في الوقت الذي كانت تنتظر فيه المملكة المتحدة بعصبية نتيجة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو العام الماضي، كان مصدر أول نتيجة للاستفتاء تصل، هو منطقة تقع في الحقيقة بعيداً عن الشواطئ البريطانية وهي جبل طارق.
ومثل ما هو متوقع، صوتت الجزيرة بأغلبية لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي. ولكن الآن، مثل بقية أوروبا، عليها أن تعد نفسها للتغيرات المقبلة في الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي. وتبلغ مساحة جبل طارق ستة كيلومترات ونصف كيلومتر مربع، وتقع على الطرف الجنوبي لإسبانيا. وسيطرت بريطانيا على الجزيرة الصخرية ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة بين أوروبا وأفريقيا عام 1704، وتطالب إسبانيا بعودتها منذ ذلك الحين.
ووفرت مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد زخما جديدا للخلاف، وبوجه خاص يشعر قطاع السياحة بجبل طارق بالقلق من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث إن الجزيرة الملقبة بـ «الصخرة» وسكانها البالغ عددهم 32 ألف نسمة يعتمدون بصورة كبيرة على السياحة والحركة الحرة للبضائع والمواطنين من وإلى إسبانيا.
ويتعين على المطاعم والفنادق والمحال التجارية في الإقليم البريطاني الواقع خارج أراضي بريطانيا استيراد كل شيء من إسبانيا، كما أن معظم العاملين أسبان.
ويقول جوليان بيرني، رئيس اتحاد الأعمال الصغيرة في جبل طارق «نحو 7000 شخص يعبرون الحدود يومياً»، مضيفاً «هل سوف يستمر السماح لهم بالعمل في جبل طارق بعد خروج بريطانيا من الاتحاد؟». ويقول نيكي جوريرو، مدير قطاع السياحة في جبل طارق، إن ارتفاع معدل البطالة الإقليمي يعني أنه ليس من مصلحة مدريد فرض قيود على الحدود وزيادة سوء أحوال العمل للإسبان في جبل طارق.
ولكن ماذا عن السائحين؟ الملايين من السائحين يزورون جبل طارق سنويا، ومعظمهم يأتون عبر الحدود من إسبانيا. هل سوف يستمرون في الوصول إذا تم تشديد القيود على الحدود بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟. ويقول جوريرو «إنني على ثقة أنهم سوف يستمرون في القدوم»، مضيفاً «جبل طارق لديها الكثير لتقدمه». وهو على حق، فجبل طارق منطقة صغيرة وآمنة، مما يجعلها جاذبة للرحلات البحرية، التي غالبا ما ترسو بركابها في الجزيرة لقضاء وقت سعيد.
واستقبلت الجزيرة العام الماضي فقط 400 ألف من ركاب السفن السياحية، وهذا الرقم يبدو أنه قابل للزيادة. وتشتهر الجزيرة أيضاً بمحالها، حيث لا يتم تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالجزيرة، وينتهز الكثير من الزوار الفرصة لشراء كميات كبيرة من التبغ والكحوليات والعطور والساعات والمجوهرات والمنتجات الإلكترونية.
وتطل الجزيرة على ثلاثة من شواطئ البحر المتوسط، هي ايسترن بيتش وكاتلان باي وساندي باي. ويقول المرشد السياحي تينو فاليجو «الجزيرة مثل قطعة جبنة سويسرية عملاقة».
ويقول فاليجو: «جبل طارق تاريخياً ولغوياً وهندسياً وثقافياً خليط من بريطانيا وإسبانيا والبرتغال ومالطا وإيطاليا والمغرب»، مضيفاً: «نحن فقط أخذنا الأفضل من كل ثقافة». وأضاف: «بالطبع، يجب أن يصبح جبل طارق نموذجا للعالم».
اقرأ أيضاً:
2.7 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين الإمارات والبرازيل في 2016
الإفراج عن السلع الانتقائية في الإمارات بعد التأكد من وجود التصريح الضريبي