انخفاض النفط يلقي بظلاله على أرباح الشركات الأمريكية ويدفعها إلى تخفيض النفقات

تاريخ النشر: 17 مايو 2016 - 06:36 GMT
أدت حالة تعطل الإنتاج في عديد من المراكز الرئيسية في العالم في كندا وليبيا ونيجيريا إلى تأكيد التوقعات باستمرار نمو الأسعار
أدت حالة تعطل الإنتاج في عديد من المراكز الرئيسية في العالم في كندا وليبيا ونيجيريا إلى تأكيد التوقعات باستمرار نمو الأسعار

لحقت موجات خسائر فادحة بشركات الطاقة الدولية بشكل عام بالإنتاج الصخري الأمريكي، خاصة "شيفرون" وبي بي" و"شل"، حيث كشفت بيانات عن لجوء الشركات إلى تخفيض واسع في النفقات الرأسمالية والتشغيلية، ورفع مستوىات الكفاءة واللجوء إلى الاندماجات بهدف تكوين كيانات أقوى لمواجهة تحديات السوق.

وتفيد البيانات تحقيق "شيفرون" في الربع الأول خسائر بنحو 725 مليون دولار، وتراجع التدفقات النقدية في "شل" إلى 700 مليون دولار مقابل 3.9 مليار دولار في الربع الأول من العام الماضي، فيما تقلصت أرباح شركة بي بي خلال الفترة نفسها إلى 532 مليون دولار مقارنة بـ 2.6 مليار دولار.

ويأتي ذلك تزامنا مع تسجيل أسعار النفط أمس ارتفاعا بنسبة 3 في المائة، إلى أعلى مستوى لها منذ مطلع العام الجاري 2016، وسط أجواء إيجابية في السوق، أبرزها تباطؤ التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة، وتقرير لبنك جولدمان ساكس تحدث عن انتهاء تخمة المعروض النفطي، وتوقعاته بنمو الأسعار في ضوء تفوق للطلب على العرض.

وأدت حالة تعطل الإنتاج في عديد من المراكز الرئيسية في العالم في كندا وليبيا ونيجيريا إلى تأكيد التوقعات باستمرار نمو الأسعار، بسبب تقلص المعروض بشكل حاد، خاصة مع تراجع المخزونات واستمرار توقف الحفارات النفطية بمستوىات قياسية.

من جهته، قال إيمانويل إيبي كاتشيكو وزير النفط النيجيري، إن إنتاج بلاده من النفط الخام، تراجع نظرا لهجمات على خطوط الأنابيب ومنشآت نفطية أخرى ليصل إلى 1.4 مليون برميل يوميا، مبينا "كنا ننتج 2.2 مليون برميل يوميا لكننا فقدنا 800 ألف برميل يوميا".

من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" بيير بيربر؛ نائب رئيس شركة شيفرون العالمية للطاقة، إن "شيفرون" حققت خسائر تقدر بنحو 725 مليون دولار في الربع الأول 2016، مقارنة بأرباح 2.6 مليار دولار حققتها في الربع الأول من العام الماضي 2015.

وأشار إلى انخفاض أرباح تدفقات العملات الأجنبية في الربع الأول 2016 إلى 319 مليون دولار، مقارنة بأرباح قدرها 580 مليون دولار في الربع الأول من العام السابق، مشيرا إلى أن المبيعات والإيرادات التشغيلية الأخرى سجلت في الربع الأول 2016 نحو 23 مليار دولار مقارنة بـ 32 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

وأكد قناعته بأن أزمة إنتاج النفط في المرحلة الراهنة، بسبب تدنى الأسعار تقود بالفعل إلى تقلص مستمر في مستوىات الإنتاج واستمرار توقف الحفارات، يعد مؤشرا قويا حول هذا الأمر، مشيرا إلى أن أغلب توقعات الاقتصاديين في العالم تذهب في اتجاه عودة ارتفاع أسعار النفط الخام بسبب التقلص المستمر في المعروض.

وأوضح، أنه من الصعب وضع توقعات دقيقة لمستقبل الطاقة في العالم، ورغم صعوبات الإنتاج الأمريكي الواسعة بسبب ارتفاع التكلفة إلا أنه في تقدير "شيفرون" – وهو الأمر الذي قد يكون مفاجأة لكثيرين – فإننا نتوقع صعود الولايات المتحدة لتكون الأسرع نموا في العالم وأكبر منتج للطاقة بكل مواردها.

وأشار إلى أن تعافي الأسعار التدريجي حاليا سيقود دون شك إلى عودة انتعاش إنتاج النفط الصخري كنتيجة لتحسن البيئة السعرية في مقابل نجاح أغلب المنتجين في تخفيض نفقات الإنتاج ورفع مستوى الكفاءة، وبالتالي إمكانية المواءمة مع أسعار متوسطة للنفط الخام.

من ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية" هاري بركلمانس؛ مدير المشروعات والتكنولوجيا في "رويال داتش شل العالمية" للطاقة، أن شركات الطاقة الدولية اتخذت بالفعل عديد من التدابير التي نجحت في الإبقاء على الربحية والأداء الاقتصادي المميز لمواجهة تداعيات الأزمة.

وأضاف، أن التدفق النقدي من الأنشطة التشغيلية في "شل" للربع الأول من العام الجاري 2016، بلغ 700 مليون دولار مقابل 9ر3 مليار دولار في الربع الأول من العام الماضي.

وأشار إلى أن "شل" تعتمد في الظروف الراهنة على منظومة الأنشطة المتكاملة للطاقة بالاعتماد على تطوير أعمال التكرير ومشروعات الغاز، وهو ما سيمكن من تحقيق نتائج قوية وتعزيز الأداء المالي في "شل"، رغم استمرار انخفاض أسعار النفط والغاز.

وأوضح، أن "شل" على قناعة بضرورة الاستمرار في خفض مستوىات الإنفاق واغتنام الفرص الاستثمارية المتميزة من حيث التكلفة وتطوير إدارة الإطار المالي بما يتوافق مع بيئة سعر النفط الضعيف.

وأشار إلى أن اندماج "شل " مع "بي جي" للغاز هو بمنزلة بداية قوية لعمل الكيان الجديد، مشيرا إلى أن الصفقة أخذت وقتا جيدا من التخطيط المسبق والتفصيلي قبل إتمام الصفقة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى نجاح عملية الاستحواذ في ظل تكلفة أقل مما كانت محددة أصلا.

وأوضح أن استثمارات رأس المال في عام 2016 ستسجل نحو 30 مليار دولار، مقارنة مع مخططات سابقة بلغت 33 مليار دولار، وبنسبة زيادة بلغت 36 في المائة مقارنة بوضع الشركتين قبل دمج "شل" و"بي جى" في عام 2014.

وأضاف، أن مصروفات التشغيل السنوية تتجه نحو الانخفاض لتسجل 40 مليار دولار، مقارنة إنفاق تشغيلي بلغ نحو 53 مليار دولار في عام 2014.

وأشار إلى أن شل تتوقع أنها ستنجح في ضوء التجربة العملية بعد الاندماج مع "بي جي" في استيعاب النفقات الاستثمارية الرأسمالية والتشغيلية لـ "بي جي" خلال عام 2016، دون تحقيق أي زيادة مقارنة مع نفقات شل، عندما كانت بمفردها في عام 2015، موضحا أنه سيتم اتخاذ القرارات الديناميكية الداعمة كافة لهذا الهدف، بعد الاستحواذ والاستفادة من كل الفرص المتاحة في السوق بعد الاندماج.

من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية" برنارد لونى؛ مدير مشروعات المنبع في شركة بريتش بتروليوم "بي بي" الدولية للطاقة، أن أرباح الشركة، تراجعت في الربع الأول من العام الجاري إلى 532 مليون دولار، مقارنة مع 2.6 مليار دولار في الربع الأول من العام الماضي.

وأضاف، أن الاستثمارات عموما و"بي بي" بصفة خاصة، عانت ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض الربحية، بسبب ضعف أسعار النفط والغاز وأيضا أرباح هوامش التكرير.

وأوضح، أنه رغم البيئة الصعبة في سوق النفط حاليا إلا أنها كانت محفزة ودافعة لنا على العمل بكل طاقتنا للتغلب سريعا على الصعوبات على المدى القريب، وإعادة التوازن في التدفقات النقدية لشركة بريتيش بتروليوم.

وأضاف، أنه لتحقيق الأداء التشغيلي القوي المنشود نعمل على إعادة ضبط التكاليف وإعطاء زخم أكبر للعملية الإنتاجية بهدف تحقيق نتائج أفضل، وفى هذا الشأن نركز على تطوير مشروعات المنبع وتنميتها في بأفضل الأساليب والنظم.

وأشار إلى أن متوسط سعر خام برنت في الربع الأول كان نحو 34 دولارا للبرميل كما كانت هوامش التكرير في أقل متوسط ربع سنوي لها منذ أكثر من خمس سنوات، كما بلغ متوسط سعر خام برنت حتى الآن 40 دولارا للبرميل في الربع الثاني، وهو ما يعنى أن بيئة أسعار النفط ما زالت تحت المستوى المأمول، رغم القناعة بأن النفط الخام يسير بخطى جيدة نحو التعافي وتوازن السوق.

من ناحية أخرى، فيما يخص الأسعار، قفزت أسعار النفط أكثر من 2 في المائة أمس، لتسجل أعلى مستوى لها منذ (نوفمبر) تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 مع تزايد حالات تعطل الإنتاج في نيجيريا، وبعدما قال جولدمان ساكس أن تخمة المعروض التي استمرت نحو عامين قد انتهت وإن السوق قد تحولت إلى تسجيل عجز.

وبلغ سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 48.71 دولار للبرميل بحلول الساعة 08:36 بتوقيت جرينتش بارتفاع 88 سنتا أو 1.8 في المائة بعد صعوده 2 في المائة في وقت سابق. فيما ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 85 سنتا أو 1.8 في المائة إلى 47.06 دولار للبرميل.

وأدت حالات تعطل الإنتاج في أنحاء العالم والتي أوقفت إمدادات قدرها 3.75 مليون برميل يوميا إلى التخلص من تخمة المعروض التي أدت لهبوط الأسعار نحو 70 في المائة بين 2014 وأوائل 2016.

وأدى تعطل الإنتاج إلى تغير جذري في توقعات جولدمان ساكس الذي طالما حذر من بلوغ طاقة التخزين العالمية حدها الأقصى، ومن انهيار جديد للأسعار لتنزل عن 20 دولارا للبرميل.

وقال جولدمان ساكس "تحولت السوق من قرب تشبع طاقة التخزين إلى تسجيل عجز في وقت مبكر كثيرا عما كنا نتوقع"، مضيفا "على الأرجح تحولت السوق لتسجيل عجز في مايو .. بفضل الطلب القوي المستدام والانخفاض الحاد في الإنتاج".

إلا أن جولدمان حذر من أن السوق قد تشهد فائضا من جديد في النصف الأول من العام، مضيفا أن اقتراب الأسعار من 50 دولارا للبرميل في النصف الثاني من 2016، سيقود إلى زيادة أنشطة التنقيب والإنتاج. وقفزت أسعار النفط العالمية، أمس، في مستهل تعاملات الأسبوع لأعلى مستوى في ستة أشهر، بدعم من توقعات بنك جولدمان ساكس بانتهاء أزمة تخمة المعروض العالمي، في ظل تعطل الإمدادات من مناطق مختلفة، ويرجح البنك التحول إلى عجز في المعروض خلال الشهر الحالي.

وبحلول الساعة 08:25 بتوقيت جرينتش، وارتفع الخام الأمريكي إلى مستوى 47.05 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 46.22 دولار وسجل أعلى مستوى 47.12 دولار الأعلى منذ 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 وأدنى مستوى 46.13 دولار.

وصعد خام برنت إلى 48.75 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 47.77 دولار، وسجل أعلى مستوى 48.88 دولار الأعلى منذ 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 وأدنى مستوى 47.74 دولار.

وحققت أسعار النفط الأسبوع الماضي ارتفاعا فاق 4 في المائة، في خامس مكسب أسبوعي خلال الأسابيع الستة الأخيرة، بفعل انخفاض إنتاج الولايات المتحدة وتعطل الإمدادات من نيجيريا واستمرار ضعف إنتاج كندا.

وأوضح تقرير لبنك جولدمان ساكس عن سوق النفط، أن تخمة المعروض العالمي التي استمرت على مدار عامين قد انتهت، مع تعطل الإمدادات من مناطق مختلفة حول العالم وتحولت إلى عجز.

وأضاف البنك، أنه من المرجح التحول إلى حالة العجز خلال هذا الشهر "أكثر مما كان متوقعا" في ظل وجود طلب قوي في مقابل انخفاض الإنتاج العالمي، ويتوقع البنك العودة إلى حالة الفائض في المعروض خلال الربع الأول من العام المقبل.

وعلى حسب بيانات المكتب الوطني للإحصاء، خفضت الصين إنتاج النفط في نيسان (أبريل) الماضي بنسبة 5.6 في المائة عن العام الماضي، إلى إجمالي 16.59 مليون طن متري وهو أدنى مستوى منذ شباط (فبراير) 2015، وبأكبر معدل خفض للإنتاج منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2011.

من جانب آخر، حجبت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أسعار سلتها الإثنين بسبب العطلة العامة في النمسا.

اقرأ أيضاً: 

تزايد مشكلات شركات النفط العالمية بعد شطب الوظائف

وكالة الطاقة الدولية: اجتماع الدوحة قد لايفيد أسعار النفط

وكالة الطاقة الدولية متفائلة حيال أسعار النفط الخام رغم التأرجح!