صعدت أسعار الخام الأمريكي مجددا إلى أعلى مستوياتها منذ 2015 أمس، مع مراهنة المضاربين على ارتفاع أسعار العقود الآجلة وسط تخفيضات الإنتاج التي تقودها "أوبك" وتراجع أنشطة الحفر الأمريكية، لكن البعض حذر من أن موجة الصعود قد تفقد زخمها.
وبحلول الساعة 07:51 بتوقيت جرينتش، بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 62.16 دولار للبرميل، بزيادة 43 سنتا أو 0.7 في المائة عن التسوية السابقة. وفي وقت سابق لامس الخام ذروة أيار (مايو) 2015 عند 62.56 دولار للبرميل.
وإلى جانب مضاهاة ذروة 2015 لوقت قصير خلال التعاملات، فإن ذروة أمس، هي أعلى مستوى لخام غرب تكساس الوسيط منذ كانون الأول (ديسمبر) 2014 عندما بدأت موجة هبوط سوق الخام.
وبحسب "رويترز" بلغ خام القياس العالمي برنت في العقود الآجلة 68.70 دولار للبرميل بزيادة 33 سنتا أو 0.5 في المائة عن سعر الإغلاق السابق. ولامس برنت الأسبوع الماضي أعلى مستوىاته منذ أيار (مايو) 2015 عند 68.27 دولار للبرميل.
وقال متعاملون، إن الأسعار مدعومة في الأساس بالمضاربات في عقود الخام التي تراهن على تقلص الفجوة بين العرض والطلب في السوق عقب تخفيضات الإنتاج التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا التي بدأت قبل عام وتستمر حتى نهاية 2018.
وأضافوا، إن الانخفاض الطفيف في عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة يدعم الخام الأمريكي. وتراجع عدد منصات الحفر بواقع خمس منصات إلى 742 في الأسبوع المنتهي في الخامس من كانون الثاني (يناير)، وفقا لما ذكرته شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية.
ورغم موجة الصعود الأخيرة، التي رفعت أسعار الخام أكثر من 10 في المائة منذ أوائل كانون الأول (ديسمبر)، يحذر البعض من أن الأسواق تستبق الأحداث.
فالحفارات الأمريكية، ما زالت تتجاوز بكثير المستوى المتدني الذي سجلته في حزيران (يونيو) 2016 عند 316 حفارا، ومن المتوقع أن يتخطى إنتاج الخام الأمريكي عشرة ملايين برميل يوميا قريبا، ليصل إلى مستوى لم تحققه سوى السعودية وروسيا حتى الآن.
وتشير توقعات معهد البترول الأمريكي إلى انخفاض المخزونات للأسبوع السادس على التوالي، وتسجيلها مستوى أدنى جديد خلال أكثر من عامين، وتصدر اليوم الأربعاء البيانات الرسمية عن طريق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وفي سياق متصل، أكد تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي، أن سوق النفط الخام ستكون بحاجة إلى المزيد من الإمدادات النفطية المقبلة من دول منظمة "أوبك" في العام الجاري 2018، وهو الأمر الذي تتوقعه وتؤكد عليه منظمة "أوبك" نفسها، مشيرا إلى أنه من الطبيعي في هذه الحالة أن تحدث بعض الزيادات في إمدادات المنظمة لمواكبة هذا النمو في الطلب على نفط دول المنظمة.
وأوضح التقرير، أن هذا الأمر سيكون واقعيا للغاية إذا أخذنا في الاعتبار انخفاض الإنتاج النفطي الفنزويلي بشكل حاد وعلى نحو أكثر ما كان متوقعا في السابق وهو ما قد يؤدى إلى فجوة متسعة في السوق تحتاج إلى من يقوم بتعويضها وملئها.
وأضاف التقرير، أنه أخذنا في الاعتبار توقعات وكالة الطاقة الدولية بحدوث تراجع في الأسعار نتيجة رد فعل الإنتاج الأمريكي الذي يمثل هجمة قوية على السوق من خلال إمدادات النفط الصخري الواسعة فإن ذلك سيجعل فكرة التمديد المتواصل لصفقة خفض الإنتاج بين دول "أوبك" وخارجها ليست موضع تأييد خاصة من الجانب الروسي الذي يتعرض لضغوط من الشركات للبدء في التراجع عن الاتفاق بمجرد علاج فائض المخزونات وتعافي السوق.
ورجح التقرير، أن يكون اجتماع المنتجين في حزيران (يونيو)، بداية لخروج هادئ من خفض الإنتاج لتقليص مكاسب النفط الأمريكي واستعادة الحصص السوقية المفقودة. ولفت، إلى حالة الانتعاش الواسعة الحالية في الإنتاج الأمريكي التي مكنت المنتجين في حقلي بيرمي وباكن، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، من بيع 72 في المائة و69 في المائة على التوالي، من إنتاجها لعام 2018.
وأشار، التقرير إلى أن دونالد ترمب، إدارة الرئيس الأمريكي، تضع في قمة جدول أعمال الطاقة دعم وتعزيز الاستثمارات في مجال الوقود الأحفوري، لافتا إلى أن هذا الأمر يلقي ببعض الظلال السلبية على النمو في قطاع الطاقة المتجددة ما دفع الولايات المتحدة إلى البدء في عملية الانسحاب من اتفاق باريس بشأن المناخ كما أوحى بالتراجع عن خطة زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة.
وقال التقرير الدولي، إن الادارة الأمريكية تلجأ إلى الإجراءات الحمائية لحماية صناعة الطاقة في البلاد ومنع تعزيز الطاقة المتجددة على حساب الطاقة التقليدية، وفى هذا الإطار من المقرر فرض رسوم جمركية ضخمة على الألواح الشمسية المستوردة، ولا سيما من الصين حتى لا تغزو المنتجات الصينية السوق الأمريكية وتربح المعركة التجارية، مشيرا إلى أنه يمكن أن يكون الألواح الشمسية أول خطوة كبيرة نحو الحمائية حيث من المتوقع صدور قرار في هذا الشأن الشهر الجاري.
وذكر التقرير، أن استمرار انخفاض التكاليف في صناعتي الرياح والطاقة الشمسية جعلها تقترب بسرعة من التكافؤ مع منافسيهما من موارد الوقود الأحفوري، حتى أن قطاعات الرياح والطاقة الشمسية أصبحت محركا رئيسا لنمو الوظائف في الولايات المتحدة.
من جهتها قالت لـ"الاقتصادية"، الدكتورة نادجيدا كومنداتوفا، كبيرة الباحثين في المعهد الدولي لدراسات الطاقة، إن منظمة "أوبك" على قناعة تامة بسياساتها الحالية نحو تقليص المعروض النفطي العالمي، وذلك على الرغم من الإنقطاعات المفاجئة التي جاءت بمستويات فاقت التوقعات في إنتاج كل من ليبيا وفنزويلا، فضلا عن مخاوف من تكرار الأمر نفسه في إيران بسبب الاحتجاجات الشعبية الواسعة.
من جانبه، قال، روبين نوبل، مدير شركة أوكسيرا للاستشارات المالية، إن بداية العام الجديد جاءت قوية للغاية في مستوى الأسعار الذي تلقى دعما واسعا من مخاطر العوامل الجيوسياسية وبرودة الطقس في أوروبا وأمريكا ما حفز مستويات الطلب على النفط الخام.
وأوضح، أن الأزمة السياسية في إيران والعقوبات الأمريكية المحتملة على طهران وانهيار الإنتاج في فنزويلا بسبب العقوبات الأمريكية أيضا سيشعل الأسعار في الفترة الراهنة، على الرغم من ضعف الطلب الموسمي وسيؤدي إلى زيادة الإمدادات الأمريكية لتعويض هذه الانقطاعات، بينما يصر المنتجون التقليديون على التمسك بإعلان التعاون واتفاق خفض الإنتاج المشترك.
بدورها، قالت، جولياني جيجر المحللة في "أويل برايس"، إن إنتاج النفط الخام الأمريكي حافظ على مسار تصاعدي ثابت خلال الربع الرابع من عام 2017، وهو يعد بمنزلة شوكة في ظهر منظمة "أوبك"، حيث تمكن الإنتاج الأمريكي من الحد من ارتفاع أسعار النفط التي كان يمكن أن تتحقق على نحو أوسع بسبب الاضطرابات في إيران.
ولفتت، إلى أنه في الأسبوع الأخير من عام 2017، وصل إنتاج النفط الخام الأمريكي إلى 9.782 مليون برميل يوميا وهو مستوى مرتفع بشكل قياسي غير مسبوق.
اقرأ أيضًا:
بكم احتسبت السعودية سعر النفط في ميزانية 2018؟
توقعات بارتفاع أسعار النفط في 2018 بعد قرار أوبك بتمديد خفض الإنتاج
توقعات بارتفاع أسعار النفط بين 50 و 100% بعد تخفيض الانتاج 2%