أسرار تأجيل القرض الدولي لمصر

تاريخ النشر: 18 ديسمبر 2012 - 06:13 GMT
عجز ميزان المدفوعات المصري يصل إلى 11.2 مليار دولار في السنة المالية 2011-2012
عجز ميزان المدفوعات المصري يصل إلى 11.2 مليار دولار في السنة المالية 2011-2012

نشرت صحيفة الأهرام في عددها الصادر أمس ما قالت إنه تفاصيل التطورات الأخيرة بين مصر وصندوق النقد الدولي، والتي أدت إلى توقف المحادثات بين الجانبين، وامتناع الصندوق عن طرح الطلب المصري على مجلس المديرين الخاص بالحصول على القرض في جلسة يوم الأربعاء المقبل‏.‏ ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة في واشنطن أن بعثة الصندوق في القاهرة قد توصلت إلى اتفاق شفهي مع الحكومة المصرية على القيام برفع الضرائب دون وضع شروط مكتوبة في الاتفاق الرسمي لتجنب إحراج الحكومة في توقيت تحتاج فيه إلى القرض البالغ قيمته 4.8 مليار دولار.

وتعهدت حكومة هشام قنديل بتنفيذ المطلوب إلا أن السلطات المصرية عادت وأبلغت الصندوق بصعوبة تحقيق طلبه برفع ضريبة المبيعات، وقالت إنها سوف تقوم باستخدام وسائل أخرى بخلاف ضريبة المبيعات. وأشارت المصادر إلى أن قيام الحكومة المصرية برفع الضرائب على بعض السلع الأسبوع الماضي وموجة الانتقادات الفورية العنيفة في وسائل الإعلام المحلية والشارع دفعها للعدول عن القرار بعد ساعات قليلة قد تسبب في ارتباك شديد في صندوق النقد الدولي، حيث كانت إدارة الصندوق تضغط في اتجاه رفع الضرائب قبل عدة أيام من صدور القرار رسمياً في التاسع من ديسمبر الجاري.

وأكدت المصادر أن إدارة الصندوق كانت تعلم باتخاذ الحكومة قرار رفع الضرائب على حوالي 50 سلعة يوم السادس من ديسمبر. ونتيجة لتراجع الحكومة المصرية عن وعودها الشفهية بالقيام برفع الضرائب قبل الاجتماع الرسمي لمديري الصندوق، تدخلت الإدارة الأميركية لإقناع الحكومة المصرية للتقدم بطلب لتأجيل المحادثات حول القرض في ظل الأوضاع الداخلية المضطربة التي ستؤثر بالقطع على قرار المؤسسة المالية العالمية وهو ما قامت الحكومة المصرية بالفعل بإعلانه في وقت لاحق. والمعروف أن الولايات المتحدة تملك الحصة الأكبر في صندوق النقد الدولي وهي صاحبة نفوذ قوي في صناعة القرار به.

كما أشارت المصادر إلى أن صندوق النقد الدولي يشعر بقلق بالغ من تأثير الأوضاع الراهنة على سمعته في مصر بعد أن تعرض لحملة كبيرة ترفض حصول مصر على قروض من المؤسسة العالمية. وقالت المصادر المقربة من دوائر عديدة في واشنطن إن توقيت مناقشة الطلب المصري يوم 19 ديسمبر كان يشكل عبئاً على كبار المسؤولين بالصندوق والمطلعين على تطورات الموقف الداخلي، حيث خرج مسؤولو الصندوق بخلاصة مفادها بأن قرار رفع الضرائب ثم العدول عنه ثم إعلان نتيجة الاستفتاء يوم 16 ديسمبر، قبل قرار إجراء الاستفتاء على جولتين، وما يمكن أن يعقبه من توتر على الصعيد الداخلي سوف يرسل رسالة خاطئة للرأي العام أن إدارة الصندوق تمارس ضغوطاً على الحكومة المصرية.

وتوقعت المصادر في واشنطن عودة مصر للتفاوض من جديد في أقرب فرصة، خاصة في حال الموافقة على الدستور الجديد والذي ينظر إليه باعتباره تجديداً للثقة في حكومة الرئيس محمد مرسي. وكانت حكومة قنديل قد طلبت شهراً إضافياً لشرح أبعاد الحصول على القرض للرأي العام المصري. وقال محلل بارز في واشنطن إن عجز ميزان المدفوعات المصري يصل إلى 11.2 مليار دولار في السنة المالية 2011-2012 والتي انتهت في يونيو الماضي، فيما تشهد الإنتاجية تراجعاً، وهناك حالة عدم ثقة بين الممولين، ومن المستبعد أن يبقى الاقتصاد المصري واقفاً على قدميه إذا استمرت الحكومة في برامج الدعم الواسعة النطاق. وأضاف: إن تقليص الدعم على سلع بعينها وفرض ضرائب جديدة سيكون صعباً من الناحية السياسية، خاصة في هذه المرحلة.

وسبق أن حذر وزير البترول أسامة كمال من أن مصر لن يمكنها تحقيق المستهدف من خفض دعم الطاقة بنسبة 39 في المائة بحلول يونيو2013. ومن جانبها، قالت مجموعة ستراتفور الاستخبارية الأميركية في تقرير قبل عدة أيام إن حالة الاقتصاد المصري تبدو قاتمة، إلا أن القاهرة لا تعتمد كلياً على قرض صندوق النقد، فمازال لدى الحكومة نحو15 مليار دولار في احتياطيات العملات الأجنبية، والقاهرة تلقت تمويلات من مجموعة متنوعة من المصادر. ففي أكتوبر الماضي، أرسلت تركيا أول 500 مليون دولار من قرض قيمته مليارا دولار، والشريحة الثانية مقرر لها 30 يناير المقبل، وسوف تستخدم المتبقي وهو مليار دولار لتمويل الواردات التركية إلى مصر.

وأشار التقرير إلى قروض قطرية ووعود سعودية وكويتية وقرض من بنك التنمية الإفريقي. وأضاف التقرير أن هناك خيارات أخرى في حال عدم التقدم للحصول على قرض الصندوق ومنها إمكانية خفض قيمة العملة أو تخفيض الاستهلاك، خاصة من السلع المستوردة.