بلغ حجم ديون البنوك غير المسترجعة والمشكوك في استخلاصها، ما يعادل نسبة 24% حاليا من إجمالي التعهدات البنكية، مقابل 37% في بداية التسعينيات. وكان هذا الملف طرح عدة إشكاليات في الأوساط السياسية والاقتصادية على حد السواء، التي دعت في وقت سابق إلى تسويته، ضمانا لشفافية المعاملات المصرفية ولأداء القطاع المالي في البلاد، لاسيما وأن تونس مقبلة على مرحلة تحرير كلي للدينار، من ناحية، وعلى توسيع مجالات عمل السوق المالية والمصرفية، تمهيدا لإرساء منطقة تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي، مطلع عام 2008.
وأعلن محافظ المصرف المركزي التونسي، في مؤتمر صحفي مؤخرا، أن الحكومة ستبدأ في تنفيذ برنامج للتحكم في حجم هذه الديون البنكية التي لدى المؤسسات والمستثمرين والخواص، باتجاه تحسين نسبة الاستخلاص، في ضوء المؤشرات المتوافرة في هذا المجال، وذلك حسب ما ذكرته صحيفة الشرق القطرية.
يذكر أن القطاع المصرفي التونسي، دخل منذ مدة طور الإصلاح الذي طال جوانبه القانونية والآليات العملية. وتفيد بعض المعلومات المؤكدة في هذا السياق، أن الجهات المعنية بالحكومة، انتهت من تطوير القوانين وفقا لمتطلبات الدول المتقدمة، فيما تتواصل عصرنة القطاع المصرفي، عبر تطوير قدراته بعد إقرار ما يعرف بـ "المقاصة الالكترونية"، وتطوير الدفع الالكتروني، في انتظار إقرار تطبيقات إلكترونية جديدة واعتماد البطاقة الذكية.. إلى جانب مواصلة عملية إعادة هيكلة القطاع، من خلال القيام بعمليات دمج وخصخصة لبعض البنوك، والبدء في عملية تحويل بنوك التنمية إلى بنوك شاملة.
وتعول الحكومة، على شفافية المعاملات المالية، بحثا عن استقطاب الاستثمار الخارجي، الذي يعد حلقة مهمة في مجال التنمية وخلق فرص العمل في البلاد.
على صعيد ثان، مكنت الاصلاحات الاقتصادية والمالية التي عرفتها تونس خلال الخماسية الماضية من تحقيق نتائج هامة شملت كل القطاعات وكل المستويات حيث بلغ معدل النمو 4.5% سنويا رغم الظروف المناخية الصعبة واثار التحولات العالمية على اقتصادها ، وقد نجحت تونس في ظل هذه الظروف في احترام التزاماتها والحفاظ على توجهاتها وخياراتها الاستراتيجية المتمثلة اساسا في الملاءمة بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي حيث تطور دخل الفرد ليصل في سنة 2004 الى 3500 دينار وتقلصت نسبة الفقر الى 4.2%، وفي الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى بما يعزز قدرة الاقتصاد الوطني في مواجهة المنافسة وفي تدعيم مسار التحرير والانفتاح.
وحسب ما ذكره مصدر حكومي تونسي فإن من اهداف المرحلة القادمة بناء اقتصاد قادر على التجديد وذلك بتدعيم مساهمة قطاع الخدمات والانشطة الواعدة والمجددة والتي تجد في البنية الاتصالية وفي البنية التشريعية الاطار الامثل للنمو فضلا عن البرنامج الخاص الذي اعلن عنه الرئيس بن علي في برنامجه والمتمثل في بعث جيل جديد من المؤسسات القادرة على توظيف الاختصاصات الدقيقة والمجددة.
وقال المصدر :" بفضل ما حققته بلادنا من مكاسب على الصعيد الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي مما جعلها نموذجا في المنطقة فإن التطلع بأن تكون بلادنا مركزا عالميا للتجارة والخدمات من شأنه ان يعزز استقطاب الاستثمار الاجنبي ويدفع نحو تحقيق نتائج افضل على جميع المستويات ويرتقي ببلادنا الى مصاف البلدان المتقدمة". (البوابة)