المصرف الاسلامي: مصرف بديل أم مختلف؟

تاريخ النشر: 07 أغسطس 2012 - 08:58 GMT
ان الميزة التي توفرها الانظمة المصرفية بمختلف انواعها عن طريق جمع اموال المجتمع بمختلف فئاته وطبقاته تجعلها قادرة على تحريك الاقتصاد بشكل عام
ان الميزة التي توفرها الانظمة المصرفية بمختلف انواعها عن طريق جمع اموال المجتمع بمختلف فئاته وطبقاته تجعلها قادرة على تحريك الاقتصاد بشكل عام

سألني احد الاخوة عن ماهية اختلاف المصرف الاسلامي عن المصرف التقليدي ، ولعل السائل ومثله كثير قد لايجد ذاك الاختلاف الواضح امام عينيه بين المصرفين ، ففي نظرة المصرفيين مجمع للودائع من ناحية، وتقرض وتستثمر من ناحية اخرى ، ولا اعني بحديثي هنا فقط الناحية الشرعية ، لان النتيجة النهائية عند هذا الشخص واحدة وغيره كثير وهي تحقيق الربحية للمساهمين في المصرف ايا كان نوعه . وهذا يستدعي طرح العديد من الاسئلة ،وقد تجاوزت التجربة المصرفية الاسلامية الثلاثة عقود ، فهل هناك فعلا فرق واضح بين المصارف الاسلامية والتقليدية؟ وهل جاءت المصارف الاسلامية بنظام مصرفي مختلف عن النظام المصرفي التقليدي الذي اعتاده الناس خلال فترة زمنية طويلة ؟ ام هو نظام بديل لنظام مصرفي قائم ؟

مما لاشك فيه ان الكثيرين قد طرحوا مثل هذه الاسئلة وغيرها ، وهذا دليل على ان التجربة وبالرغم من هذه المدة ما زالت لم تطرح نفسها بالاسلوب او الطريقه المناسبة ، وبحكم احتكاكي بالعديد من عملاء المصارف خلال فترة عملي في المجال المصرفي ، فإن ذلك يعود الى نوعية واسلوب طرح المنتجات في المصارف الاسلامية ، وقيام المتعاملين بشكل دائم بالمقارنة مع المصارف التقليدية القائمة والتي في كثير من الاحوال كان لها السبق في هذه المقارنه. قد نعترف جميعا اننا في حاجة الى مصرفية مختلفة وليست بديلة في وقتنا الحاضر ، وهذا يحمل المصارف الاسلامية عبء القيام باعمال مصرفية مختلفة في جوهرها واسلوب طرحها وتقديمها عن المصارف التقليدية ، و من ثم يكون الحكم للمتعاملين مع هذه المصارف.

و تعتبر تحديد نوعية العلاقة بين المصرف الاسلامي والمودع في هذا المصرف هي الخطوة الاولى في هذا المجال ، بحيث تكون العلاقه قائمة على اساس عقد المضاربة الشرعية ، والتي يصبح فيها العميل المودع ( مضارب بالمال) والمصرف الاسلامي ( مضارب بالعمل ) و يتم توزيع الارباح بين الطرفين حسب الاتفاق ، وتعطي هذه العلاقة للمودعين ابعادا مهمة ، فيصبح المودعون وغالبيتهم من اصحاب رؤوس الاموال الصغيرة اومتناهية الصغر مثلهم مثل اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة بل في مجموعهم اكبر منهم ، كما ان حصيلة اعمال المصرف يصبح لهؤلاء المودعين حصة فيها نظير مشاركتهم في تمويل هذه الاعمال.

هذا فرق واضح وحقيقي بين المصرف الاسلامي والتقليدي وليس من واقع الخيال ، ولكنه غير مفعل بشكل جيد في العديد من المصارف الاسلامية بمختلف دول العالم ، ويرجع ذلك الى استثمار اموال المودعين في عمليات تمويل يغلب عليها المديونية مثل المرابحة والاجارة والاستصناع متجاهلة العقود الاخرى مثل عقود المشاركات ، كما انه وللاسف تضع بعض هذه المصارف ا العوائق امام المودعين بتحديد حدود دنيا لحجم الوديعه لاستحقاق ارباح ،مما يحرمها من عدد كبير من صغار المودعين ، وتفسر ذلك بان حجم هذه الودائع لايغطي مصاريف ادارة هذه الودائع ، متناسية انها تقوم بتشغيلها واستثمارها بمجموعها وليس افراديا، وتحقيق ربحية تذهب لخزينة المصرف دون المودعين.

ان الميزة التي توفرها الانظمة المصرفية بمختلف انواعها عن طريق جمع اموال المجتمع بمختلف فئاته وطبقاته تجعلها قادرة على تحريك الاقتصاد بشكل عام ، وللمصارف الاسلامية ميزة تختلف عن غيرها بدخول العميل معها شريكا في راس المال ، وبالتالي في النتيجه ،مما يعكس هذا الاثر وبشكل مباشر على الفرد والجماعه وبالتالي على الاقتصاد بشكل عام . اخي السائل اعلم انك ما زلت على سؤالك ، ولنا وقفات اخرى ان شاء الله.