مناظرات الدوحة التابعة لمؤسسة قطر تناقش استخدام الهندسة الوراثية للحدّ من الإعاقة

هل ينبغي الاستفادة من القدرات الثورية الجديدة في الهندسة الوراثية في محاولة لتقليل احتمالية الإصابة بالإعاقات؟ أم ينبغي للإنسانية أن تعترف بالتنوع الجيني وتتبناه من خلال وضع قيود لكيفية استخدام هذه القدرات المثيرة للجدل؟
وللبحث في هذه الأسئلة الأخلاقية والقانونية، التقى خبراء وطلاب بأصحاب وجهات نظر متباينة، في لقاء مفتوح من تنظيم مناظرات الدوحة، خلال مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية (WISH) المبادرة العالمية التابعة لمؤسسة قطر، وقد تابع اللقاء أكثر من 250 ألف شخص حول العالم الذي تم بثّه مباشرة.
وقد شارك المدافع عن حقوق ذوي الاعاقة الدكتور فيكتور بينادا، مراسلة مناظرات الدوحة نيلوفر هدايات في إدارة اللقاء المفتوح. ويُعدُّ الدكتور بينادا رئيس ومؤسس المجموعة الاستشارية المؤلفة من "وورلد إنيبلد" (World Enabled) التي تهتم بالتعليم العالمي والاتصالات والاستراتيجية، والتحالف العالمي لتسهيل الوصول للبيئات والتقنيات (GAATES)، ومؤسسة بينادا.
وكان من بين المشاركين الرئيسيين في الحوار، الناشطة في مجال حقوق ذوي الإعاقة والسيدة الأولى السابقة لجمهورية بنما فيفيان فرنانديز دي توريخوس، والدكتور محمد غالي أستاذ الدراسات الإسلامية وأخلاقيات الطب الحيوي في مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق، كلية الدراسات الإسلامية في جامعة حمد بن خليفة؛ كما شارك في المناقشة طلاب من قطر وصناع التغيير الشباب من جميع أنحاء العالم الذين هم جزء من برنامج السفراء التابع لمناظرات الدوحة 2022.
قال بينادا في بداية مداخلته إن "نقطة البداية في هذه المحادثة هي فهم أخلاقيات علم الأحياء،" مضيفًا "هذه الكلمة تُحمّل الطب والتكنولوجيا الوراثية تبعات كبيرة. وتؤثر هذه التقنيات المتطورة بشكل مباشر على الأشخاص الذين لديهم إعاقات ولها تأثير كبير على مستقبل مجتمع الإعاقة."
خلال مداخلته، لخّص بينادا منظوريَن يتعلقان بمفهوم الهندسة الوراثية. وقال: هناك وجهة نظر قائلة بوجود التزام أخلاقي باستخدام التكنولوجيا للقضاء على السمات في مجموعة الجينات التي تؤدي إلى المعاناة" وأضاف: "في المقابل، هناك من يقول إنه لا يمكن السماح بأن تمحو هذه التقنيات الإعاقة تمامًا من الجينوم البشري أو أن نوحّد معيار أدائنا لفرز النوع الأنسب".
وتحدثت توريخوس، التي دفعتها إعاقات ابنتها لأن تصبح مدافعة عن حقوق ذوي الإعاقة، قائلة: "يجب أن نستخدم التكنولوجيا من أجل حياة أفضل. يجب أن نستخدم التكنولوجيا لمنح الناس أيامًا من الازدهار، الأمر ليس خطيرًا. من الجيد أننا نناقش هذا الموضوع اليوم في عام 2022، لأنه قبل 10 أعوام، لم نكن قادرين على مناقشته." كما دعت هي والعديد من المشاركين الآخرين لأن يكون لذوي الإعاقة أدوار رئيسية في صياغة السياسات حول ملاءمة الهندسة الوراثية.
وعلى الرغم من دعمه لفكرة استخدام الهندسة الوراثية للتخفيف من المعاناة ومنعها، حثّ غالي على توخي الحذر في تحديد متى يتم استخدامها للوقاية من الإعاقة. وقال: "في بعض الأحيان لا تكون الإعاقة مصدر معاناة". وشدد على أهمية "التمييز بين السياسة الجماعية والاختيار الفردي" مضيفًا "لا أعتقد أنه من الجيد أن يكون هناك سياسة حكومية" لاستخدام الهندسة الوراثية للقضاء على الإعاقات.
وقد ساهم الطلاب المشاركون في مجموعة متنوعة من وجهات النظر. فأشادت أينا كاسترو، وهي طالبة تمريض في جامعة كالجاري في قطر، وسفيرة مناظرات الدوحة، بالنوايا الحسنة لمهندسي الوراثة في مواجهة الإعاقات البشرية، بينما قالت إن أفضل طريقة لمعالجة بعض الحالات هي باستخدام "التكنولوجيات الداعمة لإعادة التأهيل والمساعدة الطبية."
بدورها، قالت ماريا عارف، طالبة الطب بجامعة قطر، إنها تعتقد أن "الهندسة الوراثية هي طريقة رائعة لتخفيف عبء الأمراض الوراثية ومنح الناس نوعية حياة أفضل." ومع ذلك، أضافت: "قد يكون الجانب السلبي لهذه التقنية هو أن الناس يتصوّرون الأطفال بسمات مرغوبة معينة، الأمر الذي قد يقلل في نهاية المطاف من التسامح بين الناس بالنسبة لمن هم مختلفون عنهم."
من جهتها، قالت غنيمة صالح الطويل، طالبة دكتوراة في الترجمة بجامعة أنتويرب وأستاذة في جامعة حمد بن خليفة، إنها ضد استخدام الهندسة الوراثية للحد من الإصابة بالإعاقات أو القضاء عليها، مضيفة: "بصفتي من ذوي الاعاقة، أعتقد أن حياتي، كما هي، تستحق عناء أن أعيشها". بدوره، قال سيلوين ساجو، طالب ثانوي كفيف في مدرسة بيرلا العامة في قطر، "إذا تمكنت الهندسة الوراثية من علاج إعاقة بصري دون الإضرار بحياتي، فسأوافق على ذلك".
مع انتهاء الحوار، حثّ الدكتور بينادا المشاركين في المناقشة والمشاهدين على معرفة المزيد عن التحديات التي تواجه مجتمع ذوي الإعاقة والحلول المقترحة لهم، ولفت الانتباه إلى سلسلة فيديو جديدة أنتجتها مناظرات الدوحة ومنظمة "وورلد إنيبلد" بعنوان "عدالة الإعاقة: عالمي".
هذه المناقشة في مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية هي الثانية في سلسلة من اللقاءات المفتوحة التي تنظمها مناظرات الدوحة، وكان أولها لقاء مع ملالا يوسفزاي الحائزة على جائزة نوبل للسلام، حول مستقبل تعليم الفتيات في أفغانستان.
يمكن مشاهدة هذا اللقاء المفتوح وسواه من اللقاءات على صفحات يوتيوب وتويتر وفيسبوك الخاصة بمناظرات الدوحة. كما يمكن مشاهدة سلسلة "عدالة الإعاقة: عالمي" وغيرها من محتويات مناظرات الدوحة من خلال زيارة موقع مناظرات الدوحة الإلكتروني وصفحات تويتر وانستغرام وفيسبوك.
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.