عادت السيولة الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط بالإفادة على القطاع المصرفي في الإمارات العربية المتحدة حيث نما هذا القطاع على نحو ممتاز خلال السنوات القليلة الماضية. وقد أدى هذا الانتعاش إلى زيادة الائتمان ونمو الودائع في ظل تدني معدلات الفائدة وارتفاع أسعار النفط إلى جانب ازدهار الاقتصاد. بينما نمت الأصول المجمعة للمصارف بنسبة 41.9 في المائة لتبلغ 638.01 مليار درهم إماراتي في نهاية العام 2005، وذلك بفضل نمو إجمالي الائتمان بنسبة 43 في المائة ليستقر عند 247 مليار درهم إماراتي إثر الازدهار الاقتصادي الذي شهدته البلاد. وفيما يتعلق بحجم الأصول المصرفية، تأتي الإمارات العربية في المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية التي يبلغ مجموع أصولها المصرفية 202 مليار دولار أمريكي، في حين اقتصر مجموع الأصول في الإمارات على 174 مليار دولار أمريكي فقط في نهاية العام 2005.
تنتمي المصارف الإماراتية إلى فئتين رئيسيتين، محلية وأجنبية مع العلم أن الفئة الثانية لا يمكنها العمل إلا من خلال ثمانية أفرع كحد أقصى. علما بأن العدد الحالي للمصارف في الإمارات العربية المتحدة يصل إلى 46 مصرف بما في ذلك الأفرع والمكاتب التابعة للمصارف الأجنبية. علما بأن هناك 21 مصرفا محليا في الإمارات العربية المتحدة، جميعها مدرجة في أسواق الأسهم سواء في سوق أبو ظبي للأوراق المالية أو في سوق دبي المالية.
وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، تحتل الإمارات العربية المتحدة ثاني أكبر عدد من المصارف بعد البحرين. وفي 31 يوليو 2006 منح بنك الإمارات المركزي، كل من البنك السعودي الأمريكي وبنك الدوحة في قطر رخصة تتيح لهما فتح أفرع لإنجاز الأعمال المصرفية التجارية في الإمارات. ومع افتتاح هذين الفرعين، سيكون هناك ممثل للمصارف الوطنية في دول مجلس التعاون الخليجي مع العلم أن الإمارات تستضيف اليوم بنك عمان الوطني والبنك الأهلي الكويتي وبنك البحرين الوطني.
ولا يخفى في هذا الإطار القفزة النوعية التي حدثت للمصارف الإسلامية في الإمارات العربية المتحدة. إذ دخل الأسواق عدد من المؤسسات المصرفية التي تطبق مبادئ الشريعة فضلا عن انتشار عدد من الصفقات المالية الإسلامية كصفقات الإجارة والتي أصبحت شائعة ضمن صفقات شراء العقارات. وقد شهدت المنطقة استقطاب الصكوك الإسلامية لكم هائل من المستثمرين حيث فاق معدل الاكتتاب أعلى مستويات الإصدار المطروحة. فقد ساعد فائض السيولة الحاصل جراء ارتفاع أسعار النفط المصارف على تعزيز الودائع خلال العامين الماضيين ليرتفع مجموع الودائع (باستثناء الحكومية منها) إلى 35.4 في المائة لتبلغ 306.54 مليار درهم إماراتي مع نهاية العام 2005، والتي ارتفعت بنسبة 7.7 في المائة فقط لتبلغ 330.22 مليار درهم في نهاية الربع الأول من العام 2006. وذلك بالرغم من أن مستوى الودائع في مجموع الخصوم قد تدنى بمعدل 44 في المائة في الربع الأول من العام 2006 بعد أن كان قد وصل إلى 50.4 في المائة في نهاية 2004.
وعلى مدار السنوات ساعدت التسهيلات الائتمانية على زيادة أصول القطاع المصرفي في الإمارات ليتسارع نمو الائتمان المصرفي في العامين التاليين عقب النمو الجيد الذي شهده العام 2001. فقد ارتفع معدل الائتمان بعد توفر السيولة في ظل الأجواء الاقتصادية المربحة بنسبة 37.7 في المائة ليستقر عند 394.89 مليار درهم في العام 2005 مع الإشارة إلى إن نمو ائتمان المقيمين كان بشكل أسرع وبنسبة 34 في المائة ليبلغ 353.14 مليار درهم. هذا وقد ازداد إجمالي الائتمان وائتمان المقيمين بنسبة 21.4 في المائة و22.5 في المائة على التوالي خلال الربع الأول من العام 2006.
ازداد حجم المصارف قيد الدرس من 265.99 مليار درهم في العام 2004 إلى 395.76 مليار في العام 2005، أي بمعدل نمو نسبته 48.8 في المائة عن العام السابق. وخلال المرحلة الممتدة من العام 2002-2005، نما حجم الأصول المصرفية بمعدل سنوي مركب قدره 28.9 في المائة. ولجهة الحجم، تسهم المصارف الثلاثة الأولى، بنك أبو ظبي الوطني، بنك الإمارات الدولي وبنك أبو ظبي التجاري، بنسبة 50.7 في المائة من الحجم الإجمالي للمصارف قيد الدراسة. ومستقبلا، من المتوقع أن يسجل حجم الأصول التابعة للمصارف التي تغطيها دراستنا هذه معدل نمو سنوي مركب يصل إلى 17.5 في المائة في غضون السنوات الأربع القادمة.
نمت الودائع بمعدل سنوي مركب نسبته 26 في المائة في الفترة الممتدة من العام 2002-2005 من 132.22 مليار درهم في العام 2002 إلى 264.71 مليار في العام 2005. وبغرض دعم قروض القطاع المصرفي، لا بد من تسليط الأضواء على تعبئة الموارد مع العلم بأن معظم المصارف بدأت تركز على المدى المتوسط لمضاعفة قاعدة تمويلها. يبقى لنا أن ننتظر زيادة تعبئة الودائع بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 18.9 في المائة في غضون السنوات الأربع القادمة الممتدة من العام 2005-2009 للمصارف قيد الدرس.
نما صافي القروض بمعدل سنوي مركب قدره 33.7 في المائة خلال نفس الفترة حيث ارتفع سجل القروض الصافية من 100.8 مليار درهم في العام 2002 إلى 241.1 مليارا في العام 2005. ليرتفع صافي القروض بنسبة 47.1 في المائة في العام 2005 بالمقارنة مع العام 2004. ومن المحتمل أن يشهد إقراض العملاء انخفاضا خلال العام 2006 إلا أنه سيحافظ على معدله الطبيعي في القطاع المصرفي. ومن المتوقع أن المصارف ستبقى تشهد مواجهة طلب هائل على الإقراض من قطاعي الخدمات والعقارات بشكل أخص من قبل قطاع الخدمات. كما أنه من المرجح أن تسجل حافظة صافي القروض لدى المصارف قيد الدرس معدل نمو سنوي مركب قد يصل إلى 21.3 في المائة للمرحلة الممتدة من 2005-2009.
شهدت أرباح المصارف قيد الدرس نموا من 3.47 مليار درهم في العام 2002 إلى 12.19 مليارا في العام 2005، أي بمعدل نمو سنوي مركب تصل نسبته إلى 52.1 في المائة للفترة الممتدة من 2002-2005. وقد كان معدل النمو في الربح واضحا حيث أن جميع المصارف شهدت نموا جيدا في الدخل المتأتي من الرسوم والعمولات جراء ازدهار أسواق رأس المال. هذا وقد ارتفع الدخل المتأتي من الرسوم من 2.28 مليار درهم في العام 2004 وصولا إلى 5.23 مليار، محققا بذلك زيادة نسبتها 129.9 في المائة. أما صافي الدخل المتأتي من العمولات الناتجة عن النشاطات المصرفية الرئيسة فقد ازداد من 5.79 مليار درهم في العام 2004 إلى 8.88 مليار في العام 2005، أي بزيادة نسبتها 53.4 في المائة. هذا ومن المنتظر أن تحقق أرباح المصارف قيد الدرس معدل نمو سنوي مركب تصل نسبته إلى 12 في المائة إثر ارتفاع صافي الدخل المتأتي من الفوائد بنسبة 21.3 في المائة والدخل المتأتي من غير الفوائد بنسبة 7.2 في المائة.
كان العام 2005 عاما استثنائيا لمصارف الإمارات العربية المتحدة إذ حصدت الربح الأكبر بفضل انتعاش أسواق رأس المال وإصدارات العروض الأولية العامة. كما سجل متوسط العائد على متوسط الأصول 3.6 في المائة، في حين سجل متوسط العائد على حقوق الملكية 27.8 في المائة للعام 2005 مقابل 2.3 في المائة و18.6 في المائة في العام 2004 على التوالي. هذا وبلغ مجموع القروض غير العاملة للمصارف قيد الدرس 4.04 مليار درهم في العام 2005 مقابل 4.72 مليار في العام 2004 ليساهم بنسبة 1.7 في المائة من محفظة الأوراق المالية لقروض المصارف مع نهاية العام 2005 مقابل 2.9 في المائة في العام 2004. ووصل متوسط معدل تغطية مصارف الإمارات العربية المتحدة (القروض العاملة مقابل القروض غير العاملة) 116 في المائة في 2005 مقابل 97.1 في المائة في نهاية العام 2004.
لم تكن الأشهر التسع الأولى من العام 2006 استثنائية بالنسبة للقطاع المصرفي في الإمارات العربية المتحدة كما في العام 2005. الأمر الذي يعود إلى تدني الدخل المتأتي من الرسوم والعمولات الذي تدهور خلال الأشهر التسع الأولى نتيجة لتراجع نشاط أسواق رأس المال. غير أن الدخل المتأتي عن أنشطة المصارف الرئيسية كان مميزا خلال الأشهر التسع الأولى من العام 2006 مما يؤكد أن الدخل المتأتي عن أنشطة المصارف الرئيسية سيتسبب على الأرجح في مضاعفة الأرباح. وخلال الأشهر التسع الأولى من العام 2006، استقر صافي الدخل المتأتي من الفوائد للمصارف قيد الدرس عند 8.23 مليار درهم مقارنة مع 6.23 مليارا خلال المرحلة موضوع المراجعة، أي بمعدل نمو نسبته 28 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، بلغ صافي الدخل المتأتي من الفوائد لهذه المصارف 2.73 مليار درهم في الربع الثالث من العام 2006 مقارنة مع 2.34 مليارا في المرحلة موضوع المراجعة، بمعدل نمو نسبته 16.3 في المائة. هذا وقد سجل صافي دخل مصارف الإمارات العربية المتحدة نموا هامشيا مقداره 1.4 في المائة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2006.
© 2007 تقرير مينا(www.menareport.com)