تعد الشركات العائلية من ركائز الاقتصاد في الشرق الأوسط، وتؤدي دورًا مهمًا في تعزيز النمو في المنطقة. وقد نتجت ثروة الشركة العائلية أساسًا من مجال عمل واحد أو مجالين، فغالبًا ما اعتمدت على وكالة أو حق امتياز أو اتفاقات ترخيص من علامات تجارية عالمية شهيرة من خارج المنطقة.
مما أتاح لها ميزة الوصول إلى منتجات وخدمات ذات شهرة عالمية، كانت ستتطلب أعوامًا من التطوير الذاتي لو أنها لم تعتمد على تلك الوكالات أو حقوق الامتياز، أو تعقد تلك الاتفاقات. وبالتالي، استفادت الشركات العائلية من هذه الميزة مع مرور الوقت، لترسيخ سيادتها في الأسواق الخاصة بها.
وفي الوقت الذي عززت فيه تلك الاتفاقات واردات المنطقة، دعمت أسعار النفط التي تراوحت حول 100 دولار للبرميل الواحد إيرادات الصادرات، ووضعت الأسس لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي لتمويل مبادرات النمو الضخمة، ومواصلة تقديم الدعم الحكومي.
ومع استمرار تطور اقتصادات المنطقة، جمعت الشركات العائلية ثروات هائلة في الوقت ذاته، ثم نوعت أصولها باستثمار الأموال الفائضة في صناعات مختلفة، تمثلت في الأسهم المدرجة والخاصة والعقارات، مستفيدة من ممتلكاتها العقارية. وفي المقابل، دعمت تلك الاستثمارات نمو الأصول بأنواعها وتطورها، بما فيها أسواقها الإقليمية.
لكن في المقابل، برزت أعباء محددة تتعلق بالاقتصاد الكلي، كان لا بد لها من إثارة اهتمام الشركات العائلية في المنطقة. كذلك ظل تراجع أسعار النفط ثم الاستقرار الذي عقب ذلك قضية جوهرية، في ظل التساؤلات حول ماهية الـمعيار الجديد للأسواق، وهو ليس شأنًا مهمًا يتعلق بصميم أعمالهم فحسب، بل إن له آثارًا على مستوى الثقة ووتيرة الاستثمارات العامة والخاصة في المنطقة.
إن التأييد العام ذا الدوافع الجغرافية السياسية، الذي ظهر مؤخرًا عبر الأسواق المتقدمة باتجاه إغلاق الحدود وتقييد التجارة والسياسات المناوئة للعولمة، يعد من التطورات المثيرة للاهتمام أيضًا. وما يثير الاهتمام في منطقة الشرق الأوسط، هو ما إذا كانت ستظهر أي تداعيات على علاقات الشركات العائلية واتفاقاتها القائمة مع تلك الوكالات. صحيح أن الدعم الواضح "لوجهات النظر الشعبية" على امتداد الأسواق المتقدمة له تأثير أيضًا، لكن بينما تظل التأثيرات التي تطال المنطقة غير مؤكدة، تثير مثل تلك الأفكار في مجتمع الأعمال، تساؤلات أخرى حول "وجهات النظر أو الآراء" التي قد تتشكل في مقبل الأيام.
وفي سعيها لشق طريقها في المشهد المتغير، تتأقلم الشركات العائلية وتتطور بوسائل مختلفة. ففي صلب أعمالها، ازداد تركيزها على تقييم مدى ملاءمة استراتيجياتها أو مخططاتها للوضع الراهن في السوق. ومن الواضح، أن قدرة الشركات العائلية على تحقيق مستويات النمو التي اعتادت على تحقيقها أصبحت أكثر صعوبة، مما أدى إلى ظهور استراتيجيات جديدة، سواء في الأسواق الجديدة أو في أنواع الأصول، أو حتى في قبول مستويات أعلى من المخاطر. وهكذا، إذا لم يكن باستطاعتها تحمل مخاطر إضافية، فربما سيتطلب الأمر تعديل العائدات المتوقعة الكلية، لتعكس قوى ومحركات السوق الجديدة.
وعليه، فمن الضروري في أوقات مماثلة، مراجعة توزيع أو تخصيص أصول الشركة العائلية، لاسيما مع نمو العديد من المحافظ الاستثمارية في مختلف الصناعات وأنواع الأصول. وتبرز هنا تساؤلات عدة: أين هي مواطن (انكشاف) تعرض الشركة العائلية للخطر؟ وما هي الاتجاهات الحديثة المتعاقبة أو الدورية المقبلة؟ وهل الشركة مهيأة لاستغلال هذه الاتجاهات الحديثة لصالحها؟ وما الذي ينبغي فعله للمحافظة على الوضع القائم، وعلى مستويات الأرباح التاريخية على الأقل؟
إن فهم قوى ومحركات المخاطر، والعائدات المصاحبة لأعمال الشركات العائلية، سيساعدها على تقييم استراتيجياتها المستقبلية، وإدارة ومراقبة أصولها. وسيسمح لها باتخاذ قرارات أكثر تعقلًا بشأن الفرص الجديدة، وهذا هو الأهم.
لكن بتقييم عمليات توزيع أو تخصيص الأصول، تعيد الشركات العائلية تقييم هياكلها التنظيمية، والحاكمية المؤسسية لها بشكل عام، وما إذا كانت بحاجة إلى إحداث التغيير المطلوب، سواء أكان بالتحول إلى العمل أكثر لـ"إدارة الأصول"، أم باتباع أسلوب اللامركزية لزيادة مسؤوليات الوحدات أو الأقسام. كما يتعين عليها أيضًا، مراجعة إداراتها المالية وتحديث قدراتها التكنولوجية، للتأقلم على نحو أسرع مع ارتفاع مستويات المراقبة، كذلك قياس المخاطر وإعداد التقارير.
في حين تتعاظم أهمية التخطيط لتخفيف المخاطر، من أجل ضمان اتخاذ الشركات العائلية الإجراءات الصحيحة، الرامية الى إدارة التغيير، وتقليل احتمالات نشوب الصراعات المستقبلية بين الوكالات أو حملة الأسهم، أو بين أصحاب المصالح. وبمعنى آخر، ينبغي لها أن تعي وتستعد للتكيف مع التغيير، في سبيل مواصلة التقدم والازدهار.
المصدر: فوربس الشرق الأوسط
اقرأ أيضًا:
في 2017 وفي الإمارات.. أين يجب أن تستثمر أموالك؟
وصل أبوظبي ومعه 100 درهم ليصبح رجل أعمال... كيف؟
تعرف على 3 أخطاء تفاوضية يقع فيها رواد الأعمال