كشفت دراسة صدرت مؤخراً أن المرأة العاملة في الشرق الأوسط أكثر تفاؤلاً حيال المناصب التي تشغلها في أماكن العمل مشيرة إلى رغبتها المتزايدة في تولي مسؤولية تطورها المهني والتغلب على كافة الصعاب والمعوقات التي تواجهها.
واستطلعت الدراسة الشاملة التي أجراها كل من "بيت دوت كوم" "Bayt.com"، الموقع الإلكتروني الأول لخدمات التوظيف والتخطيط المهني في الشرق الأوسط، وشركة "يوجوف سيراج" "YouGovSiraj" المتخصصة في أبحاث السوق، آراء النساء في دول الخليج والمشرق العربي وشمال أفريقيا حول مدى شعورهن بالنجاح أو الإخفاق مقارنة بنظرائهن من الرجال، ومدى تقبل مكان العمل للنساء، والموضوعات التي تؤثر في طموحاتهن الوظيفية، والحافز لديهن للانضمام والبقاء مع الشركات. وأظهرت نتائج الدراسة أنه على الرغم من أن العديد من النساء يعتقدن بأن الرجال يستمتعون بميزات عنهن في مكان العمل، إلا أن الكثيرات ما زلن يرفضن رؤية أنفسهن كضحايا عاجزات لا يستطعن فعل شيء في هذا النظام.
وبسؤالهن عما إذا كانت الطموحات الوظيفية قد تحسنت في بلدانهن، أجابت غالبية النساء بالإيجاب. ففي الإمارات، قالت 28 في المائة ممن شملتهن الدراسة بأن الأمور قد تحسنت بصورة كبيرة، بينما قالت 34 في المائة بأنها قد تحسنت إلى حد ما. وفي السعودية، كانت تلك النسب 27 و39 في المائة على التوالي. وكانت النساء العمانيات الأكثر تفاؤلاً من خلال نسبة مجمعة قدرها 81 في المائة قالت بوجود تحسن. وجاءت لبنان في مرتبة أقل نسبياً من خلال 58 في المائة أجبن بنعم.
وكانت الإجابة على سؤال حول شغل النساء لمناصب عليا في أماكن العمل من النتائج المتميزة التي أظهرتها الدراسة، حيث قالت 75 في المائة من المشاركات في الدراسة عبر المنطقة بأن هناك نساء يشغلن مناصب عليا في الشركات التي يعملن فيها. وعلى أية حال، قالت 6 في المائة بأنه غير مسموح للنساء في الشركة التي يعملن فيها بشغل مناصب عليا. بينما شعرت نسبة كبيرة من النساء بأنهن يحصلن على رواتب أقل من نظرائهن الرجال. وعلى الرغم من أن 52 في المائة من النساء في السعودية، و58 في المائة من النساء في الكويت عبرن عن هذا الاعتقاد، فإن البحرين كانت الأفضل من خلال إعراب 24 في المائة فقط من النساء عن عدم المساواة في الأجور والرواتب.
وصرحت منى عطايا، نائب الرئيس للتسويق في "بيت دوت كوم"، قائلة: "ترسم هذه الدراسة بشكل عام صورة لمنطقة في حالة تحول وانتقال، حيث أصبحت النساء في الشرق الأوسط يخرجن إلى أماكن العمل بأعداد كبيرة، ويشغلن الكثير من المناصب العليا، لكن ما زال يوجد بعض المعوقات القديمة. وكان أكثر ما أسعدنا وأدهشنا في هذه الدراسة هو عدد النساء اللواتي رفضن القبول بأن هذه المعوقات تمثل حاجزاً لا يمكن قهره أو التغلب عليه في سبيل تقدمهن. لقد باتت النساء في المنطقة يشعرن بوضوح بأنهن جزء من تركيبة المنظومة الاقتصادية، وأنهن يسعين إلى وظائفهن بجدية وبنظرة طويلة المدى".
وعلى الرغم من أن العديد من النساء اللواتي تم إجراء مقابلات معهن صرحن بأنهن يعملن ساعات أطول من نظرائهن من الرجال مقابل رواتب أقل، إلا أنهن صنفن أنفسهن باستمرار على قدم المساواة مع الرجال من حيث الطموح. ففي الإمارات، قالت نسبة 42 في المائة بأنهن أكثر طموحاً من زملائهن الرجال، وذلك مقارنة بـ 10 في المائة قلن بأنهن أقل طموحاً. وفي الجزائر، قالت نسبة كبيرة من النساء بلغت 63 في المائة بأنها أكثر طموحاً. وانخفض هذا الرقم ليصل إلى 52 في المائة في لبنان، و45 في المائة في السعودية، و38 في المائة في قطر.
وعند سؤالهن عن المعوقات التي تعترض تطورهن الوظيفي، قالت 39 في المائة من المشاركات في الدراسة عبر المنطقة "أنا شخصياً مسؤولة عن عملي وقادرة على الوفاء بالتزاماته بصرف النظر عن المعوقات التي تعترضني". وأجابت 14 في المائة فقط بـ "لا تحصل المرأة العاملة في هذا البلد أو المنطقة على أي تشجيع". وإضافة إلى ذلك، عند سؤال النساء المشاركات في الدراسة هل يعاملن بطريقة عادلة تخلو من التحيز بالقياس إلى زملائهن الرجال، كانت الإجابة عبر كافة أنحاء المنطقة بأنهن يعاملن بطريقة عادلة ويحصلن على معاملة مساوية لزملائهن الرجال.
وأشارت الدراسة إلى وجود بعض الاختلافات الشيقة جداً بين الجنسيات والمجموعات العرقية. فعلى الرغم من أن 15 في المائة فقط من النساء الغربيات صرحن بأن جنسهن قد أسهم في التأثير في طموحاتهن الوظيفية بشكل إيجابي، إلا أنه من اللافت للنظر أن هذا الرقم ارتفع إلى 28 في المائة بين المواطنات في دول الخليج. وعلى الرغم من أن غالبية النساء الغربيات (76 في المائة) أشرن إلى المسؤولية المالية كسبب رئيسي للعمل، فإن المواطنات في دول الخليج أشرن إلى "الإحساس بالنجاح وتحقيق الإنجازات" كدافع رئيسي لهن للعمل.
أما من حيث المزايا والفوائد في العمل، فقد قالت 35 في المائة من كافة المشاركات إن فرص التقدم الوظيفي كانت الأكثر أهمية بالنسبة لهن، تبعتها المزايا بنسبة قريبة قدرها 33 في المائة من خلال الرواتب العالية. كما جاءت المرونة في ساعات العمل على جانب كبير من الأهمية كحافز للبقاء في القوة العاملة، واعتبرت النساء في المنطقة أن الافتقار إلى وجود خيار المرونة في ساعات العمل من المعوقات الرئيسية بالنسبة لهن للتقدم في وظائفهن على المدى الطويل.
وعن المزايا الحقيقية الموجودة بالفعل، قالت 46 في المائة من النساء إنهن يحصلن على إجازة وضع مدفوعة الأجر. وقالت 10 في المائة من النساء إنهن مزودات بأماكن عمل منفصلة للرجال والنساء، وحتى في السعودية التي تحافظ بشكل خاص على منع الاختلاط بين الجنسين في أماكن العمل، فقد كانت النسبة 61 في المائة فقط. وأعربت النساء بشكل كبير في كافة أرجاء المنطقة عن قناعتهن بأنه يتعين عليهن الحصول مزايا وفوائد خاصة في أماكن العمل، وقد أكدن على ذلك لأنه يأتي في المقام الأول بسبب مسؤوليتهن عن سعادة الأطفال أو الوحدة الأسرية.
وقالت منى عطايا: "مع الأخذ في الاعتبار طبيعة عملنا، فإنه من المهم أن نقوم بتزويد شركات التوظيف، وأصحاب الأعمال والشركات بصورة كاملة عن سوق العمل. تهدف هذه الدراسة إلى إعطاء النساء لمحة عن كيفية أدائهن في سوق العمل الإقليمي، إضافة إلى إعطاء أصحاب الأعمال لمحة عما تبحث عنه النساء لاستقطاب والاحتفاظ بهذه الشريحة الحيوية المتزايدة من القوة العاملة. كما أن هناك أسباباً أوسع لإجراء مثل هذه الدراسة، حيث قال أحد المعلقين إن تقدم المرأة يعد أحد المتطلبات الأساسية لإحداث نهضة عربية".
ومن جانبها أشارت جوانا لونجورث، رئيس التسويق في شركة يوجوف سيراج، إلى أن شركتها ستواصل إجراء الدراسات واستطلاعات الرأي بالتعاون مع "بيت دوت كوم"، حيث قالت: "إن إجراء الدراسات على غرار هذه الدراسة من شأنه أن يساعد على توضيح ومن ثم حل بعض القضايا والمشكلات العالقة في سوق التوظيف في المنطقة. ونحن على قناعة بأن توفير المزيد من البيانات السليمة التي يعتمد عليها تعد الحل للإصلاح، وزيادة الكفاءة، وأخيراً توفير الرفاهية الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط".
© 2007 تقرير مينا(www.menareport.com)