قبل نحو ثلاثة أسابيع, أعلن وزير العدل المصري المستشار أحمد مكي أن وزيرين بريطانيين وعداه بإستصدار قانون جديد من الاتحاد الأوروبي يتيح للدول الأعضاء رد أي أموال مملوكة لمسئولين فاسدين مصريين إلي مصر تلقائيا دون الانتظار لصدور أحكام نهائية من القضاء المصري تؤكد فساد مصدر هذه الأموال.
وحسبما قاله مكي في مقابلة تليفزيونية, فإن سفراء ووزراء دول أوروبية, مثل سويسرا وإسبانيا, أبلغوه بأن القانون الجديد سوف يصدر بحلول شهر يونيو المقبل. وتبع ذلك, تأكيد النيابة العامة المصرية تلقي وعدا من دول أوروبية مختلفة, منها بريطانيا, بذلك. غير أن لبريطانيا رواية مختلفة تنفي وجود أي أساس لوجود اتصالات مع مصر يمكن أن يفهم منها أن المسئولين البريطانيين بصدد اصدار مثل هذا القانون, الذي تحدث عنه المستشار أحمد مكي. لم نعد المصريين بأي شئ, يقول البريطانيون الذين أكدوا وجود نية لتغيير القوانين الحالية, لا نعرف من أين جاء الوزير المصري بهذا الكلام, قال مسئول بريطاني مطلع علي ملف الأموال لـ الأهرام, مضيفا لا نزال ملتزمين بالإجراءات القضائية والقانونية المتبعة في بريطانيا. وأكد' لم نقدم مثل هذه الوعود للحكومة المصرية. تجميع الأدلة وحسب معلومات الأهرام, فإن البعثة البريطانية لدي الاتحاد الأوروبي ليست طرفا في أي مساعي تستهدف استحداث أي ترتيبات جديدة تتعلق بالأموال المهربة من دول الربيع العربي, ومن بينها مصر. وأكدت الخارجية البريطانية ذلك رسميا. وقال متحدث باسمها' لسنا علي دراية بأي عمل يجري الآن في الاتحاد الأوروبي لسن تشريعات أو قوانين جديدة تتعلق برد الأموال المسروقة', ويستند الموقف البريطاني إلي أنه لايمكن تجاوز القوانين الوطنية التي تنظم طرق إعادة الأموال المسروقة. والمبرر القانوني هو أن تغيير القانون بحيث يسمح برد الأموال تلقائيا إلي مصر, بمجرد أن تقول السلطات المصرية إنها مسروقة, من شأنه أن يحرم الأشخاص المسجلة هذه الأموال بأسمائهم من حقوقهم القانونية في إمكانية إثبات شرعية وسائل الحصول علي هذه الأموال. يقول المتحدث باسم الخارجية البريطانية: بينما لا نعتقد بأن هناك ضرورة لتغيير تشريعات المملكة المتحدة المحلية بما يسمح بعودة الأصول المسروقة إلي مصر, فإنه لا تزال هناك عملية قانونية سيؤدي الافتئات عليها إلي حرمان الأشخاص من حقوقهم. ويضيف إن' القوة الخاصة التي شكلتها المملكة المتحدة لتولي ملف استعادة الأموال يمكن البناء عليها وتسريع جهودها لتعقب الأموال وتجميع الأدلة, وفي النهاية إعادة الأموال التي يثبت أنه أسئ استغلالها. وقال المتحدث لا نري ضرورة لتغيير الإجراءات القانونية لا تزال سارية ولا يمكن الالتفاف حولها, لأن أي التفاف سوف يحرم الأشخاص من الحقوق القانونية( بما فيهم الأشخاص المجمدة أموالهم في بريطانيا). سأل الأهرام المسئولين البريطانيين عن تفسير لتصريحات الوزير, التي جاءت بعد زيارة جيرمي براون وزير الدولة البريطاني لمكافحة الجريمة المسئول القوة الخاصة للقاهرة, فقالوا يبدو أن هناك سوء في التفاهم والاتصالات( بين الجانبين المصري والبريطاني).
شركات وهمية
ووفق السوابق, يصعب أن تقر دول الاتحاد الأوروبي أي مشروع قانون جديد بشأن رد الأموال لدول الربيع العربي دون موافقة بريطانيا. ففي شهر مارس عام2011, لعب بريطانيا دورا فاعلا قاد إلي إصدار التشريع الأوروبي بتجميد أرصدة19 شخصية مصرية, من بينهما عائلة الرئيس المخلوع حسني مبارك, وبعد صدور التشريع في21 مارس2011, عدلت بريطانيا قوانينها الداخلية بما يضمن تجميد أرصدة هؤلاء الـ19 ولكن دون حرمانهم من حقوقهم القانونية في استخدام الطرق القانونية لإثبات شرعية مصدر أرصدتهم المجمدة.
وفي مواجهة الانتقادات المستمرة لبطء الإجراءات, اعترف المتحدث البريطاني بأن العملية يمكن أن تكون معقدة وطويلة', التحقيقات الحالية في أموال الشعب المصري التي هربت إلي بريطانيا خلال عهد مبارك ليست أقل تعقيدا, كما يقول المسئولون البريطانيون, وقال أحدهم لـ'الأهرام' إن التحقيقات الجارية التي يباشرها المحققون في القوة الخاصة المكلفة بملف رد الأموال بالتعاون الوثيق مع السلطات المصرية خلال الشهور الأخيرة أثبت أن الأصول المسروقة تخبأ غالبا باستخدام شركات وصناديق وهمية لإخفاء المالك الحقيقي. ويري البريطانيون أنه فيما يتعلق بهذا العمل بالتحديد, فإن التنسيق المتزايد بين القوة البريطانية الخاصة والسلطات المصرية ضروري ولا يقدر بثمن. والمقصود بالتنسيق, حسب الرؤية البريطانية, هو أن تؤدي سلطات الرقابة والتحقيق المصرية دورها في تزويد السلطات البريطانية بأي معلومات عن أي أموال مصرية في بريطانيا, ويقول المتحدث باسم الخارجية البريطانية' بمجرد أن تقدم معلومات إلي القوة الخاصة عن مكان إخفاء الأصول المسروقة في المملكة المتحدة, فإنه يجري التحقيق فيها بشكل شامل وعاجل.