اختبار التحمل والأرباح يحركان سوق السلع

تاريخ النشر: 26 يوليو 2010 - 08:37 GMT
البوابة
البوابة

جاء النشاط السوقي خلال الأسبوع الماضي مدفوعاً في المقام الأول بموسم الأرباح الأمريكي وانتظار محصلة اختبار تحمل البنوك الأوروبية.
وحققت الشركات الأمريكية عموماً نتائج عن الربع الثاني تساوي أو تفوق التوقعات السوقية، مما أدى بدوره إلى دعم أسواق الأسهم. أما على الجانب المقابل، فقد قال رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بيرنانكي إن التوقعات الاقتصادية ما زالت غير مؤكدة بشكل غير مألوف، ولكنه أعلن أنه مستعد للتدخل. ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي، فإن استمرار الأرقام الضعيفة الأمريكية يمكنه أن يسفر عن إجراء إضافي بخصوص السياسات.
وفي هذه الأثناء في أوروبا، جاء إطلاق اختبار تحمل البنوك الأوروبية الذي طال انتظاره ليبقي على الأسواق في حالة تخمين بشأن محصلة هذا الاختبار. وقد برز التشكك في جدوى التقرير حيث إن الأسئلة المهمة ربما لا يتم طرحها. وهذه الأسئلة من قبيل: كيف سيكون أداء الأسواق في حالة اضطرار الأمة الضعيفة إلى إعادة ترتيب ديونها وماذا سيحدث إذا اشتد الركود عمقاً. ويجب أن يتمخض هذا الاختبار في نتيجته عن إخفاق عدد مدعاة للثقة من أصل 91 بنكا يجري اختبارها، وإلا فإن الإجراء بأكمله سوف يعاني من خطر تحقيق نتائج عكسية مما يؤدي إلى تجدد النفور من المخاطر.
شهدت السلع على وجه العموم أسبوعا هادئا فيما حقق مؤشر رويترز جيفريز سي آر بي مكسبا بنسبة 1 في المائة، وقد جاء هذا بالدرجة الأولى على خلفية الانتعاش القوي في أسعار النحاس والنفط الخام والسكر. وأما البيع المكثف الذي شهده الكاكاو والبن والذرة فقد حدّ من تحقيق مكاسب ارتفاعية. وقد ارتفع المؤشر حتى الآن بنسبة 8 في المائة ليصل إلى 267 نقطة من أدنى مستوياته في مايو، ولكنه سيجد مقاومة في اتجاه مستوى 270 نقطة.
ذكرت وكالة الطاقة الدولية، التي تعمل كمستشار للطاقة لمعظم اقتصادات العالم الكبرى، إن الصين تقدمت على الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها أكبر مستهلك للطاقة في العالم. وقد استخدمت الوكالة في الحسابات التي أجرتها جميع أشكال الطاقة مثل النفط الخام والطاقة النووية والفحم والغاز الطبيعي والمصادر المتجددة. ومنذ 10 سنوات فحسب، لم يكن إجمالي استهلاك الصين من الطاقة إلا نصف إجمالي استهلاك الولايات المتحدة، ويلقي هذا الضوء على السرعة الاستثنائية للتقدم الاقتصادي الذي تشهده الصين، وعلى مدى أهمية الصين كعامل في تحديد تكاليف مختلف مصادر الطاقة.
وفيما يتعلق بالطلب على النفط الخام، فما زالت الولايات المتحدة في المقدمة؛ إذْ أنها تستهلك في المتوسط 19 مليون برميل يوميا مقارنة بعدد 9.2 مليون برميل للصين يوميا. ويعتمد إنتاج الطاقة في الصين بدرجة كبيرة على الفحم الذي يمثل 80 في المائة من إنتاجها. ومع ذلك فإن الطلب الصيني على النفط ارتفع إلى مستوى قياسي جديد في شهر يونيو الماضي، وهو الآن أعلى بنسبة 10 في المائة عن مستواه في مثل هذا الوقت من العام الماضي.
وقد دخل النفط الخام في تعاملات الصيف الهادئة ضمن نطاق ضيق نسبيا، متخذا اتجاهه بالدرجة الأولى من الأسواق الخارجية مثل سوقي الدولار والأسهم، كما كان للقصة الصينية سالفة الذكر بعض الأثر الإيجابي.
في هذه الأثناء، ارتفع مخزون النفط الخام في الولايات المتحدة فجأة الأسبوع الماضي، مما زاد الشكوك حول حدوث تعافٍ في الاستهلاك. فقد ارتفع المخزون في مدينة كوشينج، التي تمثل مركز تسليم بورصة نيويورك التجارية (نايمكس)، إلى مستوى 37.1 مليون برميل، أي أقل بعدد 1 مليون برميل عن الرقم القياسي المسجل سابقا في مايو والبالغ 37.9 مليون برميل. كما ارتفع مجددا الطلب على ناقلات النفط الخام الكبيرة جدا بعد أن أدى الفائض الذي حدث مؤخرا في السعة الطنية إلى وضع أسعار الإيجار تحت الضغوط. وما زالت الشركات المشغلة للناقلات العملاقة تشكو من تحقيق ربح ضئيل أو عدم تحقيق ربح على الإطلاق في ظل الأسعار الحالية المنخفضة.
وقد قضى الآن النفط الخام الأسبوعين الماضيين في تعاملات متأرجحة فيما ظل مركز المضاربة الطويل صغيراً نوعا ما عند مستوى 35 ألف، وهو ما يمثل تغيرا طفيفا عن الـ130 ألف مجموعة التي رأيناها قبل تصفية المراكز الطويلة خلال شهر مايو. و لم يكن لتراجع سعر صرف الدولار بنسبة 7 في المائة خلال الأسبوعين الماضيين أي أثر إيجابي كبير على الأسعار، مما ترك بعض الشك بشأن قدرة السوق على التحرك فوق مستوى 81 دولار أمريكي للبرميل بكثير على المدى القريب.
العاصفة المدارية الثانية هذا الموسم والمسماة بوني في طريقها الآن إلى خليج المكسيك بعد عبورها جزر فلوريدا كيز، مما أدى إلى تأجيل محاولة شركة بي بي للنفط سد بئر ماكاندو المنفجرة التابعة لها لمدة أسبوعين على الأقل؛ إذ أن السفن التي تعمل على حفر بئر النجدة سوف تضطر إلى الابتعاد خلال هذه المدة. ومن المتوقع أن تصل العاصفة إلى الموقع يوم السبت وسوف تتم مراقبة أي ارتفاع في شدتها مراقبة دقيقة.
 
أما الدعم فهو تحت مستوى 75 دولارا أمريكيا للبرميل تماما يليه مستوى 72.5 دولارا أمريكيا للبرميل، في حين أن المقاومة يمكن أن نجدها عند 80.9 دولارا أمريكيا للبرميل. وهذا يمثل تصحيحاً بنسبة 50 في المائة للبيع المكثف الذي شهده عقد النفط الخام وسيط غرب تكساس تسليم سبتمبر في مايو الماضي فيما بين 92.18 دولارا أمريكيا للبرميل و69.62 دولارا أمريكيا للبرميل.
يواصل الذهب تعاملاته بالقرب من مستوى 1200 دولار أمريكي للأوقية بعد أن شهد بعض جني الأرباح خلال الأسبوع الماضي، وهو ما دفع الأسعار في مرحلة ما إلى الانخفاض إلى مستوى 1175 دولارا أمريكيا للأوقية، وهو ما يمثل دعم خط الاتجاه من القاع الذي بلغه المعدن الأصفر في عام 2008. ويواصل مركز المضاربة الطويل انخفاضه بالتوافق مع التحركات السعرية الضعيفة، وقد شهد هذا الأسبوع أول انخفاض ضئيل منذ عدة أشهر في كمية الذهب المستثمرة في صناديق الذهب المتداولة في البورصة.
ويبدو معظم المستثمرين مستعدين للبقاء لحين انتهاء هذه الحركة التصحيحية متمسكين بمراكزهم. وحده التحرك المستدام رجوعا إلى دون المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم عند مستوى 1146 دولارا أمريكيا للأوقية يمكنه أن يحفز جولة أكثر من تصفية المراكز الطويلة. أما المقاومة فيمكن أن نجدها عند مستوى 1225 دولارا أمريكيا للأوقية يليه مستوى 1250 دولارا أمريكيا للأوقية.
 
أهاجت عناوين الأخبار الواردة من سوق الكاكاو لدينا ذكريات فيلم عام 1983 "أماكن المتاجرة" (Trading places)، الذي يتحدث عن قيام رجلين باحتكار سوق عصير البرتقال وتحطيم الأخوين دوك في هذه الأثناء. فهناك صندوق تحوط لندني اسمه أرماجارو متخصص في الكاكاو والبن استلم رقما مذهلا يبلغ 240 ألف طن من الكاكاو من بورصة لندن للعقود الآجلة، وقد أحدثت هذه العملية جلبة في السوق باعتبارها تساوي 7 في المائة من الإنتاج العالمي السنوي وتمثل أكبر عملية استلام من بورصة لندن المالية الدولية للعقود المستقبلية وعقود الخيارات منذ عام 1996.
وقد راكم السيد أنتوني وارد، الملقّب بـ"إصبع الشيكولاتة" بسبب سجله السابق كلاعب رئيسي في سوق الكاكاو بلندن، من خلال صندوق التحوط مركزا هائلا في عقد يوليو الآجل، وعندما أدركت السوق أن هذا المركز لن يتم إغلاقه أو تجديده للشهر التالي، أدى التدافع المسعور على تغطية المراكز التحوطية القصيرة إلى رفع الأسعار. وقد استقر عقد الكاكاو تسليم شهر يوليو عند مستوى 2600 جنيه إسترليني للطن، وهو أعلى مستوى تبلغه هذه السلعة منذ 33 سنة، وذلك بعد أن ارتفعت بنسبة 25 في المائة منذ شهر أبريل.
ويمكن أن نجد السبب وراء هذا التحرك في التوقعات الأساسية للكاكاو في ظل العجز الذي شهدته السوق على مدى السنوات الأربع الماضية في خضم المخاوف من التراجع في إنتاج ساحل العاج التي تستحوذ على 40 في المائة من الإنتاج العالمي.
المستقبل وحده هو الذي سيرينا إن كان السيد وارد سينجح أم أنه تحمل ما لا يطيق. وقد تكبد حتى الآن 80 مليون جنيه إسترليني خسائر ورقية نتيجة سعر التسوية يوم الجمعة الماضي. وقد جاء هذا من بيع تصفية بنسبة 8 في المائة منذ ذلك الحين وحقيقة أن شهر التسليم القريب الجديد سبتمبر تم التعامل فيه بالفعل بالخصم مقابل شهر يوليو. وتظهر خريطة تتمّة شهر التسليم القريب أدناه أن السعر كسر نطاق المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم عند مستوى 2272 دولارا أمريكيا، مما تركه عرضة لاحتمال تكبد مزيد من الخسائر.
 
الأسواق الأخرى باختصار
شهد النحاس أفضل أسبوع له منذ 5 أشهر على خلفية التقارير الخاصة بالمشتريات الصينية والمخزون المتضائل بسبب انخفاض الإنتاج في أكبر دول في العالم في تعدين النحاس. ونحن نوصي المستثمرين بترقب الدعم عند مستوى 307 دولار أمريكي لعقد النحاس عالي الجودة تسليم شهر سبتمبر والمقاومة عند مستوى 320 دولارا أمريكيا ومستوى 325 دولارا أمريكيا.
ارتفع سعر القمح بنسبة 26 في المائة خلال الشهر الماضي على خلفية أسوأ موجة جفاف تشهدها روسيا، ثالث أكبر مصدّر للقمح في العالم، منذ قرن من الزمان. وقد تم تخفيض تقديرات الإنتاج بمقدار 5 ملايين طن ومن المتوقع إجراء تخفيضات أخرى، مما يعرض الصادرات للخطر وبالتالي يدعم الأسعار في بورصة شيكاغو. وفوق مستوى 6 دولار أمريكي للبوشل لعقد بورصة مجلس شيكاغو للتجارة تسليم شهر سبتمبر، نوصي بترقب المقاومة عند مستوى 6.10 يليه مستوى 6.40 دولار أمريكي للبوشل.
من الممكن أن يكون سعر الأرز على حافة التعافي بعد أكبر بيع تصفية بلا هوادة شهدناه حتى الآن في عام 2010. وقد تم إيقاف المتعاملين خارج المراكز الطويلة وهم الآن محايدون وفقا للتقرير الأسبوعي الصادر عن لجنة المتاجرة في عقود السلع الآجلة الأمريكية. وسوف تؤدي السيول وتفشي الحشرات في الصين إلى تقليص الناتج في حين أن الأمطار الموسمية في الهند تأخرت في سهل الغانج الذي يزرع 30 في المائة من محصول الأرز الهندي. والتحرك فوق مستوى 10.20 دولار أمريكي للهندردويت هذا الأسبوع فتح الباب أما تحرك أولي إلى مستوى 10.46 دولار أمريكي للهندردويت يليه مستوى 11.13 دولار أمريكي للهندردويت.