ذكر مسؤولون سياسيون واقتصاديون ان مفاوضات "سرية" تجرى بين مستثمرين عرب وفلسطينيين لشراء البنى التحتية الإسرائيلية في الأراضي التي ستنسحب منها إسرائيل لمنع تفكيك هذه المشاريع كما فعلت عند انسحابها من سيناء.وقال المسؤولون الفلسطينيون الذين تحدثوا إلى "الحياة" طالبين عدم كشف أسمائهم أن المفاوضات تحظى بمباركة دولية واسعة، تمهيدا لسلسة اجتماعات ذات طابع اقتصادي، تبدأ في مؤتمر لندن الذي سيعقد في الأول من آذار (مارس) المقبل، ويعقبه آخر في نيسان (إبريل)، ثم منتدى يعقد في القاهرة تحت اسم "منتدى غزة الاقتصادي" في أيار (مايو) المقبل.
وتتركز هذه المفاوضات على شراء مستوطنات والاستثمار في مشاريع اعمارية وصناعية وادارة المعابر وتطويرها من مستثمرين عرب، بالاشتراك مع رجال أعمال فلسطينيين، وذلك بهدف "تحفيز رأس المال العربي" في دعم التنمية في الأراضي التي ستنسحب منها إسرائيل في إطار التسوية الجارية حالياً.
وأشارت المصادر إلى أن هذه المبادرة تتضمن أيضا تطوير ميناء ومطار غزة وإنشاء محطة كهرباء، ربما يتم الإعلان عنها في اجتماع لندن الأسبوع المقبل، وان سبقها الإعلان عن زيارة رئيس مجلس إدارة شركة "اعمار" الإماراتية للتطوير العقاري محمد العبار، طرح خلالها على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي موضوع شراء المستعمرات الإسرائيلية في قطاع غزة، وانشأ فرعاً لشركته في أراضي السلطة تحت اسم شركة "اعمار فلسطين".
وقالت المصادر ان هذه هي الزيارة الثالثة للعبار لاراضي السلطة الفلسطينية، إذ زار المنطقة العام الماضي مرتين، الا انه "لم يتم التوصل خلالها إلى اتفاق آنذاك".ولفتت إلى أن المطروح هو تطوير مشاريع عقارية وبناء فنادق ومستشفيات وتطوير مستعمرة "نتساريم" إلى منتجع سياحي والمستعمرات الأخرى إلى مستشفيات ومشاريع سكنية، عوضا عن تفكيكها مثلما فعلت اسرائيل بمستعمرة "ياميت" عندما انسحبت من سيناء، حين اقتلعت حتى البلاط وأخذته معها.
ولم تكشف المصادر عن الأرقام التي تدور حولها المفاوضات، وان كان هناك جدل قوي في أوساط كبار المفكرين الفلسطينيين مفاده أن استرداد هذه المستوطنات والمشاريع الإسرائيلية الأخرى التي بنتها خلال احتلالها لغزة وبقية أراضى الضفة الغربية يجب ألا يكون له مقابل، بل يجب اعتباره جزءاً من التعويضات التي ينبغي على الحكومة الاسرائيلية تقديمها إلى الفلسطينيين في مقابل احتلالها لهذه الأراضي أربعة عقود.
يشار إلى أن شركة "اعمار العقارية" أطلقت بعد عودة العبار من أراضي السلطة الفلسطينية شركة جديدة تابعة لها تحت اسم "اعمار للصناعات" تهدف إلى الاستثمار في الصناعات القائمة في الإمارات، وهو ما يراه الخبراء تمهيداً للمشاركة في تطوير المناطق الصناعية في غزة وأراضي الضفة الغربية التي ستنسحب منها اسرائيل.وذكر بيان وزعته "اعمار" على الصحافيين أن شركة "إعمار فلسطين" حددت مجموعة من المناطق التي تود العمل فيها بهدف المساهمة في تحسين الظروف الاقتصادية والأوضاع المعيشية في فلسطين. وستعمل الشركة بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي على بناء مجموعة من المستشفيات ومراكز رعاية صحية، إضافة إلى مجموعة من مؤسسات التعليم والمدارس.
وقال العبار في البيان الذي صدر خلال زيارته إلى أراضي السلطة أن أولويات "اعمار فلسطين" "تتركز في تخطيط وتصميم مشاريع سكنية متكاملة تمتلك كل تجهيزات البنية التحتية وأفضل مقومات الحياة العصرية، لتوفير وحدات سكنية متميزة وتحصل على كل الخدمات الضرورية، وذلك بالاعتماد على الموارد والخبرات المحلية المتوافرة في فلسطين".
وأضاف العبار، وكما ذكرت صحيفة الحياة التي تصدر في لندن،: "نعمل وفق توجيهات واضحة من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي يدعو إلى تحرك عملي تقوده دبي ودولة الإمارات لدعم الأخوة في فلسطين، وعلينا جميعاً مؤسسات وأفراداً في الوطن العربي التحرك والعمل لنثبت قدرتنا على المضي قدماً والمساهمة في تحسين ظروف المعيشة في فلسطين على رغم الصراع العربي - الإسرائيلي الذي مضت عليه سنوات طويلة".
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)