خسائر البورصة لا تعني انهيار الاقتصاد المصري

تاريخ النشر: 10 ديسمبر 2012 - 11:52 GMT
إن خسائر البورصة لا تعني انهيار الاقتصاد
إن خسائر البورصة لا تعني انهيار الاقتصاد

قلَّل الاقتصاديون من تأثير الخسائر التي لحقت بالبورصة المصرية في الأيام الماضية.. والتي يقدرها البعض بـ29 مليار جنيه من جراء الانقسام الحادث ومعارضة البعض للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي.. وقالوا لـ الوطن الاقتصادي إن الاقتصاد المصري يعتمد على موارد عديدة مثل قناة السويس التي لم تتأثر بالأحداث.. وكذلك تحويلات المصريين بالخارج والإنتاج التعديني من الذهب والبترول والغاز والمعادن الأخرى والسياحة التي بدأت تتعافى كما تشير بذلك الأرقام الرسمية وخاصة في البحر الأحمر والأقصر وأسوان وغيرها من المناطق البعيدة عن التظاهرات.

وقالوورصةا إن الخسائر معظمها ورقية يمكن غداً تعويضها بعد استقرار الأوضاع.. ولكن هذا لا يعني أن الحالة مثالية.. إذ إن الانقسام الحادث يؤثر بلا شك على الأداء العام للبورصة ويؤدي إلى هروب المستثمر الأجنبي الذي قد يضطر لسحب استثماراته من البورصة ومصر.. ولكنها لا تشير في نفس الوقت إلى أن الحالة أصبحت مأساوية. يقول د. صلاح الجندي أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة إن التقييم الشامل للأوضاع يشير إلى أن هناك مستقبلا غامضا في ظل الأوضاع الحالية التي يسود فيها الانقسام وإصرار كل طرف على رأيه وتصعيده.. والبورصة دائماً ترتبط بمجريات الأوضاع وهي مرآة عاكسة.. ولكنها لا تعني بالضرورة إذا حدث فيها انتكاسة أن ينتكس الاقتصاد.. لأنه يعتمد على روافد عديدة مثل الموارد الثابتة لقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج التي زادت هذا العام إلى 18 مليار دولار.. وهو رقم غير مسبوق في التحويلات لم يحدث من قبل وهو يعكس حب وولاء المصريين لبلدهم.. بالإضافة إلى مساعدات الدول العربية واقتراب حصول مصر على الدفعة الأولى من قرض صندوق الدولي ومعونات الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول المستعدة للمشاركة في دعم مصر بشرط تحقيق الاستقرار وتوقف هذه الصراعات بين أبناء الوطن الواحد. أما د. حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات الأسبق فقال إن خسائر البورصة ورقية ولا تنال من الموازنة العامة وأموال البنوك وهي لا تعد خسارة بالمعنى المعروف للخسائر.. إذ يمكن للأسهم التي انخفضت أن تعوض خسائرها غداً.. بعد زوال أسباب الهبوط.. ولا يتحمل الخسارة سوى المستثمر قصير الأجل والمستثمرين الأجانب الذين يحولون مكاسبهم السابقة بالدولار إلى الخارج ولا يخرجون من السوق.. وهذا يشكل خسارة للاقتصاد المصري متمثلاً في هروب أموال المستثمرين الأجانب من السوق المصري. أما الشركات المصرية التي تنخفض أسهمها فإنها لا تترك السوق باعتبارها مستثمرا طويل الأجل وتعمل على تحويل خسائرها إلى مكاسب بعد استقرار الأوضاع..

وبصفة عامة فإن خسائر البورصة لا تعني انهيار الاقتصاد.. ولكنها تعني أن هناك تخبطاً يرتبط بالأوضاع السياسية الراهنة.. وهذا يدفعنا لأن يكون قلقنا معقولاً لا يصل إلى الفزع. ويوضح أن البورصة تعرضت لخسائر عديدة وتعرضت أيضاً لمكاسب متعددة.. وكانت تمنى بخسائر قبل الثورة.. وبعدها تم تعويضها وانتعشت وانتكست وهذا دأب البورصات في حالات عدم الاستقرار التي يعيشها الوطن بعد الثورة.. وهي أوضاع غير عادية لا يختلف عليها أحد. ويقول المصرفي تامر الحديدي مدير التسويق بشركة مصر للاستثمارات المالية: حالة البورصة لا تستدعي الفزع.. فالخسائر ورقية لا يقابلها انهيار في الشركات العاملة.. والتي تطرح أسهمها في البورصة.. والدليل على ذلك أن شركة القاهرة للإسكان حققت خلال هذه الشهور 130 مليون جنيه.. بما يزيد على 100 مليون عن العام الماضي.. وهذه طفرة تؤكد أن البورصة المصرية قوية.. وأنها لن تنهار وستستعيد مكانتها ومكاسبها فور استقرار الأوضاع السياسية في البلد.. وهذا ما شاهدناه بعد الخسائر حيث بدأت البورصة تحقق بعض المكاسب وتجاهلت الأحداث. وأشار إلى أن البورصة المصرية تنفرد عن البورصات العالمية أولاً لأنها أقدم بورصة في العالم.. كما أن الشركات المصرية لم تتأثر بنفس نسبة الخسائر التي طالت الأسهم.. وبالتالي يمكن تعويض الخسائر. وقال إن المصريين للأسف الشديد هم من يسارعون بالبيع فور تخوفهم من أي شيء ويتركون المجال للأجانب للشراء وتحقيق مكاسب على حساب الشركات المصرية.. أما الأجانب فلا يخرجون من السوق وإنما يحولون مكاسبهم إلى الخارج بالدولار.. الأمر الذي يحرم الاقتصاد المصري من الاستفادة من العملة الصعبة.. وعموماً فالبورصة المصرية بخير وقد حققت بعض المكاسب بالرغم الأحداث لأن عملية التنمية مستمرة ولم تقف. ويشاركه الرأي محمد المسيري الخبير في الأوراق المالية بشركة مصر للاستثمارات المالية.. ويقول إنه لا خوف مطلقاً على البورصة.. فالخسائر ورقية.. لأن الشركات تعمل والخسائر جاءت نتيجة للأوضاع السياسية غير المستقرة بعض الشيء وتخوف المستثمرين على أموالهم لأن رأس المال جبان.

وأشار إلى أن الخسائر لن تنال المستثمر طويل الأجل والمتوسط الأجل.. وإنما تنال فقط من صغار المستثمرين قصيري الأجل موضحاً أن حجم التداول في الأيام التي تبعت الخسائر الكبيرة يؤكد أن البورصة في سبيلها لاستعادة وضعها الطبيعي وتحقيق مكاسب.. ولن يضار أحد والفزع من الخسائر والمقارنة بينها وبين القرض الذي ستحصل عليه مصر سوء فهم.. لأن العمل في البورصة وإن كان يمثل مرآة الاقتصاد.. إلا أنه يبتعد تماماً عن الموازنة وخسائره الورقية لا تنال حتى من الشركات التي تتداول أسهمها في البورصة.. باعتبارها استثمارا طويل الأجل وتطرح أسهمها في البورصة بشكل دائم.. ولن تضار هي ولا الاقتصاد القومي كونها لا محالة ستعوض خسائرها وتحقق مكاسب فور استقرار الأوضاع.. وهو ما حدث مراراً بعد الثورة عندما انتعشت البورصة مرات ومرات.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن