يعتبر المستوطنون اليهود القاطنين في مستعمرات الضفة الغربية المتاخمة لمدينة القدس من أشد معارضي مشروع القطار الخفيف بالمدينة. ويتضمن المشروع مبدئيا تشييد خط قطار واحد قد يتبعه في مراحل لاحقة إضافة خط ثان ليقدم خدمة مواصلات سريعة وناجعة من وإلى القدس.
وخط القطار الخفيف الأول الآن قيد البناء ومن المتوقع إنجازه بحلول العام 2009. ويبدأ مسار القطار من مستوطنة "نفي يعقوب" و " بيسغات زئيف" في الشمال الشرقي ليعبر قرى عربية منها شعفاط والجنوب ويسير بمحاذاة الطريق رقم 60 حتى شارع يافا ويتبع شارع يافا بإتجاه الغرب حتى محطة الحافلات المركزية في القدس. ثم يواصل خط القطار للجنوب الغربي ليعبر جسر الحبال حتى ضاحية "بيت هكيرم."
وكما ذكرنا سابقا يتم الترويج لمشروع قطار القدس على أنه "مشروع موحد" فهو لا يسعى لخدمة اليهود فحسب وإنما يسعى لفك عزلة الفلسطينيين في منطقة القدس.
إزدهار إقتصادي للفلسطينيين
ويرى بعض المستوطنون أن المشروع الجديد سيجلب إزدهارا إقتصاديا للمنطقة حول مسار القطار مما سيشجع انتقال السكان الفلسطينيين والمصالح التجارية الفلسطينية لضواحي القدس. ويتخوف المستوطنون من أن تحقق هذا التنبأ سيعرقل مخططهم لتهويد مدينة القدس. وفي الحقيقة ومنذ العام 1967 وخاصة خلال العقد المنصرم سارعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من الإجراءات لتهويد المدينة المقدسة. وبدعما من المستوطنين، قامت الحكومات الإسرائيلية بعزل القدس الشرقية عن بقية مدن الضفة الغربية.
القطار يتجاوز طرق الأبرتهايد المخصصة لليهود فقط
لقد ضخت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وعلى مدار سنوات عديدة أموالا طائلة لتشييد طرق إلتفافية مخصصة لليهود فقط في الضفة الغربية ومدينة القدس. إن الغرض الرئيسي من وراء بناء طرق الأبرتهايد هو قطع الطريق في وجه سكان القدس الفلسطينيين للحصول على الخدمات الاساسية. لقد وصفت الوزيرة الإسرائيلية السابقة شولميت ألوني طرق الأبرتهايد بعبارة جميلة حيث قالت" حتى الآن صادروا أراضي اخرى بحجة بناء طرق "لليهود فقط". طرق رائعة، طرق واسعة، طرق معبدة بشكل جيد، طرق عالية الإضاءة في وسط الليل- جميعها على آراض مسلوبة. عندما يقود فلسطينيا مركبته على هذه الطرق تصادر سيارته ويطلق لسبيله."
وبما ان مشروع قطار القدس الخفيف يخدم طرفي النزاع من المستوطنين والفلسطينيين فإن المستوطنين يعارضونه بشدة.
وفي هذا السياق، أكد المستوطنون بأنهم لن يستخدموا هذا القطار إذا ما تم السماح للسكان العرب بإستخدامه. ومن منظور المستوطنين "ليس لائقا" أن يجلسوا جنبا إلى جنب مع المسافرين العرب في القطار.
الفلسطينيون يحتاجون القطار: المستوطنون لا
بالإضافة إلى ذلك، يخشى المستوطنون من أن القطار الجديد سيجلب المنفعة فقط للفلسطينيين. الكثير منهم يرفضون تقبل المنطق الإقتصادي للمشروع مدّعين ان استخدام القطار من قبل المستوطنين حول القدس سيكون هامشيا. وحسب المستوطنين فإنهم يفضلون إستخدام سياراتهم المريحة على الطرق الممتازة من مستوطنات "نفي يعقوب" و " بيسغات زئيف" إلى القدس بدلا من استخدام القطار. لذلك سيتم ترك القطار لإستخدام العرب، يضيف المستوطنون.
وتنبع معارضة المستوطنين لمشروع قطار القدس الخفيف أيضا من دوافع دينية فعلا سبيل المثال معظم مستوطني "نفي يعقوب" من اليهود المتزمتين وهم اصلا يرفضون إستخدام وسائل النقل المختلطة والتي تجمع الجنسين من الرجال والنساء معا. فمن الناحية الدينية ممنوع منعا باتا جلوس الرجل قرب المرأة على مقعد واحد. ومن الجدير بالذكر، أن الحافلات التي تخدم الجاليات اليهودية الأرثوذكسية في إسرائيل بشكل عام والقدس بشكل خاص تعمل على مبدأ الفصل بين الجنسين.
القطار يعرقل تهويد القدس
إذا ما تم تنفيذ مشروع قطار القدس الخفيف حسب الخطط المرسومة، سيعرقل القطار مخطط تهويد القدس لعدة أسباب: أولا، يتم تشييد القطار بحيث يتوقف في القرى الفلسطينية ،على عكس الطرق الإلتفافية، مما يعطى فرصة إستخدامه للسكان الفلسطينيين. ثانيا، إن المخطط الأصلي لمشروع قطار القدس الخفيف يشير إلى أنه مصمم ليسهل حلقة الوصل بين سكان القدس الشرقية المحتلة ومركز المدينة. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة هو هل ستنحني الحكومة الإسرائيلية والأطراف الدولية ذات الصلة بالمشروع أمام ضغوطات المستوطنين أم ستلتزم بتنفيذ المشروع حسب مخططه الأصلي الذي يمنح المقدسيين العرب بصيصا من الأمل.
© 2007 تقرير مينا(www.menareport.com)