجود مسلحين بالمنطقة (..) واللجان الشعبية في جسر الشغور تتكفل بحفظ الأمن في المنطقة ولا داعي لأي عناصر غريبة عن المنطقة كي لا ندع فرصة للمندسين والمخربين والمسلحين الذين ينتحلون الصفة الأمنية. ونؤكد أن القتلى في صفوف الجيش والأمن كانت ناتجة عن انشقاقات في صفوفهم حيث بدأوا بإطلاق النار فيما بينهم على ما يبدو لأن بعضهم رفض الأوامر بإطلاق النار على المدنيين العزل".
ولا يستطيع المراسلون الاجانب التنقل بحرية في سوريا، ومن الصعب بالتالي تأكيد هذه المعلومات من مصدر مستقل.
ومنذ يوم الجمعة، قتل عشرات المتظاهرين في هذه المدينة المعروفة بأنها كانت معقل الاخوان المسلمين في الثمانينات والمتاخمة للحدود التركية.
وكان اربعون سوريا على الاقل هاربين من عمليات القمع دخلوا تركيا في نهاية الاسبوع، وقضى واحد منهم متأثرا بجروحه، كما قال مصدر دبلوماسي تركي، مشيرا الى "259 لاجئا سوريا بالاجمال في تركيا، نقل 35 منهم الى المستشفى".
وتحدث مصدر في منظمة انسانية عن وفاة ثلاثة اشخاص بين اللاجئين السوريين منذ 20 ايار/مايو.
"ثلاثاء النهضة"
وفي نداء جديد للتظاهر "سلميا" الثلاثاء، طلب ناشطو "الثورة السورية 2011"، محركة الاحتجاجات، مرة جديدة من الجيش "الدفاع عن المتظاهرين من نيران عملاء" النظام.
وكتب المنظمون على صفحة "الثورة السورية 2011"، محركة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد نظام الرئيس بشار الاسد منذ 15 اذار/مارس "ثلاثاء النهضة 7 حزيران/يونيو، عهد النكسة ولى، عهد الخيانة ولى". ويقصد بالنكسة هزيمة الجيوش العربية امام اسرائيل في 1967.
واضاف الناشطون "لا ندعو الى المعركة ونرفض حمل السلاح ضد اخوتنا في الجيش. ندعوهم الى حمايتنا والدفاع عنا من نيران عملاء النظام"، مشيرين الى انهم "ضد الطائفية".
ووجهت صفحة "الثورة السورية 2011" توجيهات الى المتظاهرين "في المدن المهددة بهجومات عصابات النظام، وخصوصا مدينة ادلب" التي تبعد 330 كلم شمال دمشق.
وطلبوا من السكان "احراق اطارات" و"اغلاق الطرق بالحجارة والاخشاب" لمنع وصول تعزيزات عسكرية كما قالوا.
وفي مدينة جسر الشغور "شمال غرب" بمحافطة ادلب التي تشهد تظاهرات مناوئة للنظام، قتل الاثنين 120 شرطيا برصاص "تنظيمات مسلحة"، كما ذكرت السلطات التي حذرت من ان "الدولة ستتعامل مع هذه المجموعات بحزم وقوة".
الا ان ناشطين في مجال حقوق الانسان، اكدوا ان عناصر الشرطة قتلوا خلال تمرد في مقر قيادة الامن في المدينة.
وقد تعذر التأكد من هذه المعلومات من مصدر مستقل، ولا يستطيع الصحافيون الاجانب التنقل بحرية في سوريا.
مجلس الامن
وقال مسؤولون ودبلوماسيون يوم الثلاثاء ان فرنسا تدفع في اتجاه اصدار مجلس الامن التابع للامم المتحدة سريعا قرارا بادانة سوريا بسبب قمع المحتجين والذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين.
وأدانت وزارة الخارجية الفرنسية ما تردد عن المزيد من العنف في سوريا وقالت ان فرنسا وشركاءها في الامم المتحدة أعدوا مسودة قرار حول سوريا.
وذكر مصدر دبلوماسي فرنسي أن باريس تأمل أن تتحقق هذه الخطوة من الامم المتحدة "خلال الايام القليلة القادمة".
وقال برنار فاليرو المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في بيان مكتوب "لن يفهم أحد اذا التزم مجلس الامن التابع للامم المتحدة الصمت ازاء هذه المسألة... لا يمكن الاستمرار في العنف."
وظل وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه في مقر الامم المتحدة بنيويورك بعد أن قاد حملة هناك يوم الاثنين حتى يتخذ مجلس الامن موقفا من سوريا قائلا ان الرئيس بشار الاسد فقد شرعيته في الحكم.
وقال جوبيه يوم الاثنين انه يعتقد أن قرارا يمكن أن ينال تأييد 11 صوتا من بين 15 في مجلس الامن يوم الثلاثاء.
وحذرت الصين يوم الثلاثاء الماضي من أن مسودة قرار أوروبية تطلب من مجلس الامن ادانة سوريا لن تنزع فتيل التوتر في المنطقة مشيرة الى أن بكين يمكن أن تمنع القرار اذا طرح للتصويت. وقالت روسيا في أواخر الشهر الماضي انه ليس هناك "سند" لبحث قضية سوريا في المجلس.
كما أدان فاليرو تقارير عن اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة في بلدة جسر الشغور في شمال غرب سوريا وقال ان من الضروري حماية المدنيين.
ومضى فاليرو يقول "نناشد السلطات مرة أخرى التوقف عن القمع الذي يذكي العنف والتوقف عن عدم محاسبة قوات الامن وتنفيذ الاصلاحات التي ينتظرها الشعب."
ولم يتضح ما حدث بالتحديد في جسر الشغور لكنه يمثل فيما يبدو أحد أكثر الاحداث عنفا منذ نحو 12 اسبوعا من الاحتجاجات الشعبية ضد حكم الاسد.
ولمواجهة هذا الوضع الذي تسوده الفوضى، اكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ان بلاده وقوى غربية اخرى باتت مستعدة للمخاطرة بفيتو روسي في الامم المتحدة حول مشروعهم ادانة اعمال العنف في سوريا.
ورأت منظمة العفو الدولية ان "من الملح ان يصوت مجلس الامن الدولي الذي التزم الصمت فترة طويلة حول هذا الموضوع، لادانة المجازر".
ويعتبر المعارضون وناشطو حقوق الانسان السوريون ان الاولوية الملحة الان هي وقف القمع "القاسي والوحشي" للتظاهرات، ويقولون انهم لا يثقون بالنظام على رغم الاعلان عن اصلاحات ويدعو القسم الاكبر منهم الى تنحي الاسد.
وقد اعلن النظام عن رفع حالة الطوارىء وتشكيل لجنة حول تعدد الاحزاب والعفو العام لكنه واصل في المقابل عمليات قمع المتظاهرين.
وتقول منظمات للدفاع عن حقوق الانسان ان اكثر من 1100 مدني منهم عشرات الاطفال قد قتلوا منذ 15 اذار/مارس.