خبيرة في مؤسسة قطر توضح أن تمكين المرأة يندرج ضمن جوهر مفهوم الاستدامة

لا ينحصر مفهوم الاستدامة على البيئة فحسب، بل إنه يشمل كافة مناحي الحياة، بدءًا من تنمية المجتمعات، إلى حوكمة المؤسسات والبلدان، ومرورًا بمجالات أخرى، من قبيل إرساء معايير لخفض انبعاثات الكربون، وإتاحة الوصول الشامل والمُيسّر، وتمكين المرأة. هذا ما تناولته المناقشات التي سلطت الضوء على مفهوم الاستدامة، والتي عُقدت خلال فعالية "قادة المستقبل في كرة القدم" في المدينة التعليمية بمؤسسة قطر، بمشاركة نخبة من القائدات النساء.

تطرقت المناقشات كذلك إلى تعريف مفهوم الاستدامة في بعده المتعلق بعالم الرياضة، وكيفية تطبيقه على مستوى صناعة الألعاب الرياضية، وذلك في أفق تنشئة جيل من لاعبات في كرة القدم يتمتّعن بالمعرفة اللازمة والقدرة على ترك بصمتهن الخاصة، بما يؤثر إيجابًا في مجتمعاتهن.

وجرى تنظيم هذه الفعالية من قبل اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وبرنامج الجيل المبهر، ومؤسسة قطر، والاتحاد الألماني لكرة القدم، والاتحاد القطري لكرة القدم. وتميزت الفعالية بإقامة جلسة نقاشية ا بعنوان: "تحديات القيادة"، ركزت على تجليات الاستدامة في علاقتها بتنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى، حيث أدلت  كل من الدكتورة تالار ساهسوفاروغلو، خبيرة الاستدامة والبيئة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، ونهال الصالح، مدير برامج في إرثنا: مركز لمستقبل مستدام، عضو مؤسسة قطر، بآرائهما  حول ما يعنيه مفهوم الاستدامة في بعده الشامل.

شددت نهال على أهمية انخراط أفراد المجتمع، لا سيما النساء، في القضايا المتعلقة بالاستدامة، ممن لهم دراية  بالثقافة والتخصصات التي تُشكّل أولوية للبلد الذي يعيشون فيه. وأوضحت أن مجالات الاستدامة تختلف باختلاف كل بلد على حدة، مضيفة القول: "إن القضايا التي نواجهها في قطر تختلف تمامًا عن تلك التي تواجهها دولة أخرى، مثل هولندا، أو منطقة الأمازون" على سبيل المثال. 

وعلى غرار الهندسة وتخصصاتها، تضيف المتحدثة، فإن موضوع الاستدامة له أيضًا تخصصاته ويتطلب النجاح فيه تضافر جهود العديد من الأفراد. 

وقالت نهال: "أتمنى أن أرى المزيد من النساء في هذا المجال؛ وأطمح لرؤية المزيد من الأشخاص من الوطن العربي ينخرطون هم أيضًا في مجال الاستدامة، حتى يصبح هذا المجال جزءًا لا يتجزأ من كل صناعة.

وفقًا لنهال، فإن بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ تمثّل فرصة رائعة لإبراز مفهوم الاستدامة وعلاقته بالعديد من القضايا الأخرى، بما يتجاوز تعريف الاستدامة في بعده البيئي، ليشمل استخدام الرياضة كأداة للدعوة إلى تمكين المرأة وأهمية تمثيلها، وإتاحة الوصول المُيسّر، وهي من مجالات الاهتمام الرئيسية بالنسبة لمؤسسة قطر، التي تضم مدارس متخصصة مثل أكاديمية ريناد، وأكاديمية العوسج، بالإضافة إلى برنامج "لكل القدرات"، والأقسام الجامعية المتخصصة، مثل قسم دراسات الترجمة والترجمة الفورية بجامعة حمد بن خليفة.

ووجهت نهال خطابها لعشرين شابة وفتاة من بلدان الشرق الأوسط، بما في ذلك قطر، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان ممن حضرن المناقشة، قائلة: " نجتمع اليوم في مكان واحد لصناعة التغيير الإيجابي، وبصفتنا نساء، فلنضع في اعتبارنا أن لدينا الكثير من الآراء حول كيفية تطبيق الاستدامة في نمط حياتنا. فلنفكر مليًا في كل ما نفعله بصورة يومية، ولنعزز وعينا بالاستدامة وتطبيقها في حياتنا اليومية".

من جانبها، قالت الدكتورة ساهسوفاروغلو: "التحدي الآن هو" ماذا بعد؟". عليكن بالاستمرار في السعي للمضي قدمًا، وهو دور كل واحدة منّا، سواء كنا أمهات، أو بنات، أو أخوات، أو خالات".

وتابعت: "تكمن أهمية الاستدامة في تأثيرها على حياتنا بأكملها، من حيث البيئة التي نعيش فيها، من حيث إرثنا، وفيما يتعلق بالفتيات اللواتي نعتني بهن أيضًا. يتعلق الأمر على أقل تقدير بالقدرة على اتخاذ قرارات أفضل. يتعلق الأمر بإيجاد طرق لإعادة التدوير. الأمر بسيط للغاية، مثل القدرة على تطبيق ذلك في أي منشأة تعمل معها. إذا لم تكن هناك العديد من الوظائف المتاحة في بلدك، فالأمر يتعلق بإيجاد حلول محلية، والتعاون مع المنظمات غير الحكومية".

وأضافت: "فإن محاولتكن إيجاد طريقة لتجنب استخدام البلاستيك، أو تقليل انبعاثات الكربون عن طريق استقلال السيارة مع أحد أصدقائكن بدلاً من أخذ سياراتكن، جميعها تبقى قرارات صغيرة، لكن التغيير البيئي في الغالب يبدأ من خلال تلك الخطوات الصغيرة التي نتخذها من المنزل".

أقيمت فعالية "قادة المستقبل في كرة القدم" في الفترة من 27 أكتوبر إلى 1 نوفمبر 2022، في إطار الاستعدادات لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™. وركزت نسخة قطر من مناقشات قادة المستقبل في كرة القدم على الاستدامة، إلى جانب الموضوعات الأخرى، كالتنوع، والمساواة الجندرية، والإدماج، والثقافة.