تم يوم الأربعاء 25/9 توقيع مذكرة التفاهم الإطارية بين الأردن وقطر حول المنحة القطرية، والبالغة (1.250) مليار دولار كجزء من المنحة التي يقدمها مجلس التعاون الخليجي والبالغة (5) مليارات دولار على مدى (5) سنوات .
ومن المتوقع أن يتم إنفاق هذه المنحة لتحقيق متطلبات اقتصادية اجتماعية، كما ذكر وزير التخطيط، بحيث يخصص (60%) منها لقطاع التنمية المحلية والمحافظات، و(15%) لقطاع الطاقة، و(10%) لقطاع النقل، و(15%) في قطاعات الصحة والتعليم وغيرها . ومع أن المسألة لا تزال في بداياتها، وسيكون هناك اتفاقيات أخرى تفصيلية ولجان مشتركة تدرس المشاريع التي ستمولها المنحة، إلا أن هناك عدداً من المسائل ينبغي الإشارة إليها.
الأولى : إن دول مجلس التعاون تستحق الشكر على هذه المنحة والتي من شأنها أن تساعد الأردن على اجتياز هذه المرحلة الإقتصادية الصعبة والشكر لدولة قطر التي بادرت بتنفيذ الجزء الخاص بها .
الثانية : إن المنحة ستكون موزعة على (5) سنوات بواقع مليار دولار في كل سنة، وبترتيبات مختلفة مع كل دولة مانحة. وبالتالي هناك خشية من تبعثر المنحة وتوزيعها على أعمال ومشاريع لا تحدث تغييراً جوهرياً في الحالة الإقتصادية الاجتماعية .
الثالثة : إن البطالة وخاصة بين الشباب تصل إلى أرقام عالية ،(24%) بشكل عام و (34%) بين الجامعيين، ولا سبيل لحل مشكلة البطالة إطلاقا، دون مشاريع إنتاجية حقيقية ،تعمل الدولة على إنشائها بالشراكة مع المجتمع المحلي لكي تولد فرص عمل دائمة ومتجددة، وتولد معها شيئاً من الثروة .
الرابعة : انه سنة بعد سنة وبسبب المتغيرات المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية المحلية والدولية ، بما في ذلك ارتفاع الأسعار في السوق العالمية، تصبح المنحة أقل تأثيراً. وهذا يستدعي أن تكون المشاريع المنتقاة، وخاصة في المحافظات ،قادرة على إحداث نقلة نوعية وحقيقية في اقتصاد المحافظة .
الخامسة : إن الاستثمار في قطاع الطاقة يجب أن يتوجه إلى الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء ودون تردد. وهذا ما شأنه أن يساعد الأردن على تخفيض الفاتورة النفطية التي أرهقت الاقتصاد الوطني بسبب عدم تطوير البدائل الملائمة في وقت مبكر . أن تخصيص (750) مليون دولار للطاقة الشمسية من المنحة كافية لتخفيض الفاتورة النفطية بمقدار (120) مليون دينار سنوياً وبشكل متجدد و كأنها منحة دائمة .
السادسة : إن الاستثمار في قطاع النقل ينبغي أن يساهم في بناء منظومة جديدة للنقل العام، تغير من الوضع الحالي والذي يشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد وعلى المواطن . حيث يستهلك قطاع النقل في الأردن 38% من فاتورة المشتقات النفطية أو ما يقترب من (1.4) مليار دينار. وهذا يعني أن مشروع السكة الحديدية الوطنية يتوقع أن يكون في المقدمة .
السابعة: أن المنحة، في المشاريع التي تتعامل معها، ينبغي إن تكون آلة جذب و مشاركة لاستثمارات إنتاجية جديدة من القطاع الخاص الوطني والعربي والدولي. فالاستثمارات السنوية المطلوبة لتوليد فرص عمل للقوى العاملة الناشئة و المتوجهة إلى سوق العمل، لا تقل عن (1.1) مليار دينار، إذ أردنا المحافظة على مستوى البطالة على ما هي عليه دون زيادة.
و مع أهمية الخدمات للمجتمع، و خاصة في القرى والبوادي و الأرياف ، إلا أن التركيز عليها على حساب المشاريع الإنتاجية هناك ، لن يساعد على النهوض السريع لتلك الفئات من المواطنين. ذلك أن مفهوم التنمية والخدمات لا بد وأن يكون أكثر تركيزاً والتصاقا بالبعد الاقتصادي الاجتماعي المنتج، خاصة وأن البنية التحتية والخدمات عموماً في الأردن تعتبر جيدة. وبالتالي لا فائدة كبيرة يمكن الحصول عليها من خلال إضافة طريق هنا، أو مبنى حكومي هناك.
إن المصلحة الوطنية الدائمة تتحقق فقط، حين تصبح المنح المقدمة من الدول المانحة، وفي مقدمتها الدول العربية الخليجية، جزءا من آليا ت النهوض الاقتصادي و الاعتماد على الذات، لا وسيلة سهلة لزيادة الإنفاق . و بذلك يمكن للأردن أن يرسم مستقبله بطريقة أفضل.