بدأ الاف المواطنين في جنوب السودان يوم الاثنين تسجيل أنفسهم للاشتراك في الاستفتاء الذي طال انتظاره على الاستقلال وهي أول خطوة ملموسة نحو الاقتراع الذي قد يؤدي إلى تقسيم اكبر دولة في افريقيا إلى دولتين.
وجاءت هذه الخطوة في الوقت الذي اتفق فيه زعماء الشمال والجنوب على اقامة حدود تسمح بحرية حركة التجارة والبدو بين المنطقتين في حالة الانفصال ضمن اتفاق اطاري لحل قائمة من النزاعات بين الجانبين.
وسيجري في التاسع من كانون الثاني / يناير الاستفتاء على ما اذا كانت المنطقة المنتجة للنفط ستعلن استقلالها. وهذا الاستفتاء هو ذروة اتفاق السلام الذي وقع عام 2005 وأنهى عقودا من الحرب بين الشمال والجنوب وهي أطول حرب أهلية في افريقيا وأودت بحياة مليوني شخص.
ويتوقع المحللون على نطاق واسع أن يصوت الجنوبيون لصالح الانفصال.
وقال شاهد من رويترز ان سلفا كير رئيس حكومة جنوب السودان الذي أحاطت به حشود أخذت تغني وتقرع الطبول في جوبا عاصمة الجنوب كان من بين أول من سجلوا أسمائهم.
وقال كير للحشود "سنصوت في التاسع من يناير. يجب ان يأتي الناس بأعداد كبيرة. والا سيكون الناس قد قاتلوا وماتوا بلا سبب. الاستفتاء سيجرى مرة واحدة."
وتجول مسؤولون بمكبرات صوت في شوارع جوبا عاصمة الجنوب في الصباح داعين المواطنين الى تسجيل اسمائهم.
ودوت أغنية مؤيدة للاستقلال من سيارة غير رسمية.
وقال دينق مانيوال الذي يسكن في جوبا لرويترز بعد التسجيل "نحتاج الى الانفصال عن هؤلاء الناس (الشماليين). لم يفعلوا لنا اي شيء جيد."
وتأتي الاجواء المؤيدة للاستقلال في مواجهة حملة يقودها الرئيس السوداني عمر حسن البشير حتى يختار الجنوبيون استمرار الوحدة مع الشمال.
واتهم زعماء جنوبيون الشمال بمحاولة تأجيل وتعطيل الاستفتاء للاحتفاظ بالسيطرة على احتياطيات الجنوب النفطية وحذروا من خطر العودة الى الصراع.
ورفض البشير الاتهامات ووعد بقبول نتيجة الاستفتاء.
ويستطيع الجنوبيون ايضا التسجيل في الشمال وثماني دول خارج السودان.
وعلى النقيض من جوبا كانت الاجواء في الخرطوم هادئة. واعترفت المفوضية المنظمة للاستفتاء بأنها لم تبذل ما يكفي من جهد للتعريف بمراكز التسجيل وكان عدد الجنوبيين الذين يعلمون بأن عملية التسجيل التي تأجلت قد بدأت قليلا.
وقال وسطاء من الاتحاد الافريقي ان زعماء الشمال والجنوب وقعوا اتفاق اطار يوم الاحد يحدد شروط المفاوضات لحل قائمة من الخلافات من بينها كيفية تقسيم عائدات النفط والدين العام بعد الانفصال.
وفي الاتفاق تعهد الجانبان بعدم العودة الى الحرب واعطاء الناس الحق في اختيار المواطنة بعد اي تقسيم وبدء ترسيم حدودهما المتنازع عليها على الفور.
وقال بيان للاتحاد الافريقي انه في حالة الانفصال ستكون هذه أطول حدود بين دولتين في افريقيا وأضاف أن الطرفين يلتزمان بالحفاظ على حدود تسمح بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي والتفاعل دون عرقلة.
ولم يتطرق الى تفاصيل بشأن موقع الحدود المتنازع عليها وقال انه يجب أن يحل البشير وكير الخلاف بشأن ما اذا كانت منطقة أبيي المنتجة للنفط ستنضم الى الشمال ام الجنوب.
وتعمل الولايات المتحدة جاهدة لتمهيد الطريق للاستفتاء. وقالت يوم الاثنين ان بدء عملية التسجيل معلم مهم على الطريق لكنها أشارت الى الحاجة لبذل المزيد من الجهد.
وحث البيت الابيض الزعماء الشماليين والجنوبيين على "انجاز العمل الذي بدأ بعملية تسجيل الناخبين لضمان ان يكون الاستفتاء سلميا وأن يجري في موعده وان يتم مراعاة ارادة شعب جنوب السودان مهما كانت النتيجة."
وقال جي.بي كرولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ان المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بشأن منطقة ابيي المتنازع عليها وغيرها من القضايا توقفت لفترة وجيزة ولكن يتوقع استئنافها في الايام المقبلة.
وأضاف "أحرز الطرفان تقدما كبيرا في المحادثات الاسبوع الماضي وتوصلا لتوافق بشأن المبادئ الخاصة بحل عدد من القضايا ومنها رسم الحدود والترتيبات الامنية والتعاون الاقتصادي."
وقال "نواصل الضغط على الطرفين (لحملهما) على اتخاذ قرارات سياسية صعبة وضرورية من اجل السلام ونتطلع لاستئناف الحوار في الاسبوع المقبل."