أسعار النفط ستتنامى لتعويض خسائر السوق الحادة

تاريخ النشر: 05 فبراير 2015 - 08:45 GMT
ارتفعت كميات النفط التي قامت المصافي بتكريرها 288 ألف برميل يوميا
ارتفعت كميات النفط التي قامت المصافي بتكريرها 288 ألف برميل يوميا

أظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت في الأسبوع الماضي للأسبوع الرابع على التوالي كما زادت مخزونات البنزين والمقطرات.

وقال تقرير الإدارة إن مخزونات الخام الأمريكية زادت 6.3 مليون برميل الأسبوع الماضي مقارنة بتنبؤات المحللين في استطلاع «رويترز» بزيادة قدرها 3.5 مليون برميل.

وذكرت الإدارة أن مخزونات الخام في مستودع تسليم عقود نايمكس في كوشينج في ولاية أوكلاهوما ارتفعت 2.5 مليون برميل، مضيفة أن مخزونات البنزين زادت 2.3 مليون برميل مقارنة بتوقعات المحللين بارتفاع قدره 67 ألف برميل.

وزادت مخزونات المقطرات التي تشمل الديزل ووقود التدفئة 1.8 مليون برميل مقارنة بالتوقعات بانخفاض قدره 1.8 مليون برميل.

وارتفعت كميات النفط التي قامت المصافي بتكريرها 288 ألف برميل يوميا كما زادت معدلات تشغيل المصافي 1.9 نقطة مئوية، فيما انخفضت واردات النفط الخام الأمريكية خلال الأسبوع الماضي 35 ألف برميل يوميا.

أمام هذه البيانات انخفض الخام الأمريكي ثلاثة دولارات، حيث توجهت الأنظار مجددا إلى تخمة المعروض العالمي لتتوقف موجة صعود دفعت الأسعار للارتفاع نحو 19 في المائة على مدى الجلسات الأربع الأخيرة بأكبر المكاسب منذ كانون الثاني (يناير) 2009 بفعل توقف قياسي لمنصات الحفر والتنقيب في الولايات المتحدة وانخفض نسبي لإنتاج النفط في روسيا الشهر الماضي.

وعزز تعافي النفط تكهنات بأن نزول الأسعار ربما وصل إلى منتهاه بعد موجة انخفاض استمرت سبعة أشهر هبطت بالأسعار نحو 60 في المائة في العقود الآجلة ودفعت شركات طاقة كبرى إلى خفض إنفاقها على الإنتاج الجديد.

وانخفض سعر مزيج برنت الخام 95 سنتا إلى 56.76 دولار للبرميل بعد صعوده نحو 6 في المائة أمس الأول وتعافيه من أدنى مستوى له في نحو ست سنوات 45.19 دولار الذي سجله في منتصف كانون الثاني (يناير).

وبشأن الأسعار استبعد بوب دودلي الرئيس التنفيذي لشركة النفط البريطانية العملاقة بريتش بتروليوم (بي. بي) أي تعاف قريب لها. وقال في تصريحات لقناة بلومبرج التلفزيونية الاقتصادية إنه شعر بهذا الشعور عام 1986 عندما انهارت أسعار النفط العالمية من 30 دولارا للبرميل إلى 10 دولارات للبرميل ولم ترتفع إلا عندما غزا العراق الكويت عام 1990.

وقال دودلي "أسس العرض والطلب الحالية تذكرني بعام 1986 وهو ما يعني أن أسعار النفط المنخفضة قد تستمر حتى نهاية العقد الحالي"، مضيفا أن الأسعار يمكن أن تظل أقل من 60 دولارا للبرميل لمدة تصل إلى ثلاث سنوات "سيمر وقت طويل حتى نرى سعر 100 دولار مرة أخرى".

وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية إلى أن تصريحات دودلي تتعارض مع تصريحات مسؤولين آخرين في صناعة النفط ومنهم كلاديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز الإيطالي إيني الذي قال الشهر الماضي إنه يتوقع عودة أسعار النفط للارتفاع قبل نهاية العام الحالي ثم تصل إلى 90 دولارا للبرميل. كما أن عبدالله البدري الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حذرت الأسبوع الماضي من أن أسعار النفط قد تقفز إلى 200 دولار للبرميل إذا لم يتم ضخ استثمارات كبيرة في مشاريع النفط الجديدة.

يأتي ذلك فيما يتوقع المحللون الذين استطلعت وكالة بلومبرج آراءهم أن يكون متوسط سعر البرميل في بورصة نيويورك للتعاقدات الآجلة 74 دولارا خلال العام الحالي و75 دولارا في 2017. كانت أسعار النفط قد واصلت ارتفاعها لليوم الثالث على التوالي حيث وصلت اليوم إلى 50.82 دولار للبرميل لكنها ما زالت أقل من نصف أعلى مستوى لها وكان 107 دولارات في حزيران (يونيو) الماضي.

وبالنسبة لدودلي (59 عاما) الأمريكي الذي تولى رئاسة الشركة البريطانية عام 2010 فإن الموضوع الملح هو التخلص من تخمة المعروض من النفط في السوق العالمية وهو أمر سيستغرق بعض الوقت.

وكانت "بريتش بتروليوم" قد أعلنت في وقت سابق من اليوم تراجع أرباح الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 20 في المائة لتصل إلى 2.2 مليار دولار بسبب انخفاض أسعار النفط.

وقد بلغ إجمالي الأرباح السنوية للشركة 12.1 مليار دولار، أي أقل بنسبة 10 في المائة مقارنة بأرباح عام 2013.

وبلغ إجمالي الأرباح السنوية للشركة 12.1 مليار دولار أي أقل بنسبة 10 في المائة مقارنة بأرباح عام 2013 . كما أعلنت خسارة 969 مليون دولار خلال الربع الأخير من العام الماضي بسبب تكاليف الإحلال.

أما رون بجرنسون مدير التسويق في شركة شتات أويل النرويجية فيرى أن موجة الانخفاضات الحادة التي منى بها السوق خلال الشهور الماضية بلغت ذروتها وأن أجواء إيجابية تسود السوق وتوقعات الصعود تتنامى بشكل كبير خاصة بعد تراجع الدولار وإعلان شركات نفطية خفض نفقاتها الرأسمالية لعام 2015 على الرغم من وجود علامات على تنامي مخزونات الخام.

وأوضح بجرنسون أن السوق دائما تحتاج إلى إدارة جيدة وحسن التعامل مع المتغيرات على اعتبار أن أسعار النفط الخام شهدت موجات كثيرة من الارتفاعات والانخفاضات الحادة وأن الفترة الحالية تتطلب علاج الانكماش الاقتصادي في عديد من دول الاستهلاك وتحسين مستوى الطلب لتقليل الفجوة مع تخمة المعروض التي تعانيها السوق خلال الفترة الماضية.

من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، الدكتور ريتشارد شنتس رئيس الغرفة العربية النمساوية، أن ارتفاع الأسعار سيتنامى لتعويض الخسائر الحادة التي تعرض لها السوق في الشهور الماضية وأدت إلى تقلص الاستثمارات وتهديد اقتصاديات عديد من الدول المنتجة.

وأوضح شنتس أن الشركات النفطية عانت أخيرا من تراجع الإيرادات واضطرت إلى تجميد التوسعات الاستثمارية، مشيرا إلى إعلان كبرى الشركات البريطانية "بى بى" و"بى جى جروب" تقليص نفقاتها وميزانياتها الاستثمارية لعام 2015 على ضوء تراجع أسعار النفط إلى مستويات قياسية.

وقال شنتس إن كثيرا من الشركات قلصت الإنتاج والاستثمار وربما يكون ذلك المسبب لعودة الأسعار إلى الارتفاع، موضحا أن الشركات النفطية العالمية كان لها خلال السنوات الماضية عديد من الاستثمارات الكثيفة بينما تسعى شركات بريطانية كبرى إلى خفض الإنفاق الرأسمالي من سبعة إلى ستة مليارات دولار هذا العام.

فيما أوضحت لـ"الاقتصادية"، ين بيتش المحللة الفيتنامية أن أسعار النفط تسير للارتفاع التدريجي كما هو متوقع بعد أن وصلت إلى قاع سعري شديد الانخفاض خلال الفترة الماضية وفقدت قرابة 60 في المائة من قيمتها منذ حزيران (يونيو) الماضي.

وأشارت إلى أن تحسن الأسعار سيكون تدريجيا ومن الصعب استعادة الأسعار المرتفعة بشكل سريع، لافتة إلى تصريحات صادرة عن شركة توتال الفرنسية بأن أسعار النفط ستظل على الأرجح منخفضة نسبيا حتى الصيف المقبل وهو ما دفع الشركة لافتراض سعر متوسط لبرميل النفط عند 60 دولارا هذا العام.

وذكرت بيتش أن أسعار النفط مرت بموجات صعبة من الأزمات في العقدين الماضيين مؤكدة أن تاريخ الدورات النفطية ينبئ أن الأسعار تنخفض بشدة وبسرعة ثم تعود إلى الارتفاع عادة خلال 18 شهرا، ودعت "بيتش" إلى ضرورة الصبر على السوق وحسن إدارة الأزمة وهو ما نجحت "أوبك" في تحقيقه بالتمسك بالحفاظ على سقف الإنتاج وإبداء الاستعداد لتحمل أسعار أكثر انخفاضا.

وشددت "بيتش" على أن الفترة الحالية انتقالية وأن اتجاه الأسعار للارتفاع يؤكد توقعات وزراء "أوبك" بأن السوق ستصحح نفسها بنفسها تدريجيا وأن الانخفاضات الحادة أمر طارئ على السوق ولكن الشكوك تدور الآن حول مدى إمكانية استعادة الأسعار المرتفعة مرة أخرى.

وقالت المحللة الفيتنامية إن صادرات النفط ستنمو من جديد بسبب تنامي متوقع للطلب في أسواق آسيا خاصة من الصين والهند واليابان، كما تشير التقارير إلى بدء امتلاء منشآت تخزين النفط الأمريكية بفائض الخام وتمسك "أوبك" بالحفاظ على الإنتاج سيزيد الضغط على الأسواق المحلية بما ينعش التصدير المربح للأسواق الأخرى.