سجلت الأسهم السعودية في العام الماضي أسوأ أداء منذ عام 2008، بضغط من معظم القطاعات والأسهم، لتغلق عند 6911 نقطة بخسائر وصلت نسبتها 17 في المائة وبذلك فإن السوق تفقد نحو 233 مليار ريال من قيمتها السوقية.
جاء الأداء متوافقا مع التقرير السنوي السابق، حيث أشير فيه إلى أن السوق لن تسجل مستويات أعلى مما سجلتها في العام السابق (2014) وأن السوق ستصل إلى مستويات ستة آلاف نقطة عند كسر الدعم 7225 نقطة، وأعلى ما حققته السوق خلال العام الماضي عند 9897 نقطة بفارق 0.3 في المائة عن المقاومة المذكورة في التقرير عند 9925 نقطة، كما توقع أن يتراجع نمو القطاع الخاص، وأظهر بيان الميزانية العامة تراجع نمو القطاع الخاص من 9.1 في المائة بالأسعار الجارية إلى 5.8 في المائة.
السوق كانت رابحة نحو 19 في المائة حتى نيسان (أبريل) الماضي إلا أنها تعرضت لموجة جني أرباح حادة أفقدتها نحو ثلث قيمتها لتصل إلى أدنى نقطة بخسائر 20 في المائة إلا أن السوق استطاعت أن تعوض جزءا من الخسائر في نهاية العام.
تحرك السوق السلبي جاء متأثرا من عدة عوامل، أبرزها تراجع ربحية الشركات، حيث انخفضت بنحو 14 في المائة في الأشهر التسعة الأولى، كما أن أسعار النفط تراجعت، حتى أنهى خام برنت العام بخسائر تتجاوز 30 في المائة.
ولا تزال العوامل المؤثرة على السوق في العام السابق مستمرة في العام الجاري، حيث ربحية الشركات لا تزال تأخذ منحنى سلبيا، خاصة مع التطورات الأخيرة، من رفع أسعار الفائدة التي من المتوقع أن يستمر الرفع بنحو 100 نقطة أساس خلال العام المقبل، وهذا سيشكل ضغطا على أسعار الفائدة بين المصارف السعودية "السايبر" الذي يعد معيارا لتحديد تكلفة القروض، كما أن طرح السندات الحكومية أخيرا زاد الضغوط على "السايبر" مع ارتفاع أسعار الفائدة، ما أدى إلى تزايد حدة ارتفاعه. وأشارت وزارة المالية إلى أن الحكومة ستراعي أوضاع القطاع المالي عند طرح السندات وستخفف الطلب على الائتمان من خلال زيادة الديون من خلال سيولة خارجية. وارتفاع أسعار الفائدة بنسب حادة سيشكل ضغطا على هوامش الربحية، وسيحد من اتجاه الشركات إلى توسيع نطاق أعمالها بالدين. كما أن ارتفاع تكلفة الاقتراض لا شك أنه سيقلل من السيولة الداخلة في السوق، ويقل تفضيل المستثمرين الاقتراض لأجل الاستثمار، وذلك ملاحظ خلال الفترات الماضية.
ومن التحديات التي ستواجهها الشركات، الإصلاحات الاقتصادية، ومن أبرزها تعديل أسعار الطاقة ومواد اللقيم والمياه، وحتى الآن لم تكتمل دراسات الشركات عن الأثر المتوقع على ربحيتها. ويتوقع أن يكون القطاع البتروكيماوي أكثر القطاعات تأثرا بالمستجدات المحلية والدولية، إذ إنه لا يزال القطاع غير القادر على رفع صادراته إلى الأسواق الخارجية وتظهر الإحصاءات الشهرية من هيئة الإحصاءات العامة، استمرار تراجع الصادرات البتروكيماوية في ظل ارتفاع قيمة الريال، خاصة إلى السوق الصينية التي تشكل أبرز العملاء. كما أن أسعار منتجاته لا تزال منخفضة مع استمرار تراجع النفط، الذي قد يستمر في المستويات السعرية المنخفضة في ظل التحديات التي يواجهها من ارتفاع قيمة الدولار وتخمة المعروض مع النمو الضعيف للطلب وسط تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالم، وقد تصل أسعار خام برنت إلى مستويات 25 دولارا في حال فقد مستويات 36 دولارا، وفرص عودته إلى أسعار قريبة من 100 دولار تبدو غير ممكنة خلال العام الجاري. كما أن ارتفاع مدخلات الأنتاج وتعديل أسعار اللقيم ستضغط على الهوامش الربحية، خاصة مع توقع المزيد من التعديل خلال الفترة القادمة حتى تقترب الأسعار المحلية من العالمية. يذكر أن القطاع لم يعد يسهم بشكل كبير كما كان سابقا، حيث كان القطاع أكبر المساهمين في الأرباح المجمعة للسوق، إلا أنها انخفضت إلى نحو الثلث حتى نهاية الربع الثالث، وأصبح القطاع المصرفي يسهم بنحو نصف ربحية السوق.
القطاع المالي هو الآخر الذي سيواجه تغيرات قد تحد من ربحيته، في ظل تراجع نمو القطاع الخاص، والارتفاع المتوقع لأسعار الفائدة ما سيحد من الطلب على الائتمان من قطاع الأفراد بغرض الاستهلاك أو الشركات بغرض الاستثمار. ونظرا للسياسة المتشددة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، لن يواجه القطاع المالي تهديدا على سلامته، حيث يرتفع في المصارف نسب تغطية الديون المتعثرة، ولا تزال نسب الديون المعدومة منخفضة.
فنيا، السوق ستميل إلى الاستقرار ومحاولة الارتفاع إلى مستويات 8300 أو حتى 9450 نقطة، في حال استمرار تداولها أعلى من 6600 نقطة التي تشكل حاجز دعم مهما، يمنع السوق من الانزلاق إلى موجة تراجعات حادة في حال كسرها قد تصل به إلى مستويات 5700 نقطة على الأقل، وفي حال ساءت الأحوال بعدم قدرة الشركات على تحقيق نمو في الأرباح وانخفاض الأرباح الموزعة، مع تفاقم العجز العام مما يحد المالية العامة إلى السير نحو التقشف، فإن عودة المؤشر إلى مستويات 3990 نقطة ستبدو ممكنة حينها.
الأداء العام للمؤشر
افتتح المؤشر العام عند 8333 نقطة، واتجه نحو أعلى نقطة في السنة عند 9897 نقطة رابحا حينها 1564 نقطة بنسبة مكاسب بلغت 19 في المائة، ثم دخلت السوق موجة تصحيحية فقد المؤشر خلالها 32 في المائة من قيمته، ليصل إلى أدنى نقطة عند 6672 وحينها بلغت الخسائر منذ مطلع العام 20 في المائة، لتصل إلى أدنى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر) 2012، ثم بدأت في تعويض الخسائر حتى أنهت العام عند 6911 نقطة بخسائر بلغت 17 في المائة. وسجلت السوق أكبر خسائر يومية في 23 آب (أغسطس) بنحو 550 نقطة بنسبة انخفاض بلغت 7 في المائة، أما أعلى مكاسب تمت بعدها بيومين بنحو 7 في المائة لتكسب خلالها 518 نقطة، وتعد تلك أكبر ارتفاع يومي منذ 2008.
نشاط السوق
تراجعت قيم التداول 23 في المائة، لتتراجع من 2.1 تريليون ريال في عام 2014 إلى 1.7 تريليون ريال في العام الماضي. وبلغ المتوسط اليومي للسيولة 6.6 مليار ريال مقابل 8.5 مليار ريال في العام السابق بنسبة انخفاض 23 في المائة. بينما كانت أعلى تداولات يومية تمت في 19 نيسان (أبريل) الماضي بقيمة 14.8 مليار ريال، أما أدنى قيمة تداولات تمت في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي بقيمة 2.5 مليار ريال، وتعد تلك أدنى مستوى في أكثر من أربع سنوات.
بلغ عدد الأسهم المتداولة خلال عام 2015 نحو 66 مليار سهم مقابل 71 مليار سهم تم تداولها خلال العام السابق بنسبة انخفاض بلغت 6 في المائة. أما المتوسط اليومي للأسهم المتداولة بلغ 263 مليون سهم مقابل 282 مليون سهم في العام السابق بنسبة انخفاض 7 في المائة.
بلغت الصفقات المنفذة 30 مليون صفقة مقابل 36 مليون صفقة تم تنفيذها خلال العام السابق بنسبة انخفاض بلغت 15 في المائة.
يذكر أن معظم النشاط تركز خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) وحتى نيسان (أبريل) الماضيين، ثم بدأت السوق تخفض من نشاطها في بقية شهور السنة.
القيمة السوقية
بلغت القيمة السوقية في نهاية العام الماضي نحو 1.6 تريليون ريال مقابل 1.8 تريليون ريال في العام السابق بنسبة انخفاض بلغت 13 في المائة، وتعد قيمة السوق هي الأدنى منذ 2013. يذكر أن أعلى قيمة للسوق كانت في عام 2005 عند 2.4 تريليون ريال، ثم توالى الانخفاض على قيمة السوق حتى وصل إلى 924 مليار ريال في 2008 عندما اشتدت الأزمة المالية العالمية حينذاك، ثم بدأت السوق في رفع قيمتها حتى وصلت إلى 1.8 تريليون ريال وكان ذلك في عام 2014.
النشاط القطاعي
تداولت السوق 15 قطاعا، ارتفعت أربعة قطاعات مقابل تراجع 11 قطاعا، تصدر المرتفعة "الإعلام والنشر" بنسبة 57 في المائة، يليه "النقل" بنسبة 7 في المائة، وحل ثالثا "الطاقة" بنسبة 1.4 في المائة. أما المتراجعة فتصدرها "الأسمنت" بنسبة 34 في المائة، يليه "التشييد والبناء" بنسبة 30 في المائة، وحل ثالثا "البتروكيماويات" بنسبة 27 في المائة. كان قطاع التأمين أنشط القطاعات من حيث عدد الصفقات المنفذة، حيث بلغت نحو 6.67 مليون صفقة تمثل 22 في المائة من إجمالي عدد الصفقات المنفذة خلال العام، وحل ثانيا قطاع الصناعات البتروكيماوية بنحو 3.35 مليون صفقة بنسبة 11 في المائة، وجاء قطاع المصارف والخدمات المالية في المرتبة الثالثة بنحو 2.84 مليون صفقة بنسبة 9 في المائة.
أما من حيث قيمة الأسهم المتداولة، فقد كان قطاع المصارف والخدمات المالية في الصدارة بالقيمة بنحو 295 مليار ريال تمثل 18 في المائة من إجمالي قيمة الأسهم المتداولة خلال العام، وحل ثانيا قطاع الصناعات البتروكيماوية بنحو 270 مليار ريال بنسبة 16 في المائة، وجاء قطاع التأمين في المرتبة الثالثة بنحو 210 مليارات ريال بنسبة 13 في المائة.
وكان قطاع التطوير العقاري أنشط القطاعات بعدد الأسهم المتداولة، حيث بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع نحو 14 مليار سهم تمثل 21 في المائة من إجمالي عدد الأسهم المتداولة خلال العام، يليه قطاع المصارف والخدمات المالية بنحو 12 مليار سهم بنسبة 19 في المائة، وحل ثالثا قطاع الصناعات البتروكيماوية بنحو تسعة مليارات سهم تمثل 14 في المائة.
نشاط الشركات
في نهاية العام بلغ عدد الأسهم المتداولة 166 سهما، ارتفع 30 سهما بنسبة 18 في المائة مقابل تراجع 82 في المائة.
تصدر المرتفعة سهم "الأبحاث والتسويق" بنسبة 247 في المائة ليغلق عند 57.77 ريال، يليه "مبرد" بنسبة 110 في المائة ليغلق عند 70.67 ريال، وحل ثالثا "التعاونية" بنسبة 59 في المائة ليغلق عند 79.24 ريال. بينما المتراجعة على رأسها "تهامة" بنسبة 67 في المائة ليغلق عند 29.81 ريال، يليه "سوليدرتي تكافل" بنسبة 63 في المائة ليغلق عند 7.43 ريال، وحل ثالثا "التصنيع" بنسبة 60 في المائة ليغلق عند 10.61 ريال. بينما كان سهم "الإنماء" الأكثر تداولا بالقيمة بنحو 182 مليار ريال، يليه "سابك" بقيمة 135 مليار ريال، وحل ثالثا "دار الأركان" بقيمة 77 مليار ريال. ومن ناحية التداول بالكمية تصدر القائمة "الإنماء" بنحو 9.4 مليار سهم متداول، يليه "دار الأركان" بنحو تسعة مليارات سهم، وكان "كيان السعودية" ثالثا بنحو 2.7 مليار سهم متداول.
تطورات السوق المالية
واصلت هيئة السوق المالية في تطوير السوق المالية وتعزيز الشفافية والإفصاح. وفتحت المجال للمؤسسات المالية الأجنبية لشراء وبيع الأسهم المدرجة في السوق، كما اعتمد مجلس الهيئة في شهر أيار (مايو) الماضي القواعد المنظمة لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة في الأسهم المدرجة. وسمح ابتداء من يوم الثلاثاء 15 حزيران (يونيو) الماضي للمستثمرين الأجانب المؤهلين بالاستثمار في الأسهم، الأجانب حتى الآن تداولاتهم ضعيفة ولم يسهموا في رفع حجم التداولات أو حصصهم في الشركات المدرجة. ووافقت الهيئة على طرح وحدات صناديق الاستثمار بنحو 26 صندوقا استثماريا جديدا، ليصبح إجمالي عدد الصناديق المرخصة 265 صندوقا. كما أضافت الهيئة خمس رخص لأشخاص مرخص لهم ليصبح الإجمالي الكلي للتراخيص 495 رخصة موزعة على 88 شخصا مرخصا.
الاكتتابات
أنهت السوق عام 2015 بأقل عدد للأطروحات الأولية منذ عام 2006، حيث بلغ عدد الاكتتابات أربعة اكتتابات فقط مقابل خمسة العام الماضي، وكان أعلى عام سجلت السوق فيه زيادة في الشركات المدرجة عام 2007 بـ 27 طرحا أوليا. وبلغ عدد الاكتتابات منذ تأسيس هيئة السوق المالية عام 2004 حتى الآن 91 اكتتابا، وقبلها 80 اكتتابا. وانخفضت قيمة الطرح العام للأسهم 83 في المائة لتبلغ 4.1 مليار ريال هذا العام، مقابل 25.2 مليار ريال في العام الماضي، ويعود سبب التراجع إلى ضخامة طرح مصرف الأهلي. بينما القيمة بين عام 2009 وحتى 2013 تراوح ما بين 1.7 و5.3 مليار ريال.
وكانت الاكتتابات هذا العام ستبلغ خمسة اكتتابات إلا أن إلغاء الهيئة في منتصف العام الجاري اكتتاب "الشركة العربية للتعهدات الفنية" حال دون ذلك.
وقالت الهيئة: إن الشركة طلبت إلغاء طرح أسهمها ليتسنى لها تقييم معلومات جوهرية مستجدة عن الشركة لم يتم الإفصاح عنها في مسودة نشرة الإصدار المقدمة للهيئة، ولتتمكن الشركة من دراسة أثرها في عملياتها وأدائها المالي. يذكر أن الشركة كانت تنوي إدراج 30 في المائة من رأسمالها في السوق، وبعدد أسهم مطروحة بلغت 16.5 مليون سهم.
وافتتحت السوق الأولية هذا العام باكتتاب شركة الشرق الأوسط لصناعة وإنتاج الورق "مبكو"، بطرح 30 في المائة برأسمال يبلغ 50 مليون ريال بسعر 30 ريالا ليجمع 450 مليون ريال، يليه "ساسكو" بطرح ثلث رأس المال البالغ 240 مليون ريال، بقيمة 70 ريالا للسهم ليجمع 450 مليون ريال، ثم اكتتاب "الخدمات الأرضية" بطرح بنسبة مماثلة للاكتتابات السابقة بقيمة 50 ريالا للسهم، ليجمع 2.8 مليار ريال، وذلك بحصيلة بيع 56.4 مليون سهم، وهو أعلى مبلغ تم جمعه هذا العام، وأخيرا شركة "الأندلس" بطرح 30 في المائة من رأس المال البالغ 700 مليون ريال بسعر 18 ريالا لجمع 378 مليون ريال.
اقرأ أيضاً:
لأول مرة في تاريخ سوق الأسهم السعودية.. تداول سهم شركة مدرجة بـ «ريال»
سوق الاسهم السعودية غير جاهزة لدخول المستثمربن الأجانب قبل 2017