لا شكّ أنّ مؤسسات الأعمال تحتاج إلى تنمية استثماراتها، هذا أمرٌ طبيعي، لكن كيف يمكن للمؤسسة أن تحدّد الاستثمارات المجدية عن سواها؟ هناك مجموعة من السبل التي تساعد في احتساب العائدات على الاستثمار (ROI)، مثل تحديد صافي القيمة الحالية، أو معدل العائد الداخلي، أو تحليل نقطة التعادل، لكنّ الأسهل من بين كل هذه الطرق هي تحديد فترة الاسترداد (Payback Method).
تحدثتُ مع جوي نايت مؤلف كتاب “أدوات هارفرد بيزنس ريفيو: العائد على الاستثمار”، والمؤسس الشريك ومالك موقع “بزنس ليتراسي” (www.business-literacy.com)، ليشرح لي أكثر عن طريقة فترة الاسترداد وبيان كيفية استخدامها لتحديد العائد على الاستثمار.
ماذا نعني بفترة الاسترداد؟
فترة الاسترداد هي الطريقة الأكثر شيوعاً لمعرفة العائد على الاستثمار، وتستخدم لبيان العائد التي تحصل عليه على استثمارك. لعلك سمعت الناس يسألون: “كم سننتظر حتى نستعيد نقودنا؟”، وهذه الطريقة هي الأسلوب الأمثل للجواب على هذا السؤال كما يرى نايت، فهي تكشف عن “الوقت المطلوب كي يعيد التدفق النقدي في المشروع المبلغ الأصلي المستثمر”.
ويفضّل أن تكون فترة الاستثمار أقصر، و”غنيّ عن القول إنّ هذه الفترة يجب أن تكون أقصر من عمر المشروع، وإلّا فليس ثمّة داعٍ للدخول في هذا الاستثمار.” أمّا إن كانت فترة الاسترداد طويلة فإنّك على الأغلب لست مقدمًا على مشروعٍ ذي جدوى كبيرة.
تكمن جاذبية هذه الطريقة في سهولة فهمها وبساطة حسابها مقارنة بالطرق الأخرى.
كيف نحسب فترة الاسترداد؟
إليكم الطريقة: قسّم قيمة الاستثمار الأولىيّ على المبلغ الذي تتوقّع أن يحققه الاستثمار كل سنة.
ولتوضيح الأمور أكثر يقدّم لنا نايت هذا المثال: تخيّل أنّ شركتك ترغب في شراء جهاز حاسوب بقيمة 3000 دولار، وسيساعد هذا الحاسوب أحد الموظفين على تقديم الخدمات للعملاء بوقتٍ أقلّ. ويتوقّع أن يدوم الحاسوب لمدة ثلاث سنوات، وسيكون التدفق النقدي نهايةَ كل سنة من هذه السنوات الثلاثة 1300 دولار- وهذا هو مقدار المال الإضافي الذي ستجنيه شركتك لأنّها تقدّم الخدمات الآن إلى عدد أكبر من العملاء بفضل هذا الحاسوب الجديد.
ولحساب فترة الاستثمار قم بتقسيم قيمة الاستثمار الأولي (3000 دولار) على التدفق النقدي السنويّ (1300 دولار):
3000دولار/1300دولار = 2.31 سنة
وبما أنّ عمر هذا الحاسوب ثلاث سنوات، فإنّ فترة الاسترداد أقلّ من عمر المشروع. ولكنّ الأمر الذي لا نستطيع تحديده بهذه الطريقة فهو مقدار العائد الكليّ في هذه السنوات الثلاثة.
هذه هي السلبيّة الأساسيّة في هذه الطريقة. يقول نايت: “لا تخبرك هذه الطريقة بالكثير في نهاية الأمر، فأنت على الأغلب لا ترغب بمجرد أن تخرج برأس المال فقط في الاستثمار، بل تريد كذلك أن تجني بعض الأرباح.”وقد يؤدي هذا الأمر إلى القيام ببعض الحسابات الخادعة. فعلى سبيل المثال، لو كان التدفق النقدي للمشروع 3000 دولار سنويّاً في السنة الأولى ثم توقّف، فوفقاً لطريقة الاسترداد فإن فترة الاسترداد ستكون سنة واحدة، وهذا يبدو رائعاً: فأنت تستعيد نقودك كلها في سنة واحدة. ولكن إن لم تحقق عائدات في السنوات التي بعدها فإنّك في واقع الأمر لا تستفيد أيّ شيء من استثمارك.
كيف تستخدم الشركات طريقة فترة الاسترداد؟
كثيراً ما تستخدم هذه الطريقة من أجل “التحقق من الواقع” مبدئياً قبل الشروع في إجراء الطرق الأخرى لحساب العائد على الاستثمار. ويقول نايت: “إن أفضل ما تتيحه طريقة فترة الاسترداد في رأيي هو التحقق السريع من الأرقام قبل اتخاذ القرار في النظر بشكل أعمق في مشروع الاستثمار.”
كما تستخدم طريقة فترة الاسترداد عند الحديث عن مشاريع حكومية أو مشاريع تنطوي على بعض المخاطر والتي تكون مرتكزة على مقدار كبير من رأس المال. ويرى نايت أن “شركات التصنيع والإنتاج تميل إلى تفضيل هذه الطريقة”. كما أنّ الشركات التي لا تملك الكثير من المال ولا تستطيع الاستثمار برأس مال ضخم تميل كذلك إلى استخدام طريقة فترة الاسترداد لأنّها تحتاج إلى استعادة مالها بسرعة.
ما الأخطاء التي يقع بها الناس عند استخدام طريقة فترة الاسترداد؟
من المآخذ الأساسية على هذه الطريقة هي أنّها لا تأخذ بالاعتبار القيمة الزمنية للمال، بحيث تبيّن لك قيمة التدفقّات المالية المستقبليّة بقيمتها الحقيقية من الدولارات اليوم.
إنّها في رأي نايت “أشبه بمقارنة فاكهة الشمام بالملفوف، ذلك لأنّ قيمة الدولار اليوم تختلف عن قيمتها في المستقبل.” وكلما طالت مدّة المشاريع تناقصت الدقّة في حسابات هذه الطريقة.
ويرى نايت أنّ طريقة الاسترداد “تخبرك متى ستستعيد رأس مالك الأوليّ الذي استثمرته، ولكنها لا تأخذ بالحسبان حقيقة أنّ هذا المال لن يكون بحوزتك طيلة هذه الفترة”. ولهذا السبب فإنّ الكثيرين يفضّلون طريقة حساب صافي القيمة الحاليّة على هذه الطريقة.
ومن السلبيات الأخرى في طريقة فترة الاسترداد هي أنّها لا تخبرك أيّ شيء عن معدّل العائد على الاستثمار، وهذه مشكلة إن كانت شركتك تتطلب أن يتعدّى الاستثمار المعدّل الأدنى للعائد.
كما يشير نايت إلى أنّ بعض الأشخاص يستخدمون طريقة “فترة الاسترداد المخصومة” وهي طريقة معدة تأخذ بالاعتبار معدّل الخصم (Discount Rate)، وهي تشتمل على حساب أكثر تعقيدًا (وهنالك بعض البرامج على شبكة الإنترنت تساعدك بالقيام بها)، ولكنّها أكثر كفاءة من الطريقة التقليدية وفق نايت، خاصة إن كنت عازماً على الاكتفاء باستخدام هذه الطريقة.
ولكنّ نايت يحذّر من أنّها “طريقة سهلة وتقريبية وليست أداةً دقيقة للتحليل المالي.” فإن اخترت هذه الطريقة وبدا أنّ الاستثمار واعد بالنجاح، فعليك حينها أن تقدم على تحليل أكثر صرامة باستخدام إحدى الطرق الأخرى المعروفة لتحديد العائد على الاستثمار، كحساب معدّل العائد الداخلي، أو تحليل التعادل، أو صافي القيمة الحاليّة.
اقرأ أيضاً:
تعرف على 12 خطوة أساسية للتفاوض المثمر
البطاقات الإئتمانية المستقبلية أكثر سرعة وأمانا