”جلوبل”: ازدهار القطاع العقاري في السعودية وزيادة معدل الطلب

تاريخ النشر: 13 مارس 2008 - 12:41 GMT
البوابة
البوابة

 تعد المملكة العربية السعودية صاحبة اكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وأول منتجا للنفط على الصعيد العالمي. حيث يلعب النفط دورا بارزا في الأداء الاقتصادي للمملكة. فقد نما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للمملكة بنسبة 10.6 في المائة (1.3 تريليون ريال) في العام 2006 مقابل 26 في المائة (1.18 تريليون ريال) في العام 2005، كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 4.3 في المائة (798.9 مليار ريال) في العام 2006 مقابل 6.1 في المائة (766 مليار ريال) في العام 2005. وعلى صعيد القطاعات، لايزال قطاع النفط الخام والغاز الطبيعي يسيطر على الناتج المحلي الإجمالي، حيث حقق معدل نمو سنوي مركب قدره 29 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2002 إلى العام 2006. وبالمثل، شهدت أنشطة البناء نموا ملحوظا حيث بلغ معدل النمو السنوي المركب نسبة 7.2 في المائة خلال الفترة الممتدة ما بين العامين 2002-2006 ليشكل 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وإضافة إلى ذلك فإن القطاع يلقى دعما هائلا من عدد من المشاريع قيد التنفيذ والتي تتضمن مشاريع بتروكيماوية ومشاريع بنى تحتية، فضلا عن تأسيس منشآت سكنية وصناعية وخدمية على أرض المملكة.

وبشكل عام، لعب القطاع العقاري دورا جوهريا في اقتصاد المملكة العربية السعودية. حيث أن ارتباطه بعدد من القطاعات الاقتصادية الأخرى جعله قطاعا هاما لتحقيق التطور الاقتصادي. هذا ويشهد القطاع العقاري حاليا نموا سريعا سيستمر خلال السنوات القليلة المقبلة. حيث تضاعف إجمالي الاستثمارات العقارية مع نهاية العام 2007 ليبلغ 100.4 مليار ريال، أي بمعدل نمو سنوي بلغ 115.9 في المائة. ويعزى هذا النمو إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب داخل القطاع. والجدير بالذكر أن السوق العقاري السعودي يعتبر مدعوما بمعدل الطلب الذي فاق مستويات العرض في كافة أرجاء المملكة. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الإيجابي خلال السنوات المقبلة، أي أن الأسعار والإيجارات ستبقى مرتفعة.

ومن العوامل التي ساعدت على ازدهار القطاع العقاري في المملكة، وجود معدل طلب ثابت، والذي تحكمت به ديمغرافية السكان والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على مر السنين. ومن جهة أخرى، سيشجع استمرار التوسع الاقتصادي ومضاعفة الفرص الاستثمارية في المملكة، تدفق المغتربين بمعدلات أعلى ليواصل بذلك مستوى الطلب زخمه. ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن ينمو عدد السكان في المملكة بمتوسط معدل سنوي 2.5 في المائة وصولا إلى 25.66 مليون نسمة بنهاية العام 2009. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من المتوقع أن ينخفض عدد أفراد الأسرة الواحدة من 5.5 إلى  5.2 شخصا خلال  الفترة ما بين العام 2005-2009. الأمر الذي سيعكس زيادة في حجم الطلب العقاري. ووفقا لهذه التوقعات، تتوقع خطة التنمية القومية الثامنة أن الطلب على العقارات السكينة سيقف في المستقبل عند مليون وحدة خلال الفترة ما بين  العام 2005-2009، أي بمتوسط زيادة بلغ 200,000 وحدة سنويا. الأمر الذي يتطلب مساحة بمقدار 280 متر مربع ومبلغ 500 مليار ريال من الاستثمارات لبناء مليون وحدة سكينة.

يعتبر عامل توفر آليات التمويل بقدر يكفي الطلب المتنامي على رؤوس الأموال من العوامل المساهمة في ازدهار القطاع العقاري في المملكة. هذا إلى جانب توسيع البنوك المحلية لمحفظاتها الائتمانية بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 21.5 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2001-2006، وتوفر معدل السيولة اللازمة في الاقتصاد المحلي. كما ساعد التمويل الحكومي، عن طريق هيئة تسهيلات قدمها صندوق التنمية العقارية، في دعم نشاطات قطاعي العقارات والبناء في المملكة. فمنذ تأسيس هذا الصندوق في العام 1974 وحتى نهاية العام 2006، قدم الصندوق تمويلات لأكثر من 613,000 وحدة سكنية من خلال دفعات مالية بإجمالي 71 مليار ريال منحت إلى مواطنين سعوديين على شكل قروض سهلة بلا فوائد. كما شرعت مصارف عديدة، أثناء صدور قانون التمويل العقاري المنتظر، بتقديم إئتمانات تمويل عقارية متماشية مع أحكام الشريعة الإسلامية وتستحق بعد 25 سنة. ونتيجة لذلك، يتوقع خبراء السوق السعودي ارتفاع ائتمانات الإسكان من 4 مليارات ريال في العام 2007 إلى 46 مليارا مع نهاية هذا العقد، بافتراض زيادة مساهمة قروض شراء الوحدات السكينة تدريجيا من 10 في المائة إلى 55 في المائة مع حلول العام 2010.

وفيما يتعلق بأداء القطاع، شهد القطاع حركة عقارية نشطة منذ العام 2000 وحتى العام 2007، حيث ارتفع عدد رخص البناء في الاقتصاد المحلي السعودي بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 11.1 في المائة خلال المرحلة الممتدة من العام 2000-2005. ويعزى ذلك إلى الزيادة الهائلة في العدد الإجمالي لرخص البناء الصادرة في العام 2005 والتي بلغت 55,369 رخصة. ومع نهاية العام 2007، وصل عدد الرخص  إلى 36,214. ومازالت الرخص السكنية تساهم بنحو 90 في المائة من الرخص الصادرة. أما من الناحية الإدارية، فقد ساهمت ثلاث مناطق بأكثر من 60 في المائة من الرخص الإجمالية الصادرة على مر السنوات وهي: الرياض، مكة المكرمة والمنطقة الشرقية، حيث كان نصيب كل منها 34.1 في المائة و18.9 في المائة و12.5 في المائة على التوالي في نهاية العام 2007. وذلك نتيجة لزيادة النشاط وارتفاع حجم الاستثمارات في هذه المناطق. كما لعبت هجرة الأهالي من المناطق الريفية إلى المدن دورا بارزا في تحويل الخريطة الديمغرافية للملكة العربية السعودية في المرحلة الأخيرة.

أظهر تحليل ديناميكية الطلب في المملكة، أن السوق العقاري السعودي يعتبر سوق مدفوع بالطلب وليس بالمضاربة. والجدير بالذكر، أن الشريحة السكنية تعاني من نقص في العرض، خاصة فيما يتعلق بالوحدات المنخفضة والمتوسطة بسبب الارتفاع الدائم في عدد السكان نتيجة الهجرة الداخلية علاوة على تدفق المغتربين. ونتيجة لارتفاع الطلب وقلة العرض ارتفعت أسعار المنازل في المرحلة الأخيرة. هذا وتشهد الشريحة التجارية في الآونة الأخيرة تزايدا في الطلب فاق مستوى العرض لمساحات التجزئة والمكاتب بسبب مضاعفة حركة الأعمال والأنشطة الاستثمارية في المملكة، النمو السكاني الهائل وزيادة نصيب دخل الفرد.

امتاز القطاع العقاري بازدهار كبير كذلك في باقي دول مجلس التعاون الخليجي، مدعوما بزيادة الطلب والعوامل الأساسية الأخرى. حيث استمرت الأسعار في الارتفاع خلال الفترة من العام 2002-2005 ولكن ليس بالمستوى الذي ينصح به المستهلكين ولا أصحاب المشاريع. إضافة إلى صعوبة تحديد مسار أسعار العقارات في المملكة بسبب غياب هيئة لتسجيل الأسعار. وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول بأن الأسعار ارتفعت بنسبة 10 في المائة سنويا بالمتوسط للشريحتين السكينة والتجارية خلال العام 2002-2005 نتيجة النقص في مستويات العرض. كما استمرت شريحة المكاتب تعاني من نقص في العرض في المرحلة ذاتها، حيث بلغ معدل الفراغ (الشغور) في مواقع أساسية كالرياض وجدة نحو 2 في المائة و5 في المائة لكل منهما. وبالتالي، تراوحت الإيجارات في المناطق الرئيسية ما بين 250-300 دولار للمتر المربع.

وفي العام 2007، شهد النشاط العقاري أداء متميزا خاصة من جهة الحجم. حيث حققت الصفقات التي عقدت رقما قياسيا جديدا بلغ 114 متر مربع مقابل 50.6 متر مربع في العام 2006. ومن جهة الأسعار، بلغ متوسط السعر الشهري 623 ريالا سعوديا للمتر المربع في الشريحة السكنية و14,700 ريال سعودي للمتر المربع في النشاطات الاستثمارية والتجارية و15,300 ريال سعودي للمتر المربع في المكاتب.

ومستقبلا، نتوقع أن يشكل نقص العرض تحديا جوهريا لشريحة العقارات السكنية المنخفضة الأسعار. هذا ومن المتوقع استمرار المستوى المنخفض للعرض على المدى القريب والمتوسط إلى حين الانتهاء من مشاريع جديدة. وستعزز السمات الديمغرافية والأداء المتميز هذا الوضع، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى دعم النمو الحاصل في القطاع العقاري. والجدير بالذكر أن تبني أساليب جديدة للتمويل العقاري، سيساعد على حل هذه الأزمة ويضاعف من انتعاش القطاع المزدهر. ومن جهة أخرى، سيواصل الطلب على مساحات التجزئة والمكاتب اتجاهه الصعودي مدفوعا بزيادة عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة وبالتالي مضاعفة الطلب على الاحتياجات التجارية والرفاهية. وكذلك، من المتوقع أن يرتفع مستوى الطلب على المكاتب بسبب زيادة عدد الشركات حديثة التأسيس وتوسيع الشركات القائمة. لذلك، فإننا نتوقع استمرار هذا الاتجاه في القطاع العقاري السعودي نتيجة انفتاح الاقتصاد السعودي وتبني قوانين استثمارية جديدة ستستقطب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة. 

© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن