المركبات ذاتية القيادة توفّر لقطر فرصة اقتصادية بقيمة مليار دولار بحلول 2035

كشفت دراسة جديدة أجرتها ستراتيجي آند الشرق الأوسط، التابعة لشبكة برايس ووترهاوس كوبرز، أنّ قطر قد تحقق مكاسب اقتصادية تقارب مليار دولار أمريكي من المركبات ذاتية القيادة بالكامل بحلول عام 2035. ويستند هذا التحليل الحديث حول التنقل الذاتي إلى دراسة إقليمية سابقة للشركة توقعت أن تصل الفرص الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 18.7 مليار دولار أمريكي، و182 مليار دولار أمريكي للاقتصادات العالمية.

تمهيد الطريق لمستقبل قطر في التنقل الذاتي

تتمتع قطر بموقع فريد يؤهلها للريادة في تطوير حلول التنقل الذاتي مستندةً إلى ركائز قوية تشمل البنية التحتية الرقمية المتقدمة، والتغطية الوطنية لشبكة الجيل الخامس، وشبكة النقل العام المتكاملة التي تضم المترو بدون سائق وأسطول الحافلات الكهربائية. هذه المقومات، إلى جانب نمو قطاع السياحة ودور قطر في استضافة الفعاليات العالمية الكبرى توفر بيئة مثالية لتوسيع نطاق الحلول المبتكرة. فقد استقبلت الدولة أكثر من خمسة ملايين زائر في عام 2024، وساهم قطاع السياحة بما يقارب 55 مليار ريال قطري (15 مليار دولار أمريكي) في الناتج المحلي الإجمالي. ويمكن لأساطيل المركبات ذاتية القيادة القابلة للتوسع أن تُسهّل تنقل الزوار خلال الفعاليات الكبرى وأن تعزز ربط الوجهات السياحية.

وتجدر الإشارة إلى أن تقنيات القيادة الذاتية يتم اختبارها بالفعل في قطر من خلال مشغّلين رائدين مثل شركة مواصلات (كروه) التي أجرت تجارب على سيارات الأجرة الروبوتية والحافلات ذاتية القيادة تحت إشراف وزارة المواصلات. كما استُخدمت مركبات بدون سائق في أماكن خاضعة للرقابة في مطار حمد الدولي، لتشكّل هذه المبادرات أساسًا لتوسيع نطاق التقنيات في المستقبل.

ومن جانبه قال الدكتور أندرياس غيسلر، الشريك في ستراتيجي آند الشرق الأوسط: "سيشهد العقد المقبل سباقًا بين الدول الساعية للاستحواذ على حصة في سوق التنقل الذاتي. وفي هذا السباق، ستتمكن قطر - بفضل موقعها القوي - من اقتناص فرصة اقتصادية تصل قيمتها إلى مليار دولار أمريكي. فالبنية التحتية في الدولة توفر أساسًا متينًا للتقدم، وذلك من خلال الأحياء متعددة الاستخدامات المناسبة لسيارات الأجرة الروبوتية، والساحات الجامعية الكبيرة المهيأة للحافلات الروبوتية، والمسارات عالية السعة المخصصة للحافلات الروبوتية، إضافة إلى ممرات المطارات والواجهات البحرية التي يمكن أن تدعم تشغيل الطائرات المسيّرة لنقل الركاب."

الخطوات التالية على مستوى سياسات ومنظومة التنقل الذاتي

تشير الدراسة التي أجرتها ستراتيجي آند إلى أن تطوير منظومة التنقل الذاتي في قطر يتطلب استمرار التنسيق بين الجهات الحكومية والمشغّلين وشركاء التكنولوجيا. ويمكن أن يساهم إنشاء مكتب مركزي للبرنامج في توحيد التمويل والسياسات وآليات التنفيذ؛ بما يسرّع الانتقال من مرحلة التجارب إلى التشغيل الكامل.

وتؤدي الأطر التنظيمية الواضحة، مقرونة بلوائح السلامة والمسؤولية والتأمين وبيئات الاختبار إلى تقليل مخاطر التشغيل، وتفتح الباب أمام تعزيز ثقة المشغلين في الاستثمار والابتكار في مجال التنقل الذاتي. وتظهر هذه الخطوات، إلى جانب التجارب الناجحة، فوائد ملموسة مثل تحسين مستويات السلامة، وتقليل أوقات الانتظار، ورفع معدلات الاستخدام، وخفض تكاليف الرحلات، فيما يسهم التواصل الشفاف حول هذه النتائج في تعزيز ثقة الجمهور.

ويُعدّ بناء القدرات التشغيلية المحلية خطوةً أساسية لضمان نجاح تجربة التنقل الذاتي. وتشير الدراسة إلى أن إنشاء مركز متخصص لخدمات التنقل الذاتي من شأنه أن يحدث نقلة نوعية، من خلال مراكز قيادة وتحكم تعمل على مدار الساعة، إلى جانب أعمال الصيانة والضبط المستمر لأنظمة مساعدة السائق المتقدمة، مدعومة بأحدث تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي. كما أنّ التعاون المستمر بين مختلف القطاعات سيكون المحرك الرئيسي لتحديد أنسب نماذج التشغيل، بدءًا من ترخيص الأساطيل وصولًا إلى آليات الشراء الحكومي. هذه الجهود مجتمعة ستُسرّع خطوات قطر نحو تحقيق أهداف رؤية 2030، بما يضمن الاستدامة وسهولة الوصول والابتكار في قطاع النقل.

وفي هذا الصدد، قال مارك حداد، الشريك في ستراتيجي آند الشرق الأوسط: "بفضل التجارب المبكرة والبنية الرقمية المتقدمة في قطر، تتمتع الدولة بموقع يمكّنها من تجاوز نقطة التحول التالية في مجال التنقل الذاتي. فالمرحلة المقبلة ستركّز على التوسّع وبناء الثقة من خلال دمج التكنولوجيا والتشريعات والبنية التحتية وتعزيز مشاركة الجمهور، بحيث يصبح التنقل الذاتي جزءًا من الحياة اليومية ويحقق فوائد ملموسة للاقتصاد المحلي."