جلوبل: مصر تجني ثمار الإصلاح الاقتصادي

تاريخ النشر: 14 فبراير 2008 - 11:18 GMT

بيت الاستثمار العالمي "جلوبل" – الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية– مصر- "حصاد ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي" قد يكون هذا هو عنوان المرحلة المقبلة للاقتصاد المصري. حيث يتمثل الهدف الرئيسي لمجلس الوزراء الحالي - الذي تم تشكيله في العام 2004 برئاسة الدكتور أحمد نظيف- في تنفيذ المزيد من الإصلاحات الاقتصادية، لتتحول مصر إلى مركز جديد للأعمال. وقد نجحت الحكومة المصرية في معالجة العديد من القضايا الحاسمة المتعلقة بالاقتصاد المصري. وتمكنت الحكومة من تحقيق نتائج ملموسة خلال الفترة من العام 2004/ 2005 إلى العام 2006/2007 . هذا وكان من أبرز الانجازات الرئيسية التي حققتها الحكومة المصرية هي استعادة الثقة والمصداقية أمام مستثمري المنطقة، المستثمرين الدوليين والمؤسسات الاستثمارية على حد سواء.

وتتمثل الحوافز الرئيسية الجديدة التي قدمتها الحكومة للمستثمرين خلال الفترة من العام 2004/ 2005 إلى العام 2006/2007 في:

• خفض ضريبة الدخل وضريبة الشركات بنسبة 50 في المائة، كما تم أيضا تخفيض ضريبة الاستهلاك والرسوم الجمركية.
• التعجيل في تنفيذ برنامج الخصخصة من خلال ممارسات أكثر انفتاحا من حيث تقييم الموجودات، والديون والمطلوبات.
• زيادة مستوى الاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال تمهيد الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية لتتدفق إلى البلاد عن طريق تقليص الإجراءات البيروقراطية القديمة المتعلقة بالاستثمار.
• موافقة البنك المصري المركزي على إعادة جدولة ديون مؤسسات القطاع العام وتخفيض نسبة الفائدة على هذه الديون بنسبة 10 في المائة.
•  هذا ومن ضمن التطورات الأخرى على الصعيد الاقتصادي، وضع الإجراءات التي تكفل تنمية الصادرات.

نما الناتج المحلي الإجمالي لمصر بنسبة7.1 في المائة خلال العام 2006/2007، متجاوزا بذلك جميع توقعات النمو. وفي العام 2005/2006، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 6.8 في المائة، مقابل 4.5 في المائة في العام السابق. ويعزى النمو الذي شهده الاقتصاد المصري خلال الأعوام الأخيرة إلى زيادة نمو الصادرات غير النفطية، انتعاش السياحة، ارتفاع إيرادات قناة السويس، وتحسن القوى الشرائية والمناخ الاستثماري بشكل عام. وقد ساهم قطاعات التصنيع، الصناعات الاستخراجية (التي تتضمّن النفط والغاز الطبيعي)، الزراعة والقطاعات المساندة لها وتجارة الجملة والتجزئة بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

تتضمن القطاعات التي حققت أقصى معدلات النمو خلال العام 2006/2007 قطاع السياحة، الخدمات الشخصية، البناء التشييد، والتعليم بالإضافة إلى قطاع الصحة. حيث ارتفعت مساهمة قطاع السياحة بنسبة 30.7 في المائة خلال العام 2006/2007، وصولا إلى 24.6 مليار جنيه مصري. في حين ارتفعت مساهمة القطاع نفسه في الناتج المحلي الإجمالي من 3.2 في المائة في العام 2005/2006 لتصل إلى 3.6 في المائة في العام 2006/2007 . كما نما قطاع السياحة بمعدل  نمو سنوي مركب  بلغت نسبته 30.6 في المائة خلال الأعوام الخمسة الممتدة من العام 2001/2002 إلى العام 2006/2007.

من ناحية أخرى، ارتفع العجز المالي الإجمالي في العام 2006/2007، نتيجة للارتفاع في مدفوعات الفوائد، الأجور والرواتب. وعلى الرغم من تراجع الدعم خلال ذلك العام، إلا أن قلق الحكومة يتمثل في كيفية توصيل هذا الدعم إلى الشرائح الأكثر احتياجا في المجتمع. ويعتبر إلغاء الدعم الممنوح للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة خطوة جريئة أقدمت عليها الحكومة المصرية في العام 2007. ومع تصاعد أسعار النفط، قد تكون نفقات الدعم دائمة الارتفاع التي تتكبدها الحكومة المصرية، عامل هدم للجهود التي تبذلها على الصعيد الاقتصادي.

وفي الأعوام القليلة الماضية، أدخل البنك المركزي المصري مجموعة من السياسات النقدية الأكثر تطورا، كما قام بتغيير سياسته للتحول للتركيز على استهداف التضخم. وقد دفع الارتفاع في معدلات التضخم خلال النصف الثاني من العام 2006، البنك المركزي المصري إلى زيادة سعر التدخل الرئيسيِ. وفي شهر ديسمبر من العام 2006، رفع البنك المركزي المصري سعر الإيداع والإقراض لأجل ليلة بمقدار25 نقطة أساسية ليصل إلى 8.75 في المائة و10.75 في المائة، على التوالي. وانخفض معدل التضخم في أواخر العام 2007، حيث تراجع مؤشر أسعار المستهلك من 12.8 في المائة في شهر مارس من العام 2007 إلى 8.4 في المائة في شهر سبتمبر من نفس العام. ومع ذلك، ما زال التضخم يشكل إحدى التحديات التي تواجه الحكومة. كما سيؤدي تحرير أسعار الطاقة للإغراض الصناعية حتما إلى تزايد الضغوط على الأسعار وهو ما سوف يتطلب من الحكومة مراقبة الأسعار جيدا في سبيل إبقاء معدلات التضخم عند مستويات آمنة.

هذا وينمو الاستثمار الأجنبي في مصر بخطوات سريعة. فقد نما إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى مصر بما يفوق الضعف حيث ارتفع من 4.1 مليار دولار أمريكي في العام 2004/2005 إلى 9.1 مليار دولار أمريكي في العام 2005/2006  كما ارتفع بنسبة 44 في المائة خلال العام 2006/2007 ليصل إلى 13.1 مليار دولار أمريكي. هذا وأصبحت مصر مقصدا جاذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة بفضل تمتعها بإمكانيات نمو قوية، تطبيق الخصخصة، وبرامج الإصلاح الاقتصادي. ومازالت الحكومة المصرية ملتزمة بتحسين المناخ الاستثماري في البلاد. ومن جهة أخرى، سوف يساهم بروتوكول الكويز، أو فيما يعرف ببروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة، بالإضافة إلى اتفاقية دخول السلع المصرية إلى أسواق الاتحاد الأوروبي معفاة من الضرائب، في تعزيز جاذبية مصر كموقع للاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي العام 2004/2005 بدأت احتياطيات النقد الأجنبي بالارتفاع نتيجة لتزايد الثقة في الجنيه المصري. كما واصلت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي ارتفاعها بصورة ثابتة، ووفقا للبنك المركزي المصري  بلغ صافي الاحتياطيات الدولية 28.6 مليار دولار أمريكي في نهاية العام 2007، بارتفاع بلغت نسبته 24.6 في المائة عن العام السابق.

وفي العام 2007، سجل سوق لأوراق المالية المصري ممثلا في مؤشر Case 30 عائدات بلغت نسبتها 51 في المائة. و جاءت هذه العائدات القوية نتيجة للتوقعات الإيجابية تجاه الاقتصاد المصري إجمالا، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.1 في المائة في العام 2006/2007 وارتفاع ربحية الشركات. وعقب تسجيل القيمة السوقية لدى سوق الأوراق المالية المصري ارتفاعا بنسبة 17 في المائة بين  العامي 2005 و2006، ارتفعت نسبة النمو وصولا إلى 44 في المائة في نهاية العام 2007 بالمقارنة مع العام 2006. ومن أهم القطاعات الرئيسية التي ساهمت في هذا الارتفاع، قطاع التشييد ومواد البناء، قطاع الاتصالات وقطاع البنوك. ، ما زال معدل السعر / ربحية السهم لسوق الأوراق المالية المصري منخفضا مقارنة بأسواق منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ، في حين أنه يعتبر مرتفعا من حيث العائد الجاري على السهم. وتكمن جاذبية السوق المصرية في تقييمه المنخفض نسبيا مقارنة بأسواق الأوراق المالية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الأسس القوية للشركات وارتفاع إمكانيات نموها، علاوة على تنوع الأسهم المتداولة ضمن قطاعات السوق المختلفة.

ولا تزال توقعاتنا بشأن الاقتصاد المصري توقعات إيجابية، حيث أن النمو في قطاعات السياحة، والتشييد والعقارات يدفع إلى تكوين رأس مال ثابت . كما نتوقع أن تستمر الاستثمارات في مصر بمعدلات مرتفعة خلال الشهور المقبلة، مدفوعة بارتفاع مستوى الثقة في الأعمال. كما أن جهود الحكومة في تحسين بيئة الأعمال وتخصيص الشركات الصغيرة سيبقي الاستثمارات في اتجاهها التصاعدي.  كما نتوقع أن مشاريع البني التحتية الضخمة مدعومة بالسيولة المتأتية من نفط دول الخليج، ستساعد على استمرار الاستثمارات داخل مصر. وعلى الرغم من هذه الإيجابيات إلا أن عوامل مثل ارتفاع معدل نمو الواردات ومعدل التضخم لا تزال عوامل محبطة للجهود التنموية.

© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)