أكدت الدكتورة حصة الجابر الأمين العام لدول مجلس التعاون على أهمية أن يكون لدولة قطر وسائر الدول العربية صوتها المسموع في ظل التطور المتسارع لشبكة الإنترنت مشيرة إلى أن جمعية قطر للإنترنت لها دور حيوي في تطوير الإنترنت وهو هدف يتطلب تضافر جهود الجميع من أجله، حيث إن تعميق أواصر التعاون بالمنقطة في هذا المجال سيؤدي إلى تطور شبكة الإنترنت بالشكل الذي نرنو إليه.
وأشارت في كلمتها التى القتها أمس في مؤتمر آي نت قطر أن دولة قطر تتمتع بفرع هام لجمعية الإنترنت أسوة بالعديد من دول العالم، تقوده مجموعة من مختلف شرائح المجتمع القطري، إذ لدينا قادة بارزون في قطاعات الحكومة والأعمال والتعليم الأكاديمي، وأصبحنا نرى الطلاب والموظفين وقد صاروا نشطاء للإنترنت وقضاياها. وأكدت على أن ذلك التنوع الذي يميز أعضاء جمعية قطر للإنترنت من حيث خلفياتهم الاجتماعية ونوعية خبراتهم التقنية والعملية، لهو خير دليل على أهمية وقوة الإنترنت، فهي تفسح المجال للتعاون بين الجميع، وتشجعهم على طرح أفكارهم، وتمكّنهم من الإسهام بشكل مباشر في إحراز التقدم المنشود.
وأوضحت أن الإنترنت تُعد أفضل مثال عالمي على مدى قوة التعاون الدولي والحوار الهادف والبناء عندما يتم الإصغاء إلى جميع الأصوات دون إقصاء أي رأي. وكما نعلم جميعًا فليس ثمة نموذج موحد لحوكمة الإنترنت، إلا أن لدينا جهات غير حكومية باتت تعمل على تطوير الشبكة وبشكل حثيث ومنها هيئة الأرقام والعناوين المخصصة "الآيكان" ومنتدى حوكمة الإنترنت، وفريق العمل المعني بهندسة الإنترنت، إلى جانب جمعية الإنترنت.
وأشارت إلى أن الجهود المتواصلة من جانب بعض المؤسسات مثل جمعية الإنترنت لتشخيص أبرز قضايا الإنترنت، والوصول إلى آليات شاملة لمجابهتها، ووضع معايير للإنترنت تتلاءم وكافة شرائح المجتمع تعد جميعها مكونات أساسية لتحقيق النمو المستمر للإنترنت، وبناء مجتمع عربي معلوماتي حيوي وقوي.
وأضافت إن المؤتمر الذي نحضره اليوم قبل أيام قليلة من انطلاق المؤتمر العالمي للاتصالات الدولية التابع للاتحاد الدولي للاتصالات، والذي سيناقش نوعية الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات في تشكيل ملامح مستقبل الإنترنت. وبينما قد يرى البعض أن النموذج المركزي لحوكمة الإنترنت هو الأفضل، إلا أنني أرى أن النموذج اللامركزي هو الأفضل والأنسب، لأن الإنترنت الديمقراطية هي التي أتاحت إيجاد أقوى شبكة اتصالات في تاريخنا المعاصر.
وقالت الدكتورة حصة الجابر في الوقت الذي يبحث فيه البعض عن وسيلة لتنظيم الإنترنت، فإنني أقترح ألا نحاول التحكم فيما لا يمكن التحكم به؛ فبدلًا من أن ننشغل بمحاولة السيطرة على الإنترنت، فإنه يجدر بنا أن نستغل الفرص الرحبة التي يتيحها الإطار المفتوح للإنترنت في زيادة الشفافية، وبناء مجتمع يتمتع بمعرفة ودراية شاملة.
وطرحت تساؤلا حول كيف يمكننا تسخير قوة الإنترنت لتفعيل مجتمع المعلومات العربي ؟ وقالت "إن الطرق التقليدية التي سمعنا عنها سابقا تشير أنه يمكننا ذلك من خلال تهيئة البيئة المناسبة وتوفير المهارات اللازمة والمحتوى الكافي ولكن اليوم أود أن أذهب أبعد من ذلك قليلًا".
أولا إن توفير البيئة المناسبة لا يعني فقط توفير البنية الصحيحة أو امتلاك الأطر القانونية والسياسات الفعالة، بل يتضمن أيضًا كيفية إدارة هذه البنية التحتية وإتاحة النفاذ إليها. فيتوجب علينا إيجاد وسائل لمجابهة أية ممارسات مناهضة للمنافسة؛ سوأ من قبل الجهات الحكومية أو القطاع الخاص والتي من شأنها أن تحد من الوصول للبنية التحتية أو تمنع وجود منافسة حقيقية حول مختلف الخدمات المقدمة لجمهور المستهلكين. فعندما يقوم مقدمو الخدمات بوضع حدود على نوعية أو كمية المحتوى الذي يمكن للمستهلكين النفاذ إليه حتما سيضر بحيادية الإنترنت، وسنحرم جميعًا من الاستفادة بشكل كامل من تطبيقات الإنترنت المبتكرة والنفاذ الكامل إلى المعرفة كما يجب أن نوفر بيئة الإنترنت التي يكون للمستخدمين حق النفاذ إلى المحتوى القانوني من خلالها كما نحتاج الى حماية حرية التعبير وحرية الإعلام، وهو ما يتطلب التخلي عن المبالغة في تنظيم الإنترنت، والمساعدة على إيجاد مجتمع رقمي يتمتع أفراده بالاحترام والأمان.
والأمر الثاني امتلاك المهارات المناسبة لا يعني فقط وجود المهارات اللازمة لاستخدام وإنشاء المحتوى على شبكة الإنترنت بل أيضا يعني وجود المهارات اللازمة لتمييز المعلومات المتاحة على الإنترنت ووضعها في السياق. وأضافت : إن ديمقراطية المعلومات قد بدأت بالفعل مع الإنترنت. غير أننا ندرك أيضا أن البعض يسيئ استخدام هذه الديمقراطية. ويكمن الخطر في أن هذه الحرية قد تفرقنا إذا قمنا بفلترة الأصوات التي لا تتفق معنا، ونقتصر على الإصغاء إلى تلك التي تتفق معنا وحسب. لقد أتيح للجيل الذي أنتمي إليه مصادر أقل للحصول على المعلومات، لكن كان علينا التفكير بشكل نقدي في المصادر، ووجهات النظر، والتحيزات والأحكام المسبقة. واليوم نواجه وابلا من المعلومات المغلوطة وغير الصحيحة جنبًا إلى جنب مع المحتوى الدقيق والصائب. لذا، يتوجب علينا بناء ثقافة إعلامية ضمن مناهجنا التعليمية، وغرس قيم التسامح ومهارات التفكير النقدي فضلًا عن تعليم أبنائنا كيفية تقبل كافة وجهات النظر منذ نعومة أظافرهم.
واختتمت قائلة إن الوصول إلى المحتوى الصحيح لا يعني فقط زيادة المحتوى العربي على الإنترنت ولكن أيضا تهيئة البيئة الرقمية المواتية التي تساعد على تطوير صناعة هذا المحتوي بطابع محلي، الأمر الذي يتطلب منا إيجاد طرق محفزة للأعمال فضلا عن توفير العوامل المالية المساعدة للأعمال القائمة ورواد الأعمال لدخول هذه الساحة. لا يمكن النظر إلى جمهور مستخدمي الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عندما يتعلق الأمر بالأخبار والمعلومات على أنه مجرد مستهلك سلبي غير منتح؛ إذ أن المدونات والمنتديات الألكترونية وخدمات تبادل الملفات - والتي تتسم جميعا بعنصري المشاركة والتفاعل- باتت تتصدر قوائم المواقع الإلكترونية الأكثر شعبية، وهو ما يعد مؤشرا عن مدى توافر صناعة قوية للمحتوى العربي يمكن النهوض بها والبناء عليها.
وأضاف إن ما طرحته عليكم من قضايا ليست سوى جانبًا من عديد القضايا الناشئة التي يتوجب علينا التصدي لها بشكل جماعي في مسيرة جهودنا لجعل الانترنت أداة قوة حقيقية لخدمة المجتمع. لا شك ان الكثير من الحلول والمقترحات للتحديات التي نواجهها تنطوي على أبعاد إقليمية وأخرى محلية، لكن وكما نعلم فإنه لا حدود للمعلومات والمعرفة في عصر الإنترنت الذي نعيشه، حيث زالت كل الحواجز التي كانت تحول دون المستخدم والمعلومة. وبرغم ما يثمر عنه ذلك من نتائج إيجابية، تظل هناك تحديات يجب على المجتمع الدولي التعامل معها. إنني أرى أن مثل هذا المؤتمر الذي نحن بصدده اليوم يمثل بداية مهمة في هذا الاتجاه وكما أشرت من ذي قبل أنه لمن المهم أن تشارك دول المنطقة العربية في مثل هذه المناقشات والفعاليات بشكل أوسع.
وأشارت إلى أن الإنترنت أحدث تحولًا كبيرًا في ملامح دولتنا الحبيبة قطر وعالمنا العربي، وواجبنا أن نضمن استمرارية هذا التأثير الإيجابي للإنترنت بشكل شمولي تقود مجتمعنا إلى ما هو أفضل، ولكن التقدم لا يعني أبدًا أن نفقد هويتنا وتراثنا، بل يجب أن نمضي قدمًا مع الحفاظ على هويتنا وتقاليدنا مع تحسين نوعية حياتنا.
وأوضحت أن الطبيعة المفتوحة لشبكة الإنترنت هي سر جماله وقوته، وهذا الانفتاح الذي تتمتع به شبكة الإنترنت سيأخذنا إلى آفاق أوسع للابتكار الذي قد يغير العالم، ويتيح المزيد من الابتكار والتعاون والقدرة على إزالة جميع الحواجز وقالت الدكتورة حصة الجابر معًا سنُحدث تغييرًا إيجابيًا يخدم أمّتنا ويجعل من الإنترنت مصدر تمكين بأيدي الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج.
وكان مؤتمر الإنترنت العالمي والذي نظمه جمعية الإنترنت في قطر بدعم من المجلس الأعلى للاتصلات في قطر وجامعة كارنيجي ميلون قطر ٢٠١٢ ناقش عددًا من أبرز قضايا الإنترنت والتي اهتمّت مدوّنة ديجيتال قطر بتغطيتها على مدار الفترة الماضية ومنها: تطوير المحتوى العربي على الإنترنت ووضع الإنترنت في العالم العربي.
اتجاهات مستخدمي الإنترنت العربي وحوكمة الإنترنت في العالم العربي
ويُعد هذا المؤتمر باكورة المؤتمرات التي تقيمها جمعية الإنترنت العالمية في الوطن العربي، بعد إقامة مؤتمرات مشابهة مثل آي نت مدريد وآي نت تالين وآي نت بانجالور في إيطاليا والهند وغيرهما من دول العالم.
وشهد المؤتمر عروضًا تقديمية لخبراء بارزين ومجموعة من صنّاع القرار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات محليًا ودوليًا ومنهم: الأمين العام للمجلس الأعلى للاتصالات، الدكتورة حصة الجابر، وقصي الشطي، نائب رئيس مجلس إدارة تقنية المعلومات الكويت، الدكتور عماد حبالله، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم الاتصالات في لبنان، ومينا ناجى، المؤسس المشارك لمبادرة تغريدات، وخالد قوبعة، مدير السياسة لجوجل في شمال أفريقيا. كما سيشارك البروفيسور ويليام دوتون من جامعة أكسفورد، وتايلور رينولدز، كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون والتنمية، والدكتور روبرت بيبر، نائب الرئيس، سياسة العالمية التكنولوجيا، وسيسكو.