أثار انخفاض أسعار النفط وقيمة الدولار خلال العامين الماضيين، الشكوك حول استمرار ربط عملات الخليج بالدولار، ولا يزال الخبراء الاقتصاديون والمستثمرون يتساءلون عما إذا كانت حكومات دول التعاون، ستلجأ إلى فك ربط عملتها بالدولار أم لا.
فيما رأى “معهد التمويل الدولي”، أنه يجب وضع مركز المالي لدول مجلس التعاون على أساس أكثر استدامة، والحفاظ على ربط عملاتها بالدولار، على الأقل لخمسة أعوام قادمة، استناداً إلى:
1- انخفاض معدلات الدين الحكومي، 2- الاحتياطات المالية الكبيرة، 3- الانضباط المالي الكبير المخطط له، 4- التعافي المتواضع في أسعار النفط العالمية.
وذكر تقرير المعهد الذي حمل عنوان “دول مجلس التعاون الخليجي: ربط العملات بالدولار سيستمر”، أن حكومات الخليج لا تزال ملتزمة بربط عملتها بالدولار، مشيراً الى أن الربط ظل على حاله حتى في أصعب الظروف، لا سيما خلال التسعينات حين هبطت الأصول الأجنبية دون مستوياتها الحالية من حيث تغطية الواردات كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وكانت معدلات الدين الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى بكثير، بحسب صحيفة “القبس”.
وأفاد التقرير، أن طرق الانضباط المالي في الكويت، وقطر، والإمارات يمكن أن تكون تدريجية، نظراً إلى ما تتمتع به من احتياطات مالية كبيرة، وتدني أسعار نقطة التعادل المالية للنفط، التي يمكن أن تقلص مخاطر الآثار العكسية على النشاط الاقتصادي.
ولفت التقرير إلى أن دول التعاون استجابت حالياً لاحتمال استمرار هبوط النفط، عبر الدفع قُدماً بالإصلاحات المالية المطلوبة.
واعتبر “معهد التمويل”، أن التزام دول التعاون بالدفاع عن ربط عملاتها يعكس المزايا المحدودة من معدلات الصرف المرنة، كما أن ربط العملات الخليجية بالدولار، وبفضل مرونة سوق العمل، أضاف المصداقية للسياسة النقدية الخليجية، وساعد على انخفاض معدلات التضخم وتقلبه.
وتعد العملات الخليجية اليوم منحرفة بوضوح عن أساسياتها الاقتصادية، إذ انخفضت أسعار الصرف الفعلية الحقيقية المتوازنة بشكل كبير خلال العامين الماضيين، بسبب خسائر التبادل التجاري الكبيرة، نتيجة هبوط أسعار النفط، لكن أسعار الصرف الحقيقية الفعلية ارتفعت بفضل ارتفاع قيمة الدولار.
وعلى خلفية هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014، تقلّص الإنفاق الحكومي لدول التعاون بمعدل 12% خلال 2015، مقارنةً مع متوسط الزيادة السنوية البالغ 11% بين 2003 و2014، ومن المتوقع استمرار التراجع هذا العام.
وتحمّلت الاستثمارات الحكومية عبء الانضباط المالي، إذ تم إلغاء المشاريع ذات الأولوية المتدنية، كما طرأ تخفيضٌ أو إلغاءٌ على الدعم، واحتواء الأجور عبر تقليص أعداد العمالة الأجنبية في القطاع الحكومي.
واستناداً لانخفاض الإنفاق خلال 2016 و2017، وتجميد مستوى الإنفاق للفترة التي تلي 2017، من المتوقع تراجع معدل الإنفاق الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ليبلغ 45% بغضون 2020، مقارنة بذروته نهاية 2014 حين سجل 64%.
وحذّر محللون في وقت سابق، من أن فك ارتباط عملات دول الخليج بالدولار سيفقدها 20% من قيمتها، وسيؤدي إلى تعزيز الإيرادات النفطية وقيمة الاحتياطات النقدية لتلك الدول بموازاة عملاتها المحلية.
وأظهر تقرير وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني، أن خفض قيمة العملة عادةً ما يؤدي إلى تضخم مرتفع، وخفض مستوى المعيشة، وبالتالي تهديد الاستقرار الاجتماعي.
وتوقع رئيس البحوث في “مركز الكويت المالي” أم آر راغو، أن يؤدي تحرير سعر الصرف إلى خروج رؤوس الأموال من الخليج، لأن المستثمرين سيرغبون بنقل أصولهم إلى أسواق أخرى، ما يزيد التذبذبات وعدم اليقين المالي في المنطقة، معتبراً أن وضع حد لربط العملات الخليجية بالدولار سيحصل فقط في حال كان خطوة أخيرة.
ومن وجهة نظر، الرئيس التنفيذي ومؤسس “ديفيري غروب” نيغل غرين، فإن خفض قيمة الدرهم سيكون له مزايا رئيسية، إذ ستصبح صادرات السلع بالعملة المحلية أقل تكلفة للمشترين الأجانب، ما يشجع على خلق فرص عمل في عدة قطاعات، بما في ذلك السياحة والعقارات، وبالتالي تعزيز الطلب المحلي عبر النمو الاقتصادي على نطاق أوسع.
وأخيراً، من السهل تحديد الخاسرين نتيجة تخفيض قيمة العملة، وهم الشركات والأفراد أصحاب الديون المقومة بالدولار، والقطاعات التي تعتمد على الواردات، ولكن من الصعب تحديد المستفيدين المحتملين مستقبلاً، ما يعني أن اتخاذ مثل هذه السياسة يتطلب دراسة لوقت أطول، كما تعتمد على مسار أسعار النفط من الآن فصاعداً.
اقرأ أيضاً:
الإمارات تتصدر دول الخليج باحتياطيات تتجاوز 1,214 تريليون دولا
انخفاض أسعار النفط هل سيجبر دول الخليج على فك ربط عملاتها بالدولار؟
الإيكونوميست: دول الخليج قد تتجه للأسوأ بعد النفط