ضعف الجنيه المصري يدعم الصادرات ويهدد بانفجار التضخم

تاريخ النشر: 16 سبتمبر 2012 - 01:16 GMT
أدت الضغوط على العملة المصرية إلى تراجع قيمتها في الفترة الأخيرة لتبلغ أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل العملة الأميركية
أدت الضغوط على العملة المصرية إلى تراجع قيمتها في الفترة الأخيرة لتبلغ أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل العملة الأميركية

رأى خبراء ومحللون اقتصاديون أن استمرار الضغوط على الجنيه المصري له إيجابيات اقتصادية عدة، تتمثل في دعم القدرة التنافسية لصادرات البلاد وزيادة الإقبال على المنتج المحلي، إلا أنه في الوقت نفسه يهدد بارتفاع حاد في أسعار السلع، ما يؤدي إلى زيادة في معدلات التضخم.

وأدت الضغوط على العملة المصرية إلى تراجع قيمتها في الفترة الأخيرة لتبلغ أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل العملة الأميركية متجاوزة حاجز 6.10 جنيه للدولار في السوق الرسمية.

وقال الخبراء إن خطوة ترك سعر صرف الجنيه لقوى العرض والطلب بشكل كامل كبديل للدعم الجزئي من قبل البنك المركزي، يجب أن تكون محسوبة بدقة من كافة الجوانب، حتى وإن كان هذا شرطاً من شروط حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 4.8 مليار دولار.

ويقول الخبير الاقتصادي عمر عبدالفتاح إن الحكومة المصرية تنبهت لهذا التحرك التدريجي في سعر الدولار في السوق المحلية، والذي بدأ منذ نحو شهر، ما دفعها للإسراع بإعادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على القرض.

وأضاف أن الحكومة كثفت جهودها للحصول على دعم مادي من بعض دول الخليج في محاولة للسيطرة على نقص سيولتها من العملة الصعبة ووقف نزيف تراجع الاحتياط النقدي بالبنك المركزي.

وأتابع أن تراجع سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية خصوصاً الدولار له إيجابياته وسلبياته، مشيراً إلى أن أهم الإيجابيات تتمثل في دعم الصناعة المحلية مقابل عمليات الاستيراد التي تسود السوق من سلع مهمة وأخرى غير مهمة وكمالية تكلف مليارات الدولارات.

وأوضح عبدالفتاح أن التحرر النسبي للجنيه يصب في صالح المنتج المصري ويؤدي إلى طفرة كبيرة في نشاط الصناعة المحلية، نظراً لأن ارتفاع سعر الدولار والعملات الأخرى، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتج المستورد مقابل المنتج المحلي، وهو ما يعني لجوء المستهلك المصري لشراء الصناعة المحلية وبالتالي يحدث رواج للمصانع المصرية وتوفير فرص عمل للشباب المصري.

ورأى الخبير الاقتصادي عمر عبدالفتاح أنه كلما كانت العملة المحلية أكثر تحرراً فإن ذلك سينعكس إيجاباً على التصنيفات الائتمانية التي تصدر من المؤسسات الدولية تجاه العملة وقدرة الدولة على سداد الديون، فضلاً عن تقليل الضغط على الاحتياط النقدي، حيث إن حرية تحرك سعر الصرف لن تجبر البنك المركزي على السحب من الاحتياط النقدي لدعم الجنيه.

وحول التأثيرات السلبية لانخفاض سعر الجنيه مقابل العملات الأخرى، أوضح عبدالفتاح أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار في السوق المحلية خصوصاً المستوردة، وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم وهو ما قد يحدث بعض المشاكل للحكومة.

وأشار إلى أن ارتفاع الدولار مقابل العملة المحلية، ينعكس سلباً أيضاً على أداء البورصة، نظراً للخسارة التي سيتعرض لها المستثمر الأجنبي الذي يريد تحويل محفظته الدولارية إلى الجنيه ليقوم بشراء الأسهم المصرية، وعند خروجه يعيد تحويل محفظته بالجنيه إلى الدولار الذي قد يرتفع سعره ما يكبد المستثمرين خسائر كبيرة قد تدفعهم للإحجام عن الاستثمار في البورصة من الأساس.

وقال نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار محسن عادل إن الارتفاع الملحوظ في أسعار صرف الدولار أمام الجنيه خلال الفترة الماضية يرجع إلى انخفاض الاحتياط النقدي لدى البنك المركزي، صاحبه زيادة في الواردات نتيجة تراجع الإنتاج محلياً على خلفية الأحداث التي تلت ثورة يناير.

واعتبر أن الوضع الحالي بالنسبة لسوق الصرف يعتبر وضعاً مؤقتاً، حيث من المتوقع ارتفاع موارد الدولة من العملات الأجنبية وانتعاش الاحتياط من خلال السياسات الاقتصادية التي بدء تنفيذها خلال الأيام الماضية، ما يؤدي إلى عودة التراجع لسعر الدولار مقابل الجنيه.

وأشار عادل إلى أن المساعدات النقدية التي تدفقت إلى مصر مؤخراً من السعودية وقطر وأخرى من المتوقع أن تتدفق في الفترة المقبلة من البلدين، إضافة إلى قرض صندوق النقد وبعض الجهات الأخرى من شأنه أن يوفر مزيداً من الغطاء النقدي الأجنبي.

وأضاف عادل أن هناك خللاً واضحاً في ميزان مصر التجاري مع التزايد المتواصل لحجم الواردات مقابل تراجع ملحوظ في صادراتنا ما سيمثل ضغوطاً كبيرة على الجنيه حال رفع قبضة المركزي عنه.

وأشار إلى أن تراجع الجنيه له إيجابيات تتمثل في خفض قيمة الدين الداخلي ورفع تنافسية الصادرات، إلا أن ذلك سيمثل في الوقت نفسه خطورة من ناحية زيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار الواردات في ظل خلل الميزان التجاري، إضافة إلى الضغوط على الاقتصاد المصري في مرحلة التعافي الحالية.

«هيرميس» الحصول على قرض صندوق النقد لن يكون كافياً لدعم العملة

توقعت شركة المجموعة المالية «هيرميس» أن يشهد الجنيه المصري مزيداً من الضعف بسبب الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، مشيرة إلى أنه حتى في حال نجاح مصر في الحصول على قرض صندوق النقد، إلا أن ذلك لن يكون كافياً.

وفقد الجنيه المصري نحو 6 في المئة من قيمته منذ اندلاع ثورة 25 يناير ليسجل أعلى مستوياته في سوق الصرف الرسمية عند 6.10 جنيه مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بـ 5.75 جنيه قبيل اندلاع الثورة.

ويشير الخبير الاقتصادي محمد النجار إلى أن السعر الرسمي للجنيه المصري بلغ هذه الأيام أدنى مستوياته في تاريخه مقابل الدولار، مشيراً إلى أن الجنيه لم يهبط إلى هذا المستوى حتى وقت تحرير سعر الصرف في 2003.

وأضاف أن تدهور سعر الجنيه المصري سيكون له العديد من التداعيات السلبية على الاقتصاد تتمثل في ارتفاعات غير محدودة في أسعار السلع والمنتجات في السوق سواء المستوردة أو محلية الصنع، خصوصاً في ظل ضعف الرقابة على الأسواق، كما سيكون له أثر سلبي على ميزان المدفوعات، وسيزيد من تكاليف الاقتراض من الخارج عن معدلات الفائدة المعلنة نظراً لفروق الأسعار.

ورأى أن ارتفاع سعر الدولار إلى مستويات ما بين 6.20 إلى 6.25 جنيه تعتبر آمنة ومقبولة، وربما تأثير ذلك يكون مقبولاً على الأسعار، لكن زيادتها إلى معدلات أكبر قد يكون له انعكاسات سلبية شديدة وقد تؤدي إلى زيادة معدلات الفقر في مصر نظراً لانخفاض الدخول وارتفاع الأسعار المتوقع والذي لن يصاحبه زيادة في المرتبات نظراً للعجز الذي تعاني منه الموازنة العامة.

وأشار النجار إلى أن ترك حرية التحرك للجنيه المصري قد تكون من شروط صندوق النقد الدولي لمنح مصر قرض البالغ قيمته 4.8 مليار دولار.

مطالب بتوضيح خطة الحكومة تجاه سعر الصرف

طالب الخبير الاقتصادي محمد النجار الحكومة بضرورة دراسة تداعيات حرية تحرك الجنيه المصري بتأني وتوضيح خطتها تجاه سعر الصرف.

مشيراً إلى أن الدراسات تشير إلى أن كل زيادة بنسبة 1 في المئة في سعر الدولار سيؤدى إلى زيادة أسعار السلع والمنتجات في السوق بنسبة لا تقل عن 10 في المئة نظراً لأن ذلك سيؤدى إلى زيادات أخرى في تكلفة النقل والتأمين وغيرها من الخدمات التي تقدم للمنتج حتى يصل إلى المستهلك.

واتفق النجار على أن انخفاض قيمة الجنيه سيعزز من القدرة التنافسية للصادرات المصرية في الأسواق الخارجية، مشيراً إلى أن ذلك يبقى على الورق فقط، لكن يجب وضع في الاعتبار أن مصر في الأساس دولة مستوردة وليست مصدرة ولا يوجد لدينا منتجات عدة نسعى للمنافسة بها، وبالتالي التأثير الإيجابي المتوقع قد لا يتحقق.

واعتبر النجار أنه قبل فتح المجال لحرية تحرك الجنيه المصري في السوق، يجب تحقيق طفرة صناعية محلية يمكنها سد الحاجة للاستيراد من الخارج، إضافة إلى ت

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن