تحتل صناعة صهر الألومنيوم وما أسفر عنها من صناعات وسيطة ونهائية مكانة معتبرة ضمن الصناعات التحويلية التي تبنتها دول مجلس التعاون الخليجي كخيار استراتيجي بعد الصناعات البترولية والبتروكيماوية إذ كان امتلاك تلك الدول اهم العناصر الأساسية لإقامة وتطوير هذه الصناعة والمتمثلة في الطاقة ورأس المال الحافز القوي لاقتحام هذا المجال الصناعي المهم. وفي ظل توفر عناصر أخرى مهمة لدى دول المجلس تتمثل في تصريف المنتجات المصنعة وحرص الدول الست على إيجاد وسائل متنوعة للتنمية وتنويع مصادر الدخل القومي فإن صناعة الألومنيوم أصبحت مفتاحا لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في المنطقة الخليجية.
وتشير وقائع وأرقام أوردها كتاب صدر الأسبوع الماضي عن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية جويك إلى أن منطقة دول المجلس ستصبح واحدة من المراكز العالمية المهمة لصناعة الألمنيوم بحلول عام 2015 والسنوات القليلة التي تليها. وذكر الكتاب الذي صدر تحت عنوان «صناعة وتجارة الألمنيوم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي» أن إجمالي عدد المصانع العاملة في صناعات الألومنيوم بأنواعها المختلفة في دول المجلس بلغت في عام الماضي نحو 1030 مصنعا مشكلة نسبة بلغت نحو 7.3 بالمائة من إجمالي عدد المصانع العاملة في قطاع الصناعات التحويلية بدول المجلس فيما بلغت استثماراتها قرابة 26.3 مليار دولار مثلت نحو 8.1 بالمائة من مجموع استثمارات الصناعات التحويلية في المنطقة. أما عدد العاملين في مجال صناعات الألومنيوم البالغ عددهم نحو 75.8 ألف عامل فيشكلون نسبة 6 بالمائة من إجمالي عدد العاملين في الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون الخليجي مع توقعات بازدياد نسبة مساهمة إنتاج دول المجلس في الإنتاج العالمي من نحو 9 بالمائة في عام 2011 إلى قرابة 16 بالمائة بحلول العام 2020. وطبقا للكتاب فإن صناعة الألومنيوم النهائية في المنطقة التي تشمل صناعة المنتجات الإنشائية والأدوات المنزلية والعلب والبراميل وغيرها بلغ عدد مصانعها 944 وزادت استثماراتها على اكثر من 1.9 مليار دولار واستوعبت نحو 49.4 ألف عامل. وتوقع الكتاب الجديد أن يتم ضخ نحو 22 مليار دولار في قطاع صناعة الألومنيوم مع حلول عام 2015 لترتفع طاقته الإنتاجية من 3.6 مليون طن- كما هي في العام المنصرم- إلى نحو 6 ملايين طن عام 2015 حيث ستدخل عدة مشروعات جديدة حيز التنفيذ أهمها مشروع شركة معادن في السعودية والمرحلة الثانية من مصهر شركة الإمارات للألومنيوم ليصل بطاقته الإنتاجية إلى 1.4 مليون طن إضافة إلى التوسعات المخطط لإقامتها في كل من شركة «البا» و«دوبال» و«ألومنيوم قطر» و«صحار». وأكد الكتاب الذي صدر عن جويك تحت عنوان «صناعة وتجارة الألمنيوم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي» أن إنشاء مصاهر عديدة للألمنيوم في المنطقة وإنتاج الألومنيوم الأولى ساعد على إقامة العديد من الصناعات الوسيطة والنهائية المعتمدة على هذا المعدن كما تول د عنها العديد من المنتجات مثل المقاطع والأعمدة والصفائح والألواح والأسلاك والكابلات وغيرها كصناعات وسيطة أسهمت بدورها في قيام العديد من مصانع الألومنيوم النهائي حيث استطاعت تلك المنتجات تغطية القسم الأكبر من احتياجات ومتطلبات السوق المحلية.
وحسب التوزيع الهيكلي لصناعات الألومنيوم عام 2011 فقد بلغ عدد المصانع العاملة في مجال إنتاج الألمنيوم الأولى صهر الألومنيوم 5 مصانع مقابل 81 مصنعا في مجال المنتجات الوسيطة و944 مصنعا في مجال صناعة المنتجات النهائية. أما من حيث راس المال المستثمر فمن المؤكد حسب الكتاب- أن مصاهر الألمنيوم قد حازت النسبة العظمى من الاستثمارات الموظفة في صناعة الألومنيوم نظرا للتكاليف الباهظة التي تتطلبها الصناعة ضمن القطاع إلى جانب التوسعات الكبيرة التي قامت بها كل من شركة «البا» و«دوبال» وتأسيس مصانع «صحار» وألومنيوم قطر و«ايمال» حيث بلغت استثماراتها الإجمالية عام 2011 نحو 21.7 مليار دولار شكلت نسبة 6‚82 من إجمالي الأموال المستثمرة في الصناعة. أما حجم الاستثمارات في صناعة منتجات الألومنيوم الوسيطة بدول المجلس فقد بلغ اكثر من 2.6 مليار دولار وبمعدل استثمار قدره 32.6 مليون دولار للمصنع الواحد كما بلغت الاستثمارات في صناعة الألومنيوم النهائية نحو 1.9 مليار دولار وبمتوسط قدره نحو 2.1 مليون دولار للمصنع الواحد مما تنطبق عليها صفة الصناعات الصغيرة.
وإذا انتقلنا في الكتاب إلى جانب الصناعات النهائية للألومنيوم فإن عدد المصانع العاملة بهذا القطاع في عام 2011 بلغ 944 مصنعا شكلت نحو 91.7 بالمائة من إجمالي عدد المصانع العاملة في صناعات الألومنيوم المتنوعة فيما تقدر طاقة هذه المصانع بنحو 891 ألف طن من كافة أشكال المنتجات في وقت بلغت استثماراتها نحو 1.9 مليار دولار مشكلة نسبة بلغت 42.3 بالمائة من إجمالي الأموال المستثمرة في صناعة الألومنيوم الوسيط والنهائي أي بمتوسط استثمار قدره 2.0 مليون دولار للمصنع الواحد. وبشكل عام تزايدت أهمية المنتجات الإنشائية من الألومنيوم في دول مجلس التعاون الخليجي نظرا للتوسع العمراني الذي تشهده المنطقة منذ عدة سنوات مما ساعد على ارتفاع الطلب على المنتجات الإنشائية المحلية من الألمنيوم والتي أصبحت قادرة على تلبية جزء كبير من حجم هذا الطلب خاصة وأن تلك المنتجات أخذت تحل محل المواد الطبيعية من حديد وخشب وذلك بما تتمتع به من مميزات خاصة. إن كميات الإنتاج من تلك المنتجات- التي تشمل الأبواب والنوافذ والواجهات وإطاراتها والحواجز والأسقف الصناعية- ازدادت من قرابة 329 ألف طن عام 2005 إلى 534.2 ألف طن عام 2011 بزيادة نسبية قدرها 62.4 بالمائة وبمعدل نمو سنوي بلغ 8.4 بالمائة بالمتوسط. ونظرا لقيام مصاهر الألومنيوم في دول المجلس بتأمين متطلبات المنطقة الخليجية من الألومنيوم الأولي فإن دول المجلس باتت تعتمد بصورة أساسية على تلك المصادر لتزويدها بمادة خام الألمنيوم اللازمة لصناعة منتجات الألمنيوم الوسيطة والنهائية. وقامت الدول الخليجية باستيراد نحو 155 ألف طن من الألومنيوم الأولي عام 2005 انخفضت لتصل إلى نحو 66 ألف طن خلال العام الماضي إلا أن دول المجلس ما زالت تستورد كميات كبيرة من منتجات الألومنيوم الوسيطة وكذلك النهائية بهدف تغطية الطلب المتنامي على تلك المنتجات من مختلف القطاعات الاقتصادية والاستهلاكية وخاصة قطاع البناء والتشييد. وازدادت واردات المنطقة من منتجات الألومنيوم الوسيطة من 464.7 ألف طن عام 2005 إلى 718.8 ألف طن عام 2011 أي بنسبة 54.6 بالمائة وبمعدل نمو سنوي بلغ 7.5 بالمائة كما تضاعفت واردات المنتجات النهائية من الألومنيوم خلال الفترة نفسها حيث زادت من 150.7 ألف طن عام 2005 إلى 403.8 ألف طن العام المنصرم وبمعدل نمو سنوي قدره 17.8 بالمائة. وعلى صعيد الإنجازات الفردية للدول الخليجية قامت دولة قطر ببناء مصهر كبير للألومنيوم تحت إدارة شركة ألومنيوم قطر بطاقة إنتاجية قدرها 585 ألف طن وباستثمارات بلغت اكثر من 5.7 مليار دولار وذلك بهدف استغلال ثورتها الكبيرة من الغاز الطبيعي كما قامت الدولة حديثا بإنشاء مصنع لمقاطع الألومنيوم يوشك على انتهاء أعماله إلى جانب مسبكين صغيرين تقدر طاقتهما بنحو 600 طن في السنة. أما في مجال صناعات الألومنيوم النهائية فلدى دولة قطر 63 مصنعا تقدر طاقتها الإنتاجية بنحو 54.5 ألف طن باستثمارات مالية تبلغ 122.6 مليون دولار وتضم 1682 عاملا أي بمتوسط استثمار قدره 1.9 مليون دولار للمصنع الواحد وبمتوسط عمالة قدره 27 عاملا ومن بين مصانع الألومنيوم في قطر 55 مصنعا في مجال المنتجات الإنشائية تقدر طاقتها بنحو 48 ألف طن.
وتبلغ استثمارات تلك المصانع الـ55 نحو 78.8 مليون دولار وتستوعب 1383 عاملا وتشهد أنشطتها الإنتاجية في الفترة الراهنة رواجا كبيرا بسبب ازدهار قطاع البناء وارتفاع حجم الطلب على المنتجات الإنشائية من واجهات وأبواب ونوافذ ومطابخ وغيرها. كما أن لدى دولة قطر مصنعا للأدوات المنزلية تقدر طاقته بنحو 1.2 ألف طن إلى جانب مصنع آخر لقص وتعبئة رقائق الألومنيوم تقدر طاقته بنحو 1.2 ألف طن فيما توجد 6 مصانع لإنتاج المنتجات الألومنيوم المتنوعة الأخرى تقدر طاقتها بنحو 1‚4 ألف طن. واستعرض الكتاب أرقاما مهمة في هذا المجال أوضح من خلالها أن الإنتاج العالمي من الألومنيوم الأولي لعام 2011 بلغ 42.8 مليون طن مرتفعا من 32 مليون طن عام 2005 حيث تبوأت قارة آسيا المركز الأول من حيث الإنتاج إذ بلغ إنتاجها العام الماضي نحو 22.4 مليون طن ممثلة نسبة 52.3 بالمائة من الإنتاج العالمي للألومنيوم الأولي تلتها قارة أوروبا بنسبة 20.8 بالمائة ثم القارة الأميركية بنسبة 17.1 بالمائة وأستراليا بنسبة 5.6 بالمائة وبعدها قارة إفريقيا بنسبة بلغت 4.2 بالمائة.
أما بالنسبة لحجم الإنتاج على مستوى الدول فيتضح من الكتاب الذي أصدرته جويك أن الصين احتلت المركز الأول على المستوى العالمي في إنتاج الألومنيوم الأولي عام 2011 حيث بلغ إنتاجها نحو 16.8 مليون طن أي بنسبة 39.3 من الإنتاج العالمي حيث خطت الصين بسرعة في مجال هذه الصناعة عندما ازداد إنتاج الألومنيوم الأولي لديها عام 2011 بأكثر من ضعف ما كان عليه في العام 2005 وجاءت روسيا الاتحادية في المركز الثاني في سلم الإنتاج العالمي تلتها كندا ثم استراليا ثم الولايات المتحدة. وفي ما يخص مستوى الإنتاج بدول الخليج العربي احتلت الإمارات المرتبة التاسعة على المستوى العالمي لإنتاج الألومنيوم الأولي حيث بلغ إنتاجها اكثر من مليون طن تلتها البحرين في الترتيب العاشر بإنتاج قدره 875 ألفا.
وكشف الكتاب أن استهلاك الألومنيوم الأولي على مستوى العالم بلغ عام 2011 نحو 37.5 مليون طن مرتفعا من 30.8 مليون طن في العام 2005 لتحتل الصين المرتبة الأولى في الاستهلاك بنسبة 34.8 بالمائة تلتها الولايات المتحدة بنسبة 11.9 من الاستهلاك العالمي تتلوها اليابان ثم ألمانيا.