أثمرت خطة تنتهجها حكومة دبي عن تخفيض تكاليف الاقتراض من أسواق الدين العالمية، ما انعكس في الأيام الماضية على إصدارات الإمارة والشركات المرتبطة بها من صكوك وسندات، إذ تراجع العائد عليها إلى مستويات قياسية وصلت إلى نحو 50 بالمئة، وهو ما يعزز فرص دبي في استكمال عمليات إعادة تمويل ديونها بتكلفة أرخص.
وكشف مصدر حكومي رفيع المستوى لـ«الرؤية الاقتصادية» بعض ملامح هذه الخطة، وقال «إن دبي اعتمدت في سعيها إلى خفض تكاليف الاقتراض من أسواق الدين العالمية على ما يعرف بتغيير مصادر التمويل وأشكاله ما بين السندات والصكوك، إضافة إلى تنويع آجال الاستحقاق ما بين 5 إلى 10 سنوات، وكذلك استخدام الأموال كافة في مشاريع ستدر عائداً في المستقبل، حتى لا تمثل الديون مشكلة على الإطلاق في هذه الحالة».
وفي نهاية الأسبوع الماضي انخفض العائد على صكوك دبي المستحقة العام 2014، والبالغ قيمتها 1.25 مليار دولار إلى 3.2 بالمئة، مقابل 6.396 بالمئة عند إصدارها في 2009، كما تراجع العائد على الإصدار الأخير لصكوك «إعمار العقارية» المملوكة جزئياً لحكومة دبي من 6.4 بالمئة إلى نحو 5.7 بالمئة، بعد أقل من أسبوع واحد من الإصدار الذي تم في 12 يوليو الجاري. وقد نجحت الشركة نفسها في خفض تكلفة الإصدار بنحو 25 بالمئة، مقارنة بإصدار مثيل تم بالقيمة نفسها في نهاية العام الماضي، وكان بعائد 8.5 بالمئة.
وفي السياق نفسه أيضاً، بلغ مؤشر تبادل شهادات الدين، الذي يمثل مقياساً معيارياً لتكلفة التأمين على ديون شركات الإمارة ضد مخاطر عدم السداد 323 نقطة في نهاية الأسبوع الماضي أيضاً، وهو أقل مستوى له خلال عام.
وقال مدير إدارة الأصول في بنك الاستثمار الإقليمي «أرقام كابيتال» أمين الخولي، «إن تراجع العائد على إصدارات الإمارة من الصكوك والسندات يأتي نتيجة للزيادة الكبيرة في الطلب على شرائها من قبل بنوك عالمية تدير صناديق ومحافظ مالية متخصصة في الاستثمار في أدوات الدخل الثابت». وأضاف «إنه كلما زاد الطلب على الصكوك أو السندات تراجع سعر العائد عليها، وهو ما يجعل الجهة المصدرة لهذه الأوراق المالية قادرة على طرح إصدارات جديدة بتكلفة أقل».
وذكر المصدر الحكومي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن بوادر انخفاض تكاليف استدانة دبي من أسواق الدين العالمية ليست وليدة اللحظة ولكنها ظهرت مطلع الربع الثاني من العام الجاري، إذ نجحت دائرة المالية في 27 أبريل الماضي في تسعير وإصدار صكوك بقيمة 1.25 مليار درهم مقسمة إلى شريحتين، الأولى بقيمة 650 مليون دولار لمدة 10 سنوات، والثانية 600 مليون دولار لخمس سنوات، وقد فاقت قيمة الاكتتاب 3.5 ضعف قيمة الإصدار، مما يعني جاذبية هذه الإصدارات وثقة المستثمرين في الاستراتيجية والملاءة المالية طويلة الأجل في الإمارة، يضاف إلى ذلك خفض كلفة التمويل بنسبة 0.7 بالمئة في مدة خمس سنوات، وبنسبة 1.3 بالمئة في مدة 10 سنوات، مقارنة بالإصدارات السابقة لمدة مماثلة.
وأضاف «إن هذا التراجع في تكلفة الاقتراض يكشف عن أن الوضع المالي لإمارة دبي، آخذ في التعافي من الأزمة المالية وذلك بفضل الاعتماد على مجموعة من قواعد الضبط المالي، التي اعتمدت من قبل اللجنة العليا للسياسة المالية والمتمثلة في المراجعة الكاملة لأوجه الدعم وآلية الاعتمادات الإضافية وتعديل بعض الهياكل التنظيمية، إضافة إلى مراجعة الالتزامات طويلة الأجل».

كلما زاد الطلب على الصكوك أو السندات تراجع سعر العائد عليها، وهو ما يجعل الجهة المصدرة لهذه الأوراق المالية قادرة على طرح إصدارات جديدة بتكلفة أقل