باحثون من وايل كورنيل للطب قطر يرصدون مستويات مرتفعة من الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي "سي" بين متعاطي المخدرات عن طريق الحقن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

توصّل باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر إلى أن نصف المتعاطين للمخدرات عن طريق الحقن بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصابون بفيروس التهاب الكبد الوبائي "سي"، وأن أغلب هؤلاء يعانون من عدوى فيروسية مزمنة تستوجب العلاج.
وتشير الدراسة المنشورة في الدورية العلمية المرموقة Addiction إلى أن أكثر من 220.000 شخص من المتعاطين الحاليين للمخدرات عن طريق الحقن مصابون مزمنون بعدوى فيروس الكبد الوبائي "سي". ورُصد العدد الأكبر منهم في إيران (68.000 شخص)، تليها باكستان (46.000 شخص)، ثم مصر (33.000 شخص). وقد أظهرت الدراسة أيضاً أن مستويات الإصابة بالعدوى لم تشهد تراجعاً في الأعوام الماضية في هذه المنطقة. ونسبت الدراسة استمرار هذه المستويات بين المصابين بالفيروس المذكور إلى غياب برامج التدخل التي تستهدف هذه الفئة، أو ندرتها مما لا يحقق أثراً ملموساً في علاج المشكلة.
ينتقل فيروس الكبد الوبائي "سي" عن طريق الدم وهو أحد أبرز مسببات أمراض الكبد وسرطان الكبد. وفي الغالب، ينتقل الفيروس من خلال تبادُل الإبر والحقن غير المعقمة مثلاً بين المتعاطين للمخدرات عن طريق الحقن، أو من خلال استخدام معدات طبية ملوثة، أو نقل دم ملوث بالفيروس. وحتى زمن قريب، كانت الإصابة بعدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي "سي" تؤدي إلى مضاعفات مثل تليّف الكبد وتشمع الكبد وسرطان الكبد. إلاّ أن الأعوام القليلة الماضية شهدت نظاماً علاجياً تمثل في عقاقير دوائية مبتكرة تقضي على الفيروس عند المصابين بالمرض.
وقالت الباحثة ثروت محمود، أخصائية في علم الوبائيات في وايل كورنيل للطب - قطر والمؤلفة الرئيسة للدراسة: "بفضل هذه الدراسة ونتائجها، يمكننا اليوم الإيعاز باستراتيجيات كفيلة بتحقيق الفائدة المثلى من ظهور وتوافر عقاقير دوائية جديدة لفيروس الكبد الوبائي سي، ومن شأن ذلك الوقاية من المضاعفات المكلفة لهذا المرض أو الحد منها بين المتعاطين للمخدرات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خصوصاً وأن بعض بلدان المنطقة ذات موارد محدودة للغاية. ولا بدّ أن نشير هنا إلى أن نطاق المشكلة وتحدياتها قد يفوق ما كشفت عنه الدراسة، فالتقديرات التي أتت عليها دراستنا تقتصر على متعاطي المخدرات عن طريق الحقن الحاليين. فنحن لا نعرف عدد الذين أصيبوا بالفيروس جرّاء تعاطٍ سابقٍ للمخدرات عن طريق الحقن قبل إقلاعهم عن تلك الممارسة، ومن المحتمل أن يكون عددهم ضعف عدد المتعاطين الحاليين".
وفي السياق نفسه، قالت الباحثة هيام الشميطلي، المؤلفة الرئيسة المشاركة للدراسة والأخصائية الأولى في علم الوبائيات في وايل كورنيل للطب - قطر: " لا بدّ أن تنصبّ جهود الصحة العامة المبذولة في بلدان المنطقة لمحاربة فيروس الكبد الوبائي "سي" في المقام الأول على الفئة السكانية الأكثر تأثراً به. ولا مفرّ من نشر برامج للحد من الضرر بين المتعاطين للمخدرات عن طريق الحقن، ومن توفير الفحوص الطبية والخدمات العلاجية لهم، وهذان الأمران شائعان في مناطق أخرى من العالم وأسهما بالفعل في الحد من مستويات الإصابة بفيروس الكبد الوبائي "سي" وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز بين الفئة السكانية المذكورة".
وتعقيباً على الدراسة المنشورة، قال الدكتور ليث أبو رداد، الباحث الرئيس للدراسة وأستاذ سياسات وبحوث الرعاية الصحية في وايل كورنيل للطب - قطر: "في غياب برامج ملائمة، ستظل الرعاية الصحية في المنطقة تتحمل أعباء التبعات الصحية الخطيرة وباهظة التكلفة لعدوى التهاب الكبد الوبائي سي من حيث أمراض الكبد والسرطان، ولن تتمكن المنطقة من تحقيق هدف القضاء على التهاب الكبد الوبائي سي بحلول عام 2030، وهو الهدف الذي نادت به منظمة الصحة العالمية".
جدير بالذكر أن الدراسة المعنونة "تقييم مستويات عدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي سي بين متعاطي المخدرات عن طريق الحقن بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" أُجريت في وايل كورنيل للطب - قطر بتمويل من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، عضو مؤسسة قطر، في إطار برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي (NPRP 9-040-3-008 ومؤخراً NPRP 12S-0216-190094). كذلك دعمت البنية الأساسية للبحث من خلال برنامج بحوث الطب الحيوي المنبثق عن وايل كورنيل للطب - قطر.
للاطلاع على الدراسة: https://doi.org/10.1111/add.14944
أبرز الاستنتاجات العلمية للدراسة المنشورة:
-
نصف الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصابون بفيروس التهاب الكبد الوبائي "سي"، وأغلب هؤلاء يعانون عدوى فيروسية مزمنة تستوجب العلاج.
-
لم تتراجع مستويات الإصابة بالعدوى خلال الأعوام الماضية، في إشارة إلى غياب أو ندرة برامج التدخل التي تستهدف هذه الفئة، مما لا يحقق أثراً ملموساً في علاج المشكلة.
-
إلى جانب وجود أكثر من 220.000 شخص مصابون بعدوى مزمنة من فيروس التهاب الكبد الوبائي سي بين متعاطي المخدرات عن طريق الحقن الحاليين، ثمة عدد غير معروف من الذين أصيبوا بالعدوى من خلال تعاطيهم المخدرات في السابق.
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.