تونس: قرارات الحكومة لمواجهة كورونا تفاقم الوضع الاجتماعي

تاريخ النشر: 11 أكتوبر 2020 - 09:17 GMT
قرارات الحكومة لمواجهة كورونا تفاقم الوضع الاجتماعي
قرّرت السلطات التونسية فرض حظر تجول ليلي اعتبارا من الخميس الفائت وعلى مدى 15 يوما في ولايات تونس الكبرى للحد من انتشار العدوى بفايروس كورونا
أبرز العناوين
حذّرت أوساط تونسية من أنّ القرارات المتخذة مؤخرا من الحكومة للحدّ من انتشار فايروس كورونا المستجدّ ستزيد من تعميق الأزمة الاجتماعية في ظلّ وضع اقتصادي صعب تعيشه البلاد منذ 2011.

حذّرت أوساط تونسية من أنّ القرارات المتخذة مؤخرا من الحكومة للحدّ من انتشار فايروس كورونا المستجدّ ستزيد من تعميق الأزمة الاجتماعية في ظلّ وضع اقتصادي صعب تعيشه البلاد منذ 2011.

وقرّرت السلطات التونسية فرض حظر تجول ليلي اعتبارا من الخميس الفائت وعلى مدى 15 يوما في ولايات تونس الكبرى للحد من انتشار العدوى بفايروس كورونا، بعد أن سجلت البلاد عشرين وفاة كمعدل يومي في الأيام الأخيرة.

وتشير الأرقام الرسمية لمعهد الاحصاء الى أن نسبة الانكماش الاقتصادي التي تسبب بها الوباء في الفصل الثاني من العام 2020 تخطت 20 في المئة وقفزت نسبة البطالة من 15 الى 18 في المئة.

ووصف البنك المركزي الانكماش الاقتصادي المسجل في البلاد "بغير المسبوق".

وقدرت منظمة الأعراف في تونس أن الموجة الأولى لوباء كوفيد-19 في البلاد تسببت في خسارة حوالي 165 ألف مواطن عملهم، منبهة الى تواصل تداعيات الأزمة الاقتصادية مع عودة الفيروس للانتشار من جديد.

ويقول عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بشير بوجدي "تشير تقديراتنا الى خسارة ما يقارب 165 ألف موطن شغله خلال الموجة الأولى من الوباء" ما بين مارس ويونيو.

كما يضم القطاع غير المنظم 44 في المئة من مجموع العاملين في البلاد بحسب احصائيات المعهد الوطني للاحصاء للعام 2019.

ويبين بوجدي أن حوالي 35 في المئة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في القطاع الخاص "مهددة بالاندثار"، بينما 40 في المئة من شركات الصناعات التقليدية على وشك الافلاس.

ويتابع "من المؤكد أن الموجة الثانية ستزيد من تعقيد الأمور لكن يجب المحافظة على أسواقنا والتحمس للانتاج".

وجاءت قرارات الحكومة بعد أن حذر مسؤولون في قطاع الصحة من أن الوضع الوبائي في البلاد أصبح حرجا للغاية، وأنهم قد يجبرون "على الاختيار بين من سيموت ومن سيعيش"، في ظل نقص كبير في أسرة الإنعاش مع تزايد كبير في أعداد الإصابات بفايروس كورونا.

وتؤكد الحكومة على أنه لن يكون هناك عودة للإغلاق التام في البلاد مثل الذي أقرّ في مارس الماضي، معللة قرارها بأن الاقتصاد لا يحتمل.

وأرفقت السلطات التونسية قرار الحظر الليلي بمنع الجلوس في المقاهي والمطاعم.

وسبق وأن اتخذت الحكومة بقيادة هشام المشيشي جملة من الإجراءات من بينها منع الجلوس في المقاهي قبل أن تتراجع تحت ضغط أصحابها، وهو ما حمل رسالة سلبية للمواطنين بان الحكومة عاجزة عن فرض سلطتها حتى في أبسط القرارات. 

وعبرت كل من "الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المقاهي" و"الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المطاعم" في بيان الجمعة، عن "رفضهما القطعي" للإجراءات المتخذة بمنع استخدام الكراسي والطاولات بالمحلات الناشطة بولايات تونس الكبرى واعتبرتها إجراءات "مجحفة ستتسبب في قطع أرزاق 100 ألف عائلة تعيش من القطاعين وفي إفلاس عشرات الآلاف من أصحاب المحلات".

من سيدفع الرواتب؟

وشمل الحظر الليلي ولايات أخرى على غرار بنزرت (شمال) وسوسة والمنستير الساحليتين ومناطق في ولايات زغوان (وسط) وتوزر (جنوب) والكاف (غرب).

ويقول صاحب مقهى في العاصمة تونس علي بالراشد غاضبا من قرار الحكومة منع الجلوس حول الطاولات "نحن مجبرون بهكذا قرار على الاغلاق. ... من سيدفع رواتب؟" ستة من العاملين في المقهى.

بينما يفصح ياسر (22 عاما) وهو نادل في حانة ويعمل من أجل سداد مصاريف دراسته في اختصاص الاقتصاد "آخذ نصف الراتب...وتم ايقاف نصف العاملين ولم يعد هناك بقشيش لأن عدد العملاء تناقص".

ويقول مجدي شبّار، المشرف على مطعم وحانة في وسط العاصمة تونس "نخسر نحو 90 في المئة من رقم المعاملات اليومي" بسبب حظر التجول الليلي.

ومع إقرار الغلق التام في الموجة الأولى للوباء في مارس الماضي، أعلنت الحكومة حزمة مساعدات مالية منحتها إلى العائلات المعوزة والفقيرة قدرتها بحوالي ستين يورو.

كما أقرت الحكومة السابقة وعودا بمساعدة الشركات المتضررة من الاغلاق بقيمة 700 مليون دينار (حوالي 235 مليون يورو) بالرغم من أن المالية العمومية تواجه صعوبات.

وكانت تونس احتوت الوباء تقريبا في نهاية يونيو ورفعت معظم القيود خلال الصيف. لكن عدد الحالات المؤكدة بات حاليا يناهز 27 ألفا بينها 409 وفيات.

ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من الحد من تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الى أن زادت الجائحة من تدهور الوضع وتفاقمت المديونية لدى المانحين الدوليين.

ونبه رئيس الحكومة الأسبق إلياس الفخفاخ في يونيو الفائت إلى أن الدين الخارجي للبلاد "تجاوز الخط الأحمر" وبلغ 60 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي مع بلوغه نحو 30 مليار يورو.

ويتهم تونسيون حكومة إلياس الفخفاخ السابقة بالتسبب في الوضع الوبائي اليوم،  باتخاذها قرار فتح الحدود في 27 جوان الماضي أمام حركة المسافرين وعدم فرض بروتوكولات صارمة والتساهل مع إجراءات الحجر الصحي، فضلا عن تصنيف بعض الدول على أنها تشهد انخفاضا كبيرا في الإصابات ليتبين لاحقا أنها بؤر وباء.