2015 العام الأصعب للشركات والاستثمارات النفطية

تاريخ النشر: 27 ديسمبر 2015 - 10:28 GMT
البوابة
البوابة

يعتبر عام 2015 من الأعوام الصعبة على أغلب الاستثمارات والشركات النفطية خاصة الشركات الدولية التي واجهت تحديات كبيرة وواسعة في ضوء الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام الذى انعكس سلباً على كثير من خطط العمل والمشاريع، وطال الأمر العمالة الماهرة التي فقد كثيرون منها وظائفهم بسبب خطط التقشف وشطب الوظائف.

وتنوعت الآليات وبرامج العمل التي لجأت إليها الشركات النفطية الدولية للتعامل مع الأزمة حيث فضلت شركات كثيرة خفض الإنفاق وتأجيل أو إلغاء مشاريع عالية التكلفة، بينما لجأ كثيرون أيضا إلى الاندماج في كيانات أكبر لمواجهة تحديات السوق وتعددت صفقات الاستحواذ بين الشركات وبيع الأصول ورخص الحفر والتنقيب من أجل استعادة التوازن الاقتصادي والحفاظ على حد أدنى من هامش الأرباح بما يمكن من استمرار منظومة العمل والإنتاج في هذه الشركات.

ولفت أنظار الاقتصاديين عديد من الصفقات المهمة على مدار العام، خاصة الشهور الأخيرة من عام 2015 التي سجل فيها النفط الخام مستويات قياسية في الانخفاض مثلت مزيدا من الأعباء والصعوبات الاقتصادية على الشركات.

ولعل آخر وأحدث تلك الصفقات قيام "كونوكو فيليبس" الأمريكية المنتجة للنفط والغاز الطبيعي ببيع حصتها التي تبلغ 50 في المائة في مشروع مشترك مع "روسنفت" النفطية الروسية الحكومية، وهى الصفقة التي تعكس الصعوبات التي تواجه الإنتاج الأمريكي بشكل خاص بسبب ارتفاع تكلفته بينما كانت الشركات الحكومية والوطنية أكثر قدرة على مواجهة تحديات السوق بسبب ما تتلقاه من مساندات حكومية.

ومن صفقات الاستحواذ المهمة أيضا اندماج "شل" للبترول مع مجموعة بريتش غاز "بي جي" للطاقة وهو ما تسبب في إقدامها على الاستغناء عن 2800 موظف من جراء عملية الاندماج.

وكانت شركة رويال داتش شل قد أعلنت في شهر أبريل الماضي أنها اتفقت على شراء مجموعة "بي جي" للنفط والغاز مقابل 70 مليار دولار.

ويعتبر هذا أكبر اندماج بين شركتين في مجال الطاقة في عشر سنوات، كما أن الصفقة إحدى أكبر الصفقات في عام 2015.

ومن المنتظر الانتهاء من هذه العملية، التي ستنتج أكبر شركة عامة بريطانية، في أوائل عام 2016.

وشهد عام 2015 الإعلان عن صفقات جديدة للاستحواذ في طريقها للتنفيذ خلال العام الجديد ومن أبرز الأمثلة على ذلك إعلان "فينترشال" الألمانية أنها تتطلع إلى شراء حصة في الأصول النفطية لشركة أوكسيدنتال بتروليوم في ليبيا.

ولم تكن صفقات الاستحواذ فقط هي المهيمنة على المشهد الاقتصادي في سوق النفط بل كانت هناك عمليات واسعة لبيع الأصول بأسعار رخيصة إلى جانب الأسهم في شركات البترول ومثال على ذلك شركة "جلف كيستون بتروليوم" لإنتاج النفط التي أعلنت أنها جمعت نحو 40.7 مليون دولار عن طريق بيع أسهم بخصم 21 في المائة عن سعر السوق.

وفى نفس الإطار الخاص ببيع الأصول، اتفقت شركة النفط الفرنسية العملاقة "توتال" على بيع بعض أصول خطوط أنابيب نقل الغاز في الجزء البريطاني من بحر الشمال إلى نورث سي ميدستريم بارتنرز وهي شركة شقيقة لشركة الاستثمار المباشر الأمريكية أركلايت كابيتال مقابل 585 مليون جنيه استرليني "907 ملايين دولار".

وأقبلت الشركات على بيع رخص التنقيب أو التنازل عنها وفي هذا السياق قامت شركة "توتال" بإعادة واحدة من رخصتين حصلت عليهما للتنقيب عن النفط الصخري في الدنمارك.

وكانت "توتال" قد أعلنت انخفاضا في أرباحها الصافية خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة 20 في المائة فبلغت 2.66 مليار دولار أي نحو 2.45 مليار يورو بسبب انخفاض أسعار البترول وتراجع نشاطها في اليمن وليبيا.

وأقدمت توتال -وهي ثاني أكبر شركة نفط أوربية -في وقت سابق هذا العام على خطة لخفض الاستثمارات والوظائف وتسريع برنامجها لبيع الأصول بعد انخفاض أسعار النفط أكثر من النصف في العام الأخير.

وفي ظل المناخ السلبي الذي يهيمن على الشركات النفطية، تتطلع "توتال" إلى التخارج من أنشطتها لتوزيع الوقود في تركيا وطلبت من بنك سوسيتيه جنرال ترتيب صفقة بيع محتملة.

وتعتزم شركة شيفرون النفطية العملاقة بيع حصص تراخيص للتنقيب عن النفط في نيجيريا بقيمة 390 مليون دولار كما قررت التوقف عن استغلال الغاز الصخري فى بولندا وذلك في إطار مساعيها إلى التوازن الاقتصادي والتأقلم مع موجة الانخفاضات السعرية الحادة للنفط الخام في العالم.

وفي مجال خفض الإنفاق العام قطع كثير من الشركات النفطية الدولية شوطا طويلا منذ بداية الأزمة في صيف 2014 وشهدت جهود خفض الإنفاق تسارعا واسعا في النصف الثاني من عام 2015 بعدما سجلت أسعار النفط مستويات قياسية في الانخفاض.

من جهتها، خفضت "إكسون موبيل" الأمريكية إنفاقها الرأسمالي لعام 2015 بنسبة 12 في المائة ليصل إلى 34 مليار دولار من 38.5 مليار دولار في العام الماضي.

واضطرت الشركة الأمريكية إلى تعديل واسع في برامج الإنفاق مقارنة بخطط طموحة سبق الإعلان عنها وتضمنت قيامها بإنفاق 37 مليار دولار سنويًا في المتوسط بين عامي 2015 و2017، وجاء التخفيض بعدما تعرضت الشركة لتراجع في الإيرادات بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

ومن المعروف أنه منذ بداية عام 2015 أعلنت شركات نفطية كبرى مثل "شيفرون" و"رويال داتش شل" عن خطط من شأنها خفض الإنفاق الرأسمالي والبرامج الاستثمارية بعد حدوث تقلص واسع في الأرباح.

وتراجعت أرباح "إكسون" بأكثر من النصف وحدث أكبر هبوط في عمليات التنقيب والإنتاج حيث تراجعت الأرباح بنحو ستة مليارات دولار كما هبطت أرباح "شيفرون" 90 في المائة في انخفاض تفاقم بسبب خسائر قدرها 2.22 مليار دولار في عمليات التنقيب والإنتاج.

وطال الأمر أيضا شركات الخدمات النفطية الدولية المعروفة، حيث نجد أن شركة شلومبرجر وهي أكبر شركة لخدمات الحقول النفطية في العالم تعلن انخفاض أرباحها الفصلية بنحو النصف بسبب استمرار انخفاض أنشطة الحفر، وهوت الإيرادات الإجمالية بنسبة 33 في المائة لتسجل نحو 8.47 مليار دولار.

وأوضح لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير مختصي "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن ما أقدمت عليه الاستثمارات النفطية كان إجراءات اضطرارية لم تكن يوما مفضلة لها وهي طبيعة أوقات الأزمات الاقتصادية وبدلا من التوقف التام للاستثمارات وهو أمر كارثي على الاقتصاد الدولي وعلى صناعة النفط كان البديل الأقل ضررا اتخاذ إجراءات اقتصادية صعبة.

وأشار كروج إلى أن صفقات الاستحواذ خطوة جيدة لأن الاندماج بين الشركات يزيد من قدراتها على مواجهة أزمات تراجع الإيرادات وانخفاض الأرباح وتعطل المشاريع. موضحا أن الضريبة الفادحة لهذه الاستحوذات كانت شطب الوظائف وتسريح العمالة بكثافة وبمعدلات مرتفعة وغير مسبوقة.

من جهته، قال لـ "الاقتصادية" رالف فالتمان المختص النفطي، "إن سوق النفط يتسم دائما بطبيعة غير مستقرة والاستثمارات لديها خطط طارئة لمواجهة الأزمات"، مشيرا إلى أن صفقات الاستحواذ آلية جيدة ولا بد أن يرافقها تخفيض الإنفاق العام وهو ما حدث بالفعل في أغلب الشركات إلى جانب تأجيل المشاريع عالية التكلفة الى حين تحسن أوضاع السوق.

وشدد فالتمان على ضرورة رفع معدلات الكفاءة والتركيز على الأسواق منخفضة التكلفة في الإنتاج وعلى المشاريع قصيرة المدى وعالية الربحية، مشيرا إلى أن الشركات الأمريكية عانت بشكل أكبر لكون إنتاجها عالي التكلفة.

وأشار لـ "الاقتصادية"، أندرياس جينى مدير شركة ماكسويل كوانت للخدمات النفطية، إلى أن هناك آليات جيدة يمكن أن تأخذ بها الشركات للتغلب على صعوبات السوق وهو ما قام به بالفعل عديد من الشركات، ومنها شيفرون وشل، وأهمها التركيز على الصناعات المرتبطة بالنفط نظرا لارتفاع ربحيتها وبخاصة أنشطة التكرير.

وأضاف جيني أن "التكرير والبتروكيماويات من الصناعات عالية الربحية بكثير، التي تمكن من التوازن نسبيا في ظل استمرار انخفاض أسعار الخام"، لافتاً إلى أن إنتاج النفط يتعرض لضغوط واسعة بعد تراجع الأسعار بشكل حاد، متوقعاً أن تشهد الاستحوذات وصفقات البيع للرخص وللأصول الرأسمالية نموا أكبر في العام المقبل.

يذكر أن النفط اختتم تعاملات الأسبوع الماضي هابطا إلى مستوى 37 دولارا للبرميل أمس مقتربا من أدنى مستوى في 11 عاما الذي بلغه في الأسبوع المنصرم، حيث تضغط تخمة المعروض على السوق العالمية على الرغم من وجود مؤشرات على شح السوق في الولايات المتحدة.

وبحسب "رويترز"، فقد هبط برنت 31 سنتا إلى 37.05 دولار للبرميل، وكان قد هبط إلى أدنى سعر في 11 عاما الثلاثاء الماضي عند 35.98 دولار للبرميل في حين لم يسجل الخام الأمريكي تغيرا يذكر عند سعر 37.50 دولار للبرميل بعد أن ارتفع أكثر من 8 في المائة هذا الأسبوع.

وقال أوليفييه جاكوب محلل أسواق النفط لدى "بتروماتريكس" في سويسرا، "إن هناك إمدادات كبيرة من الخام في الوقت الحالي وكميات ضخمة من المخزونات".

وقالت شركة بيكر هيوز "إن الشركات الأمريكية خفضت عدد منصات الحفر للأسبوع الخامس في الأسابيع الستة الأخيرة في إشارة إلى أن تدني أسعار النفط يحد من النشاط وقد يؤدي إلى تباطؤ الإنتاج".

وحتى بعد ارتفاعات هذا الأسبوع يكون سعر النفط قد هبط إلى أقل من النصف من أكثر من 100 دولار للبرميل قبل 18 شهرا بفعل تخمة في المعروض تبلغ مليوني برميل يوميا.

ومن المتوقع أن تقل التخمة العام المقبل حيث يتزايد الطلب العالمي ويتسبب انهيار الأسعار في تراجع حجم إنتاج بعض الدول خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، لكن لا يوجد بعد ما يشير إلى أن المنظمة مستعدة لخفض إنتاجها الذي من المرجح أن يرتفع عند رفع العقوبات عن إيران.

وأفاد محللو "إنرجي أسبكتس" في تقرير أنه بينما يتعين أن يبدأ "الخام" في استعادة التوازن العام المقبل فإن وتيرة انخفاض المخزونات ستعتمد على حجم إنتاج "أوبك".

اقرأ أيضاً: 

15 مليار دولار خسائر 10 منتجين للنفط الصخري في 2015

مسلسل تأرجح أسعار النفط في 2015 هل ينتهي في 2016؟!

تعرف على أغلى 10 شركات ناشئة في العالم خلال 2015