الأردن: رفع الأسعار ينذر بانفجارات

تاريخ النشر: 12 نوفمبر 2012 - 11:49 GMT
لم يستبعد أمين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب «أن تقوم قوى الشد العكسي والبيروقراط الأمني في مواجهة قوى الإصلاح السياسي والاجتماعي
لم يستبعد أمين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب «أن تقوم قوى الشد العكسي والبيروقراط الأمني في مواجهة قوى الإصلاح السياسي والاجتماعي

توقع قيادي حزبي اردني، أن يؤدي إنفاذ الحكومة الأردنية لقرارات رفع الأسعار إلى فتح الباب على مصراعيه إلى انفجارات كبيرة كما حدث في هبة (أبريل) 1989. ولم يستبعد أمين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب «أن تقوم قوى الشد العكسي والبيروقراط الأمني في مواجهة قوى الإصلاح السياسي والاجتماعي، ولا تتورع عن استحضار كل عناصر الفتنة وتأليب شرائح ومكونات الشعب لمواجهة القوى الاجتماعية والسياسية المطالبة بالتغيير». وقال إن «التجربة دللت على أن البيروقراط الأمني لا يتورع عن الإقدام على أي خطوة لقطع الطريق على عملية الإصلاح». وأضاف أن قوى الشد العكسي ترى في الإصلاح مساساً بها وبمصالحها وترى فيه خطرا عليها، فهي الأكثر تورطاً في ملفات الفساد وهذا ما يفسر استشراسها بعرقلة تغيير قانون الانتخاب. وقال إن البلاد تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة، مع مديونية هائلة بلغت 22 مليار دولار، وعجز غير مسبوق في الموازنة، وارتفاع في الأسعار، وتآكل في الأجور، وبطالة متنامية، وفقر يصل أرقاما مخيفة. واكد أن الحزب يرى أن عملية الإصلاح عملية صراعية بين قوى اجتماعية طامحة للتغيير والارتقاء بأوضاع الدولة وبين قوى أخرى تسعى لوضع العصي في دولاب التغيير انطلاقاً من أنانيتها وخوفاً على مصالحها.

ولفت إلى أن ناشطين يساريين سيرفعون قضية أمام المحكمة الدستورية ضد قانون الانتخاب، معتبرا أن للخطوة أهمية سياسية وإعلامية في «تعرية النهج الحكومي المتمسك بقانون الصوت الواحد الذي ضرب وحدة المجتمع واحدث خللا فادحا في بنيته وتماسكه». وبين أن لهؤلاء الناشطين خلفيات قانونية، وهم أعضاء في الجبهة الوطنية للإصلاح، التي يقودها رئيس الوزراء السابق احمد عبيدات. وحول الضغوط على المعارضة المقاطعة للانتخابات التي ستجري في 23 يناير المقبل، أوضح ذياب «أن هذه الضغوط بدأت الآن سواء لجهة التضييق الإعلامي أو حملات الاعتقال والترهيب ضد شباب الحراك، الأمر الذي يدفعنا للاعتقاد بأننا سنواجه مزيدا من الضغوط، والتضييق علينا ومحاصرتنا، لكننا بلا شك سنستمر في التعبير عن رأينا والدفاع عن مصالح شعبنا في بناء مجتمع ودولة ديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية». وأرجع ذياب قرار مقاطعة الانتخابات وتمسك حزب الوحدة الشعبية والحركة الإسلامية وعديد من الحركات الاحتجاجية إلى أن «الحكم يريد من خلال إصراره على القانون (الصوت الواحد) وإجراء الانتخابات على أساسه، طي ملف الإصلاح، وإبقاء الحال على ما هو عليه، الأمر الذي رفضناه ورفضنا إعطاء شرعية لما يجري، وتمسكنا بإبقاء ملف الإصلاح مفتوحا». وقال «لهذا السبب كان قرار الحزب بالإجماع، وكان هناك التفاف حزبي وجماهيري حول قرار المقاطعة». وأكد أن الحزب وحلفاءه يؤمنون إيمانا قاطعا بفاعلية قرار المقاطعة في تحقيق أهدافها وعدم العودة عنه، إلا في اللحظة التي يتم فيها تأجيل الانتخابات من ناحية، وإعادة النظر بقانون الانتخاب من ناحية أخرى. وقال ذياب: نحن لا نتحرك في موقع الحاجات الطارئة، على حد توصيف المفكر الفرنسي ميشال فوكو، لحال المثقفين الذين يقدمون على التواطؤ مع الحالة الرسمـــية، نحن حزب ينتمي لليسار. ونفى ذياب ما يشاع عن ما يسمى تقوقع الأحزاب المنبثقة عن تنظيمات فلسطينية قبل الانفتاح السياسي في العام 1989، في أوساط الأردنيين من أصول فلسطينية، وقال «على الرغم من قناعتنا بأننا جميعاً مواطنون أردنيون ولا نعطي اهتماماً للمنابت والأصول في البناء الحزبي، ولكننا إذا تعاملنا بحرفية سؤالك عن التقوقع الحزبي ضمن الديمغرافيا الفلسطينية، فإنني أعتقد أن هذا الأمر ليس دقيقاً، وإن كنت أعتقد أن عدد العضوية الحزبية من (أصول فلسطينية) أكثر عدداً من العضوية من (أصول شرق أردنية)، ولكن الحزب يشهد نمواً لافتاً في ازدياد عضويته وعلى امتداد الجغرافيا الأردنية». وأرجع ذياب توسع عضوية الحزب في أوساط الأردنيين من أصول فلسطينية، إلى ارتباط هذا الأمر بنشأة الحزب وتكوينه، بصفته امتداداً لمنظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الأردن. لكن ذياب يرى أن «البرنامج السياسي الصائب للحزب وشمول العضوية الحزبية لامتداد الجغرافيا الأردنية سواء لجهة المشاركة في الحراك أو في طرح القضايا المطلبية عماليا ومهنيا بالتأكيد ستساهم في تحفيز المشاركة في كل مكونات المجتمع المعنية بالتغيير». وحيال العلاقة بين حزب الوحدة الشعبية وحزب جبهة العمل الإسلامي المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين، قال ذياب «العلاقة التي تحكمنا مع جبهة العمل علاقة تنسيقية في بعض المطالب المتعلقة بالحريات والإصلاح السياسي، هذه العلاقة التي سادت في لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة، لكن في الآونة الأخيرة وبعد فترة وجيزة من انطلاق الحراك الشعبي وتحديداً من 24 مارس 2011 بدأت إمارات التفرد والميل للعمل بعيداً عن الأطر الوطنية، الأمر الذي أحدث خللاً في وحدة الحراك، وفي الرؤية لعملية الإصلاح، اختلفنا معهم في موضوع المشاركة في لجنة الحوار، والأولويات بالنسبة لقضايا الإصلاح».وأوضح أن الحزب يرى أن إعادة النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية لها الأولوية ويمكن القبول بها والبناء عليها في عملية الإصلاح، بينما راح الإخوان المسلمون يركزون أكثر على التعديلات الدستورية «التي نتوافق على إحداثها ولكن لا تكتسب صفة الأولوية»، حسب ذياب. ولفت إلى أنه من أجل إنجاز مهمة الإصلاح والتحولات الديمقراطية، فإن «الحزب ينطلق في أولوية تحالفاتنا بالتمسك بائتلاف الأحزاب القومية واليسار كإطار للعمل الوطني، إضافة إلى لجنة التنسيق لأحزاب المعارضة والجبهة الوطنية للإصلاح».

التيار الثالث ودور اليسار

ولا يوافق أمين عام حزب الوحدة الشعبية على أن المطلوب في الأردن هو تشكيل تيار ثالث، بل انه يكمن في أن يعي اليسار دوره كحامل لمشروع التغيير الوطني الديمقراطي. وقال إن هذا الوعي سيمكَن اليسار من إقامة التحالفات المطلوبة في إطار واسع وقيادة هذا التحالف. ورهن ذياب وعي اليسار لدوره بـ «قدرته على استيعاب التحولات الكبيرة والهائلة التي شهدها اليسار على المستوى الكوني بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وما أحدثه من اهتزاز فكري وسياسي وتنظيمي لا يزال اليسار العربي تحديداً عاجزاً عن القراءة الدقيقة وتحديد مهماته على ضوء هذه التغيرات، الأمر الذي أدى إلى انكماشه وتراجع دوره ضمن أسباب أخرى، من هنا بدأت الأصوات تتعالى بتكوين أو تشكيل التيار الثالث». ولفت إلى أن ضعف اليسار يتبدى واضحاً في الحراك الشعبي، وهو ضعف سمح للقوى العفوية _ الدينية بل وحتى القوى الإمبريالية إلى جرف هذا الحراك عن أهدافه الحقيقية المتمثلة برفض الاستبداد، التبعية والفساد.

الموقف من الثورة السورية

وحيال المشهد المأساوي في الجارة الشمالية، اعتبر ذياب «أن المشهد السوري يجب أن يقرأ ضمن مستويات وعوامل داخلية مرتبطة بغياب الحريات العامة، الفساد، وأوضاع اقتصادية صعبة، مؤكدا حق الناس السلمي بالتعبير عن مطالبها المشروعة بالمشاركة في بناء وطنها وبناء أحلامها». وقال إن الحزب يدين العنف في سوريا ويدين التدخل الخارجي، مطالبا جميع الدول «برفع يدها عن سوريا وتشجيع كل الأطراف للدخول في حوار وطني شامل بما يحفظ دور سوريا المعادي للإمبريالية ووحدتها وبما يقود إلى بناء الدولة الديمقراطية».